متقاعدون يبحثون عن عمل: رواتبنا لا تكفي والحياة مكلفة

متقاعدون يبحثون عن عمل: رواتبنا لا تكفي والحياة مكلفة

صادق الازرقي

2025-03-06T07:31:47+00:00

يتجه متقاعدون عراقيون ما ان يخرجوا من الوظيفة، الى البحث عن اعمال حرة في السوق، او عند عيادات الأطباء او في شركات خاصة، وحتى باعة جوالين، وغير ذلك.

اسباب عدة تدفع المتقاعدين للعمل في مهن أخرى بعد التقاعد، منها، الأوضاع المالية، فالراتب التقاعدي بحسب ما يقولون غير كاف لتغطية نفقات الحياة المتزايدة، فهم بحاجة إلى دخل إضافي لتلبية متطلبات أسرهم، و قد تكون هناك رغبة لدى البعض في تحسين مستواهم المعيشي.

وهناك أسباب اجتماعية ونفسية منها رغبة المتقاعدين في البقاء نشطين ومشاركين في المجتمع، والخروج من حالة الشعور بالفراغ والملل بعد التقاعد، كما ان من الأسباب، محاولة الحفاظ على الهوية المهنية والشعور بالإنجاز، و تجنب الشعور بالعزلة.

وبعض المتقاعدين الساعين الى العمل بعد ترك الوظيفة لديهم الرغبة في استغلال الخبرات والمهارات المكتسبة في سنوات العمل، و الإسهام في المجتمع وتقديم المساعدة للآخرين، وتأخير ظهور أعراض التقدم بالعمر.

وعادة، يذهب المتقاعدون للعمل في المهن الملائمة لكبار السن، وتعتمد تلك المهن على عدة عوامل، منها، الحالة الصحية والقدرات البدنية، و المهارات والخبرات المكتسبة، و الاهتمامات الشخصية، و المرونة في ساعات العمل.

ومن بين المهن الملائمة لكبار السن، العمل في بعض الشركات كمستشارين، باستغلال خبراتهم في تقديم الاستشارات في مجالات تخصصهم، وبخاصة لدى ذوي الشهادات العليا والجامعية، كما يمكنهم نقل خبراتهم ومهاراتهم إلى الأجيال الشابة بالتدريس والتدريب، وقد يعملون في مجال الخدمات، مثل خدمة العملاء أو مجال الضيافة.

كما يعمل قسم منهم في مجال الكتابة أو الترجمة أو التصميم، في المجالات الإعلامية المتنوعة، و يمكنهم الاسهام في العمل التطوعي المجتمعي بالعمل في المنظمات غير الربحية، كما يعملون في مجال الحرف اليدوية: مثل صناعة المجوهرات أو الخزف أو الأعمال الخشبية او تصليح الأدوات الكهربائية المنزلية، و في مجال الزراعة، مثل زراعة الحدائق أو تربية الحيوانات.

ويعمل كثير من المتقاعدين في مجال التجارة الإلكترونية باستغلال التقنية في مجال التجارة والتسويق، وتساعدهم على ذلك بعض التطورات الاقتصادية والتكنولوجية الحاصلة.

ويطرح بعض المتخصصين على للجهات المعنية ومراكز الخدمة والتنمية الاجتماعية والغرف التجارية، نصائح بالتوسع في مساعدة المتقاعدين عبر أكثر من وسيلة، ومنها توظيف مستشارين يعملون خططا، ويقدمون مشورات.

وفي العموم فان المهن الحرة الجديدة المناسبة للمتقاعد تتعلق بتقويم القدرات والمهارات والاهتمامات الشخصية، و البحث عن فرص عمل تتناسب مع الحالة الصحية والقدرات البدنية، و التفكير في المرونة في ساعات العمل وإمكانية العمل من المنزل، و التواصل مع الأصدقاء والعائلة والزملاء للحصول على المشورة والدعم؛ وكذلك تشمل التحقق من القوانين واللوائح المتعلقة بعمل المتقاعدين في البلد.

ويواجه المتقاعدون في العراق عديد المشكلات التي تؤثر على حياتهم اليومية، من أبرزها، تدني الرواتب التقاعدية، اذ يعاني كثير منهم من قلة الراتب وعدم كفايته لتغطية نفقات المعيشة الأساسية، بخاصة مع ارتفاع الأسعار وتراجع الأوضاع الاقتصادية؛ وتتأثر قيمة الرواتب التقاعدية بالتضخم، مما يجعلها تتآكل بمرور الوقت.

وفضلا عن ذلك تتواجد مشكلات صحية، اذ ان كبار السن بحاجة إلى رعاية صحية مستمرة، ولكن الخدمات الصحية في العراق تعاني من نقص في الموارد والتجهيزات، وهنا قد يواجه المتقاعدون صعوبة في الحصول على الأدوية والعلاجات المطلوبة.

اما المشكلات الاجتماعية، فتتعلق بشعور بعض المتقاعدين بالعزلة والفراغ بعد انتهاء مدة عملهم، و قد يواجهون صعوبة في التكيف مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية.

و المشكلات الإدارية، ترتبط بصعوبة الإجراءات الإدارية في الحصول على المستحقات، و تأخر في صرف الرواتب التقاعدية، كما يتعرضون الى صعوبة في مراجعة الدوائر المتعلقة باستحقاتهم التي لم تزل تعتمد الإجراءات الورقية.

وقد شكلت عملية تغيير قوانين التقاعد بشكل متكرر عامل قلق يؤثر على حقوق المتقاعدين، وادى تأخر التوصل الى قانون موحد للتقاعد الى تصاعد مشكلات ناجمة عن عدم شمول قوانين التقاعد بعض الفئات العاملة.

لقد سعت الحكومة العراقية إلى تحسين أوضاع المتقاعدين بزيادة الرواتب التقاعدية و محاولة توفير خدمات صحية أفضل، وهي تعمل على تطوير قوانين التقاعد بما يضمن حقوق المتقاعدين.

اما مطالب المتقاعدين الرئيسة التي اجمع عليها من استطلعنا آراءهم فتركزت بشأن ضرورة زيادة الرواتب التقاعدية بما يتناسب مع تكاليف المعيشة، و تحسين الخدمات الصحية المقدمة لهم، و توفير برامج اجتماعية وثقافية وترفيهية للمتقاعدين، و تطوير القوانين التقاعدية وتسهيل الإجراءات الإدارية عند المراجعة.

وفي لقاءات لنا مع متقاعدين عراقيين وجدوا طريقا الى العمل في مهن حرة، قال معظمهم ان السبب في ذلك هي عدم كفاية الراتب لتلبية متطلبات الاسرة، ويقول المتقاعد أبو احمد انه مع بداية الموسم الدراسي الحالي زادت متطلبات العائلة لدي وولد وبنت احدهما في السادس الاعدادي والأخرى في الجامعة وهم بحاجة الى المصاريف اليومية التي لا يؤمنها الراتب التقاعدي.

واردف بالقول ان امبير مولدة الشارع الذي دفعناه هذا الشهر بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء هو 15 الف دينار "وعائلتنا دفعت 75 الف دينار لخمسة أمبيرات و35 الف شهريا للإنترنت و10 الاف لسيارة تنظيف النفايات.. وصدقني ان راتبي لا يتعدى 400 الف دينار فكيف سنعيش؟"

ويقول متقاعد قال ان اسمه كفاح، انه تقاعد منذ مدة قصيرة وفوجئ بانخفاض راتبه التقاعدي عن راتب الوظيفة كثيرا فبحث عن عمل ووجده في عيادة مسائية بصفة كاتب مسجل لمراجعي الطبيب.

ولقد وجدنا لدى اثنين ممن استطلعنا آراءهم كعينة من اصل 10 انهم بحثوا عن مهن حرة بعد تقاعدهم ووجدوها بسبب الفراغ الذي اصبحوا يعيشونه بعد تقاعدهم وغياب اصدقائهم عن اللقاءات المباشرة بفعل الفيس بوك بحسب ما قالوا، وغياب المقاهي التي تشجع على لقاءات كبار السن وتوفر لهم أجواء هادئة بحسب تعبيرهم.

ويقول المتقاعد علي الرماحي، ان احد أبنائه اضطر لترك الدراسة والعمل في السوق أيضا بعد ان انخفض راتبه كثيرا بعد تقاعده.

وبحسب دوروثيا شميت-كلاو، مديرة فرع التوظيف وأسواق العمل والشباب بقسم السياسات التوظيفية بمنظمة العمل الدولية، انه في المتوسط، غالبا ما يعاني الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما أو أكثر من ظروف معيشية أسوأ من تلك التي يعيش فيها أفراد السكان الذين هم في سن العمل.

وتشير بالقول، أن البلدان النامية تشهد أعلى زيادة في نسبة فقر المسنين؛ ولكنها تستدرك، أن تقديرات منظمة العمل الدولية تظهر نتائج مشجعة للغاية، لاسيما بالنسبة لبلدان الشريحة الدنيا من الدخل المتوسط والبلدان منخفضة الدخل "فقد وجدنا أن تطبيق نظام معاش تقاعد إيجابي عام في تلك البلدان سيؤدي إلى زيادة متوسط إنتاجها المحلي بنسبة 14.8 في المئة في 10 سنوات، وإلى تقليل نسبة الفقر المدقع بها بواقع 6 في المئة".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon