الخدمات الطبية الطارئة.. الحلقة المفقودة في النظام الصحي العراقي

الخدمات الطبية الطارئة.. الحلقة المفقودة في النظام الصحي العراقي

ا.د. محمد العبيدي

2021-11-26T09:35:33+00:00

لا يخفى عليكم أنه نظراً لإرتفاع معدل حالات الطوارئ في العراق لأسباب نعرفها جميعاً، فلابد من إيلاء المزيد من الإهتمام للتغلب على النقص الكبير جداً (أو غير الموجود أساساً) في الخدمات الطبية الطارئة (الإسعافات) التي تعتبر التخصص الأكثر ندرة في الشرق الأوسط والحلقة الأضعف في النظام الصحي العربي وخاصة في العراق.

يعتبر أخصائي طب الطوارئ (المسعف) Paramedic أعلى وأهم مستوى لمقدم الرعاية الطبية الطارئة وهو الذي يقود فريق الرعاية الطبية الطارئة قبل المستشفى حيث مهمته الأساسية هي تقديم الرعاية الطبية الطارئة خارج المستشفى. وهو يعتبر أيضاً حلقة هامة في سلسلة الرعاية المتصلة إضافة إلى أنه مؤهل للقيام بالفحص الطبي والتشخيص والعلاج ولديه القدرة لإعطاء الكثير من الأدوية للأمراض والحالات الطارئة، كما أنه يستطيع أيضاً إجراء بعض العمليات السريعة لإنقاذ المصابين في مواقع الإصابة وأثناء النقل.

يعتبر المسـعف جزءا من منظومة الرعاية الصحيـة المتكاملة، فهو الحلقة الأهم والنقطة المفصلية في تحول وضع الحالة الصحية للمريض أو المصاب. حيث أنه مع تقديم رعاية صحية اولية اسعافية جيدة ستقل نسبة مضاعفات ومخاطر المرض أو الإصابة بشكل كبير متى ما تم التعامل مع الحالة بشكل طبي ومهني.

والمسعف هو الشخص الذي يقوم بتقديم الإسعافات الأولية والعناية بالمصاب أو من تعرض لحالة مرضية مفاجئة، بشرط أن يكون مؤهلاً للقيام بهذا العمل بحصوله على التدريب المناسب بالمراكز الصحية المتخصصة ولديه المعلومات التي تمكنه من تقديم الإسعافات الأولية للمصاب أو المريض بشكل صحيح لإنقاذ حياته .

تعتبر الخدمات الطبية الطارئة الحلقة الأضعف في النظام الصحي العربي، والعراقي بشكل خاص. ونظرا للأهمية القصوى لهذا الموضوع فإنه من الأهمية بمكان التعرف على مفاهيم هذه الخدمة كونها الحلقة الحرجة في سلسلة نظام العناية الطبية الفائقة. وحيث أن أهم حلقات هذه الخدمة هي السرعة والفعالية والتي تعتمد على الوصول المبكر لموقع المصاب، والإنعاش القلبي الرئوي المبكر، والصدمة الكهربائية المبكرة، والعناية الفائقة المبكرة.

ولهذا يجب على وزارة الصحة التنسيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على إستحداث فروع متخصصة بتدريس الخدمات الطبية الطارئة التي لا تتوفر حالياً في العراق وكما هو معمول به في معظم دول العالم، وفي الكثير من الدول العربية خاصة، لكي يفي خريجوها بحاجة العراق لمثل هذا التخصص المهني الطبي المهم.

ومن حرصي على الوطن وأبناءه فقد حاولت عدة مرات خلال السنوات القليلة الماضية الإتصال بمسؤولين في هيئة التعليم التقني وعرضت عليهم آرائي ومساعدتي بتنفيذ هذا المقترح فأجابوني أنه قد تم رفع مقترحي إلى قطاعيات الاختصاصات الطبية في الهيئة على مستوى المعاهد والكليات التقنية لدراسة المقترح وكيفية توضيفه ليكون أحد الاقسام في معاهدهم أو كلياتهم، ولكن يبدو أن الموضوع قد وضع على الرف ولم يعره أحد أي إهتمام، ولحد الآن.

كما وكتبت إلى السيد الوكيل الإدارى لوزير الصحة حول نفس الموضوع وكانت إجابتهم " فيما يخص استحداث فروع متخصصة في المعاهد والكليات في المحافظات العراقية لتدريس الخدمات الطبية الطارئة (الاسعاف) فقد اعتذرت وزارة التعليم العالي/ هيئة التعليم التقني عن امكانية استحداث قسم مسعفين متخصصين في المعاهد الطبية التقنية لعدم توفر ضوابط وشروط الاستحداث وتسعى الهيئة مستقبلا الى توفير الملاك التدريسي."

وحيث أن الأمر يحتاج لدعم وزارة الصحة ولجنة الصحة والبيئة في البرلمان، فأنا أكتب لهم من على صفحات جريدة الزمان هذا المقترح من أجل دعمه وأنا على إستعداد لممارسة دوري الإنساني في إستحداث هذا النوع من الدراسة الأكاديمية لهذا الإختصاص الطبي المهم، حيث إتصلت بأرقى الجامعات البريطانية التي تدرس هذا الإختصاص وعددها 13 جامعة، وأبدت معظمها التعاون مع هيئة التعليم التقني من أجل وضع المناهج الخاصة بتدريس هذا الإختصاص سواء النظرية منها أو العملية.

إنه من المعيب أن نرى العراق الذي تمتع دائما بخدماته الطبية المتميزة لما فيه من كادر طبي شهد له القاصي والداني، نقول من المعيب ان نرى العراق خاليا من دراسة اكاديمية لواحدة من أهم الإختصاصات الطبية المهنية في حين يتوفر هذا الإختصاص في معظم دول المنطقة. لقد حان الآن التفكير جديا بإستحداث دراسة اكاديمية للخدمات الطبية الطارئة (المسعف) ووفق أحدث الطرق المهنية المعروفة عالميا والتي تدرس في العديد من الجامعات. إنه من المؤلم حقاً أن نرى الكثير الجامعات في الدول العربية ودول الجوار لديها هذا الإختصاص بإستثناء العراق الذي هو بأمس الحاجة إليه.

تعتبر الخدمات الطبية الطارئة هي الحلقة الأضعف في النظام الصحي العربي، والعراقي بشكل خاص. ونظرا للأهمية القصوى لهذا الموضوع فإنه من الأهمية بمكان التعرف على مفاهيم هذه الخدمة. كما هي الحلقة الحرجة في سلسلة نظام العناية الفائقة. وحيث أن أهم حلقات هذه الخدمة هي السرعة والفعالية والتي تعتمد على الوصول المبكر لموقع المصاب، والإنعاش القلبي الرئوي المبكر، والصدمة الكهربائية المبكرة، والعناية الفائقة المبكرة.

وختاما هذا ما يؤمن به المسعف: حين يكون المسعف اول من يخطر ببال المصاب "نعم انا مسعف"، وحين تكون مرحلة ماقبل المستشفى اهم مرحلة ويكون المسعف مسؤولاً عنها "نعم انا مسعف"، وحين يمنع المسعف –بعد مشيئة الله – وفاة الاب ويعيد الفرحه لابناءه "نعم انا مسعف"، وحين ينقل المسعف شاباً تعرض لحادث الى المستشفى بطريقة سليمة ويكون له الفضل –بعد الله – في عدم اصابته بالشلل واكمال حياته بصورة طبيعية "نعم انا مسعف"، وحين يكون المسعف خارج عمله ويصادف من يحتاج المساعدة في الطريق او في اي مكان ولا يتقاضى على مساعدته اي مقابل "نعم انا مسعف"، وحين يدخل المسعف منازل الآخرين ويكون محل ثقة ومؤتمناً على أسرارهم "نعم انا مسعف"، وحين يقال للمسعف "جزاك الله خيرا"، فلا أجد سوى الفخر عندما أقول "انا مسعف".

  

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon