في الشهر الوردي.. خطوة صغيرة تنقذ حياة النساء

في الشهر الوردي.. خطوة صغيرة تنقذ حياة النساء
2025-10-23T13:49:58+00:00

شفق نيوز- بغداد

شعرت المواطنة (س ع) البالغة من العمر 35 عاماً، بوخزة في ثديها الأيسر وإفرازات لم تكن مألوفة لها، وذلك في عام 2023، ما جعلها تتوجس خوفاً من ذلك وتوجهت إلى أقرب مستشفى حكومي يتوفر فيه فحص سرطان الثدي، وما إن وصلت حتى بادرتها الموظفة التي قطعت لها تذكرة الفحص الطبي، بسؤال أرعبها: "هل لديك وراثة أو سبق لإحدى قريباتك الإصابة بسرطان الثدي؟"

وتستذكر (س ع) تلك الأيام وكيف شعرت بالذعر وبدأت تسترجع بصعوبة قريباتها. ولم تتأخر بالرد على سؤال الموظفة في المستشفى، إذ قالت بثقة "لا ليس لدينا وراثة".

(س ع) التي تحفظت على ذكر اسمها، تقول لوكالة شفق نيوز، في استرجاع تلك الواقعة التي أثرت على حياتها، بأنها توجهت بعد ذلك إلى وحدة الفحص وجلست تنتظر دورها، وما أن نودي عليها حتى دخلت، ووضعتها الطبيبة في غرفة لايتجاوز عرضها مترين، وكررت عليها ذات السؤال المتعلق الوراثة، معربة عن أسفها للمريضة بعد أن عثرت على الكتلة في الثدي، وقالت "حرامات مازلت صغيرة".

لكن الطبيبة سرعان ماتداركت الموقف وقالت لها: (لا تقلقي من المحتمل أن يكون هذا الورم حميداً).

خضعت (س ع)، بعد ذلك، بحسب ما تسرده عن مرضها، إلى عملية استئصال الثدي وسلسلة من العلاجات الكيماوية والهرمونية، وتمكنت من مقاومة المرض مدة سنتين كاملتين، وساعدها على الشفاء من سرطان الثدي الكشف المبكر عن المرض.

وتكمل ( س ع )، إن "رحلة الألم والقلق التي رافقت اصابتي بهذا المرض الخبيث لاتوصف".

وتضيف: "ساعدني الكشف المبكر عن المرض والسرعة في استئصال المرض وصمودي أمام العلاجات الكيمياوية على التعافي من سرطان الثدي الذي أودى بحياة كثيرات"، مؤكدة، أنها "كنت طوال فترة المرض أتحلى بالصبر والأمل واتضرع الى الله في الشفاء من المرض".

وتشير إلى أن "حالتي المادية الجيدة كانت أحد أسباب الشفاء، إذ تم إجراء عملية استئصال الورم لي سريعاً في إحدى المستشفيات الأهلية، وكنت أشتري العلاجات الكيمياوية بدلاً من انتظارها لفترات طويلة في المستشفيات العامة وقد لا أحصل عليها".

وبسبب خطورة هذا المرض وتفشيه بين النساء، انطلقت أول حملة منظمة للتوعية بسرطان الثدي عام 1985، بالشراكة بين جمعية السرطان الأمريكية (American Cancer Society) وشركة الأدوية AstraZeneca، بهدف نشر الوعي بأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي، لأن ذلك يزيد من فرص الشفاء بشكل كبير.

ويعد شهر تشرين الأول/أكتوبر هو الشهر الوردي العالمي المخصص للتوعية بسرطان الثدي، إذ يتم خلالها تنظيم حملات وفعاليات في مختلف أنحاء العراق لزيادة الوعي بأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي، يشمل إجراء الفحوصات الدورية والفحص الذاتي، وتقديم الدعم والتثقيف حول المرض وطرق الوقاية منه.

ويعتبر الشريط الوردي هو (رمز الشهر الوردي) حيث ظهر عام 1991م، بعد أن استخدمت هذا الشريط مؤسسة سوزان كومن التي وزعت أشرطة وردية على المشاركات في سباق خيري لمكافحة سرطان الثدي بمدينة نيويورك، وأصبح بعدها، اللون الوردي الرمز العالمي للأمل والدعم والتضامن مع النساء المصابات.

وفي حالة أخرى، فقد تحدت فاطمة عبد الله (46 عاماً) المرض وانتصرت عليه بعد رحلة علاج دامت ثلاث سنوات، حيث أكدت أن "الفحص المبكر هو الذي عاد فتح حياة جديدة لي".

