المجلس السني والإطار الشيعي .. أين هو الإطار الكوردستاني؟
جلال شيخ علي
في الوقت الذي تشهد فيه الساحة السياسية العراقية بعد الانتخابات النيابية حراكًا متسارعًا نحو إعادة ترتيب الصفوف، تبرز نماذج واضحة على قدرة بعض المكونات على تجاوز خلافاتها وتوحيد رؤاها الاستراتيجية.
فالقوى السنية، رغم ما شهدته من انقسامات وصراعات داخلية في السنوات الماضية، استطاعت أن تتجاوز الكثير من تلك التباينات عبر تأسيس "المجلس السياسي الوطني"، كإطار جامع يعكس مصالحها ويمنحها ثقلاً تفاوضيًا في المشهد الوطني.
كذلك، فإن الإطار التنسيقي الشيعي، رغم تعدد أطرافه وتباين توجهاته، نجح في بناء استراتيجية موحدة، مكّنته من فرض حضوره في مفاصل القرار السياسي، والتأثير في مخرجات العملية السياسية.
في المقابل، تبدو القوى والأحزاب الكوردستانية وكأنها تسير عكس التيار، إذ لا تزال غارقة في انقساماتها، متباعدة في رؤاها، مترددة في صياغة موقف موحد، حتى في القضايا المصيرية التي تمس حاضر الإقليم ومستقبله.
هذا التشرذم لا يقتصر على التنافس الحزبي المشروع، بل يتعداه إلى حالة من الانغلاق السياسي، حيث ترفض بعض الأطراف تقديم أي تنازلات، ولو محدودة، من أجل بناء موقف كوردي موحد.
الأسوأ من ذلك، أن بعض هذه القوى باتت تفضل، عن وعي أو دون وعي، خدمة أجندات خصوم كوردستان، فقط من أجل تسجيل نقاط سياسية على حساب شركائها في البيت الكوردي.
إن غياب الرؤية المشتركة بين القوى الكوردستانية لا يضعف فقط موقف الإقليم في بغداد، بل يهدد أيضًا مكتسباته الدستورية والسياسية التي تحققت بعد عقود من النضال.
ففي الوقت الذي تتوحد فيه بقية المكونات حول مصالحها، وتدير خلافاتها ضمن أطر مؤسساتية، تبقى الأحزاب الكوردية عاجزة عن الاتفاق على الحد الأدنى من القواسم المشتركة، سواء في ما يتعلق بالانتخابات، أو إدارة الثروات، أو العلاقة مع الحكومة الاتحادية أو تشكيل حكومة الإقليم.
هذا الواقع يطرح تساؤلات جوهرية: إلى متى ستبقى بعض القوى الكوردستانية رهينة حساباتها الحزبية الضيقة؟ وهل تدرك أن استمرار الانقسام يفتح الباب واسعًا أمام الآخرين لفرض إرادتهم على الإقليم؟
وهل تملك هذه القوى الشجاعة السياسية لتغليب المصلحة العليا على المكاسب الفئوية؟ أم أن كوردستان ستدفع ثمن هذا التشرذم في لحظة لا تنفع فيها المراجعة ولا يجدي فيها الندم؟