وتزيد فاطمة بالقول لوكالة شفق نيوز، إن "رحلتي مع العلاج لم تكن سهلة، خاصة جلسات العلاج الكيميائي التي أنهكت جسدي وأثّرت على مظهري، لكنني قررت أن أتعامل مع كل مرحلة كجزء من طريق الشفاء".

وتتابع: "كنت أردد دائماً أن الصبر والإيمان هما مفتاح التعافي. اليوم، عندما أنظر إلى تلك الفترة، أشعر بالفخر لأنني لم أستسلم".

في حين تؤكد الاخصائية النسائية نضال البغدادي، أن "سرطان الثدي يتكون نتيجة تزايد الخلايا عن الحد غير الطبيعي، وأن من الممكن أن ينتشر في أجزاء وأعضاء أخرى من الجسم".

وتضيف لوكالة شفق نيوز، أنه "لا توجد إحصائية دقيقة في العراق حول أعداد المصابات بسرطان الثدي"، مشيرة في ذات الوقت إلى أن "نسبة الإصابات عالية في العراق".

 وتبين البغدادي، أن "من بين كل 8 نساء توجد إصابة واحدة، ولاحظنا في العيادات الخاصة ووحدة العناية بالثدي ووحدة الأورام، أنه لا يوجد عمر مستثنى من الإصابة بهذا المرض الذي يشكل تزايداً في البلاد من دون أن تكون هناك أسباب واضحة لذلك".

وتلفت إلى أن "بعض العوامل التي تتسبب بالإصابة، ومنها السمنة المفرطة وعدم ممارسة الرياضة واستخدام بعض الأدوية بشكل غير مدروس، خاصة وأن بعض الدراسات العلمية تفضل عدم استخدام الأدوية الهرمونية دون استشارة طبيب".

وتشير إلى أن "أفضل فحوصات الكشف عن سرطان الثدي هو الماموجرام ويوجد فحص آخر بواسطة الدم وهذا الفحص متوفر بمدينتي السليمانية وأربيل"، مبينة ، أن "الفحص الذاتي يتضمن قيام الفتاة بفحص الثدي لتتاكد من شكله وحجمه وعدم وجود إفرازات أو اعوجاج وتكور، وتتحسس الابط والثدي بشكل كامل من الأعلى إلى الأسفل".

وتوضح البغدادي، أن "الوقاية من الإصابة بهذا المرض تكمن في الغذاء المتوازن والمشي وعدم تناول الأدوية دون استشارة طبيبة، إضافة إلى الرضاعة الطبيعية التي تعد مهمة للغاية في الحد من الإصابة".

وتسرد البغدادي تجربة قامت بها مع فريق طبي في أحد المراكز الصحية، وتوفرت من خلالها قاعدة بيانات.

تكمن هذه التجربة التي تم إجراؤها عام 2011، وفق البغدادي، بإحصاء عدد النساء فوق سن الأربعين في المنطقة التابعة للمركز الصحي، وبالاتفاق مع أحد مستشفيات الولادة.

وتكمل: "بلغت نسبة النساء المشاركات بهذه التجربة 20 بالمئة، واكتشفنا من خلال تلك التجربة، أن جميع النساء المشاركات يتخوفن من الكشف المبكر عن سرطان الثدي".

وتؤكد على "الحاجة إلى توفير قاعدة بيانات في المراكز الصحية حول أعداد النساء المصابات، من أجل تسهيل التوصل للكشف المبكر عن المرض". 

ويساعد التلوث البيئي في زيادة احتمالية الإصابة بأنواع مختلفة من السرطانات، وخاصة سرطان الثدي ما يدفع حسب مختصين، إلى أهمية التوعية الصحية والفحص الدوري لسرطان الثدي لتفادي الخطورة وسرعة الاستجابة للعلاج.

وتقول الناشطة في مرصد الدفاع عن حقوق المراة والطفل لينا علي، إن "خطر الإصابة بسرطان الثدي قائم عند النساء بمختلف الأعمار، وأن حملات التوعية بهذا المرض ضرورية جدا للحد من تفاقم المرض".

وتشدد في حديثها لوكالة شفق نيوز، على ضرورة أن "تكون حملات توعية منظمة تستمر مدة شهر كامل، يشارك بها الأطباء الاختصاص من أجل إيصال المعلومات الدقيقة عن هذا المرض وأعراضه، وأهمية أن تجري النساء فحوصات دورية للتأكد من سلامتها من الإصابة بهذا المرض، أو معالجته عبر الكشف المبكر عنه.

ومنذ تسعينات القرن الماضي، بدأ شهر أكتوبر يُعتمد رسمياً في العديد من الدول بوصفه الشهر العالمي للتوعية بسرطان الثدي الذي يشكل خطراً متزايداً على حياة النساء.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon