نظرة بريطانية "متشائمة".. كوردستان ساحة لصراع تركي إيراني مرتقب

شفق
نيوز/ ذكر موقع "أمواج" البريطاني، يوم الاثنين، أن العراق معرض
لتداعيات كبيرة، في ظل سقوط النظام السوري و"انتصار تركيا" واحتمال لجوء
إيران إلى المناورة لإعادة بناء نفوذها الإقليمي بما في ذلك مع بعض القوى الكوردية
في العراق وسوريا، وهو ما قد يحول إقليم كوردستان إلى "ساحة حرجة"
لتصعيد في التنافس الكبير بين طهران وأنقرة على الصعد الدبلوماسية والاقتصادية
والأمنية، أو ساحة للوساطة والحوار الكوردي - الكوردي.
وأوضح
التقرير البريطاني الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "صناع السياسة الأتراك قد
يلجأون إلى محاولة دفع إيران نحو إعادة اصطفاف أكثر توازناً لصالحهم، خصوصاً في
العراق"، مشيراً إلى أن "موقف أنقرة من مصير الحشد الشعبي في العراق ما
يزال غير واضح في وقت هناك مطالب أمريكية بتفكيكه أو دمجه في القوات المسلحة
العراقية".
تركيا
والفصائل الشيعية
وذكر
التقرير أن "لتركيا علاقة معقدة ومتغيرة مع مجموعة من الفصائل المسلحة ذات
الأغلبية الشيعية ضمن وحدات الحشد الشعبي"، موضحاً أنه "برغم أن الرئيس
رجب طيب أردوغان وصف الحشد بأنه منظمة إرهابية في العام 2017، إلا أن رئيس هيئة
الحشد الشعبي فالح الفياض التقى بكبار المسؤولين في أنقرة، بل وشارك في مؤتمر
حزب العدالة والتنمية الحاكم في العام 2023".
وأضاف
أنه "بالنظر إلى أن جماعات تابعة للحشد الشعبي شنت في السابق هجمات على قواعد
تركية في شمال العراق، فإن هذا التحول، يمثل تغييراً جذرياً في العلاقات، من عداء
متبادل إلى تعاون إستراتيجي، حيث تبدلت نظرة أردوغان إلى الحشد الشعبي تدريجياً،
من كونها بمثابة عائق إستراتيجي إلى شريك متميز".
وذكرّ
التقرير بـ"الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وأنقرة في آذار/ مارس عام
2024 كتتويج لمبادرات دبلوماسية بين العاصمتين، وذلك في ظل تحول في إستراتيجية
تركيا في التعامل مع حزب العمال الكوردستاني"، لافتاً إلى أن "الاتفاقية
تمثل محوراً إستراتيجياً لتركيا، حيث يبدو أنها تحدد الأولوية لمواجهة حزب العمال
الكوردستاني على حساب احتواء إيران، وتقر بدور الحشد الشعبي باعتباره جهة فاعلة
شرعية تحت سلطة بغداد".
الحشد
الشعبي وتركيا
وأشار
إلى "الدفء الذي نشأ في علاقات بغداد - أنقرة وزيارة أردوغان التاريخية إلى
العراق في نيسان/ أبريل 2024"، مبيناً أنه "بما يتماشى مع الشراكة
المتزايدة مع بغداد، فإن أنقرة تتبع نهجاً مدروساً تجاه مستقبل الحشد الشعبي بحيث
لا يظهر أنها تتدخل في الشؤون العراقية، لحماية استثماراتها في السوق العراقية
القوية باعتبار أن أي عدم استقرار سياسي قد ينجم تغيير وضع الحشد الشعبي، يمكن أن
يكون له آثار غير مباشرة على المصالح التركية داخل هذا البلد".
وبعدما
رجح التقرير أن تسعى تركيا إلى البقاء خارج النقاش حول مصير الحشد الشعبي، نقل عن
مصدر دبلوماسي مطلع، قوله إن أنقرة تدعو إلى سيطرة الدولة على الجماعات المسلحة، وأنها
أوضحت لبغداد أن الحشد الشعبي يجب أن يبقى بعيداً عن سوريا، وأن ينأى بنفسه عن
التوترات بين إيران وإسرائيل.
مراجعة
البطاقة الرابحة الكوردية
واعتبر
التقرير أن "الانتكاسات العسكرية والإستراتيجية التي منيت بها إيران خلال
العام الماضي والتي كان أبرزها سقوط حليفها السوري، يمكن أن تقود إلى إعادة صياغة
الحسابات الأوسع، وتدفع إقليم كوردستان إلى الواجهة بقوة أكبر".
وأوضح
أنه "في ظل الوضع الحالي، فإن أنقرة وطهران تنظران إلى حزب العمال
الكوردستاني باعتبار أنه عدو مشترك بشكل كبير، وهما انخرطتا خلال السنوات الماضية
بتعاون كبير لمحاربة الفرع الجماعة في إيران، وهو حزب الحياة الحرة الكوردستاني
(بيجاك)".
ومع
ذلك، بين التقرير أن "الديناميكية معقدة، حيث أن تركيا تتهم طهران بدعم
مجموعات كوردية متحالفة مع حزب العمال الكوردستاني في أنحاء المنطقة المترابطة مع
بعضها كافة، بما في ذلك قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة في
شمال شرق سوريا، وحزب الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يتخذ من مدينة السليمانية
مقراً له، وحزب الحياة الحرة الكوردستاني في محافظة كوردستان في شمال غرب إيران".
أصابع
إيران
ونقل
التقرير عن المصدر الدبلوماسي المطلع، قوله إن "أنقرة تعتقد أن طهران ضالعة
في تنسيق واسع عبر الحدود بين هذه القوى الكوردية"، مضيفاً أن "صناع
القرار الأتراك يخشون من أن طهران قد ترد على المناورات التركية المفترضة في
سوريا، من خلال حشد حلفائها الإقليميين للعمل ضد المصالح التركية".
وذكرّ
التقرير بتصريح لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان في كانون الثاني/ يناير الماضي
قال فيه "ليس سراً إننا ندعو الدول كافة، الولايات المتحدة وروسيا وغيرها،
وليس إيران فقط، إلى عدم دعم حزب العمال الكوردستاني أو على الأقل عدم البقاء غير
مبالين".
كما
بين أن صحيفة تركية أشارت مؤخراً أيضاً إلى أن إيران وافقت على تزويد "وحدات
حماية الشعب" بـ1500 مسيرة انتحارية لمواجهة طموحات تركيا في سوريا.
لكن
التقرير لفت إلى أن "وزارة الخارجية الإيرانية رحبت أيضاً قبل أيام بدعوة
زعيم حزب العمال الكوردستاني عبد الله أوجلان إلى إلقاء السلاح"، مؤكداً أن
طهران تدعم "أي عملية تعزز الأمن في تركيا المجاورة".
وتابع
التقرير أنه في حال قامت إيران بتسليح وحدات حماية الشعب، فأنه من المؤكد أن ذلك
سيؤجج الخلاف القائم بين أنقرة والاتحاد الوطني الكوردستاني الذي وصفه التقرير بأنه
"حليف وثيق" لقوات سوريا الديمقراطية التي يعتقد بشكل كبير أنها تعمل
كقناة لنقل الأسلحة، وما يزيد الصورة تعقيداً هو أن التنسيق العسكري بين الاتحاد
الوطني الكوردستاني والكورد السوريين من شأنه أن يسلط ضغوطاً كبيرة على حلفاء أنقرة
في الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي يتخذ من أربيل مقراً له للرد على ذلك".
إقليم
كوردستان
وأضاف
أن "كل هذه العناصر تشير إلى أن إقليم كوردستان سيكون بشكل مرجح، مسرحاً مهماً
لأي تصعيد بين أنقرة وطهران".
وبحسب
التقرير فإن "تركيا التي أخذت بالاعتبار وضع النفوذ الإيراني، صعدت من
لعبتها الدبلوماسية في إقليم كوردستان"، مشيراً في هذا السياق إلى "زيارة
رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني إلى أنقرة لبحث التطورات الإقليمية، وأن هناك
تكهنات غير مؤكدة تفيد بأن مسؤولين من تركيا التقوا أيضاً بزعيم الاتحاد الوطني
الكوردستاني بافل طالباني في بغداد، وذلك ما يفيد بأن أنقرة ربما تسعى إلى سد فجوة
الانقسامات".
وذكر
التقرير أن "التحركات الدبلوماسية لتركيا هزت على ما يبدو الديناميكيات
السياسية الداخلية الراسخة في إقليم كوردستان"، كما أشار إلى "الاجتماع
النادر في 16 كانون الثاني/ يناير الماضي، الذي جمع المتنافسين بارزاني وطالباني
حول تشكيل الحكومة الجديدة، والذي يظهر استعداد طالباني إلى التعامل مع القضايا
المرتبطة بحزب العمال الكوردستاني وقوات سوريا الديمقراطية".
ونوه
أيضاً إلى أن "إغلاق الاتحاد الوطني الكوردستاني في كانون الثاني/ يناير
الماضي لأربعة مراكز ثقافية وإعلامية يعتقد أنها قريبة من حزب العمال الكوردستاني،
يمكن أن ينظر إليه على أنه مبادرة لرفع غصن الزيتون لكل من أنقرة والحزب
الديمقراطي الكوردستاني".
المسرح
الكوردي
ورأى
التقرير أن "قيام علاقات ودية بين الأحزاب الكوردية سيكون حتماً بمثابة نعمة
لجهود تركيا لإعادة بدء عملية السلام مع حزب العمال الكوردستاني، حيث أن أنقرة
تتطلع إلى الزعماء الكورد العراقيين باعتبارهم وسطاء محتملين لهذا الجهد".
وفي
هذا الإطار، بين التقرير أنه "بالإمكان النظر إلى اجتماع زعيم الحزب
الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني مع قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي
في أربيل في 16 كانون الثاني/ يناير الماضي على أنه اختبار محتمل لدور وساطة في
هذا السياق، ومحاولة استباق للنفوذ المحتمل الذي قد تسعى إيران إلى تحقيقه على
هذه العملية".
ووفقاً
للتقرير فإن "الهدف من المحادثات بين مسعود بارزاني ومظلوم عبدي، جزئياً هو
توضيح الموقف الكوردي العراقي فيما يتعلق بدمج قوات سوريا الديمقراطية في النظام
السياسي الجديد في سوريا، بالإضافة إلى تحقيق التوازن بين العلاقات المتعارضة أحياناً
كثيرة بين قوات سوريا الديمقراطية والأحزاب الكوردية المؤيدة للحزب الديمقراطي
الكوردستاني الناشطة في شمال شرق سوريا".
واعتبر
التقرير أن "هذه الدبلوماسية المكوكية المدعومة من تركيا، من جانب الحزب
الديمقراطي الكوردستاني تشير إلى أن التفاهمات الناشئة التي قد تقود إلى الحد من
النفوذ الإيراني، ربما تكون في طور التشكل".
وأوضح،
أن "تطوراً آخر في العلاقات الداخلية بين الكورد، يعتمد بشكل أساسي على
كيفية تطور الأحداث في سوريا، وخصوصاً فيما يتعلق بالمفاوضات القائمة بين قوات
سوريا الديمقراطية والسلطة الجديدة في دمشق لدمج قوات (قسد) في هياكل عسكرية
وطنية"، مضيفاً أنه "في حال نجحت هذه المفاوضات، وخصوصاً في حال ارتبطت
بالتوصل إلى اتفاق سلام بين أنقرة وحزب العمال الكوردستاني، فإن الترجيحات هي أن
تؤدي مثل هذه النتيجة إلى تحول جذري في الحسابات الجيوستراتيجية لكل الأطراف
المعنية".
وختم
التقرير البريطاني بالقول إنه من المؤكد أن "مثل هذا السيناريو من شأنه أن
يسحب ورقة كوردية قوية من الأيادي الإيرانية، إلا أنه في الوقت نفسه، قد يحقق
مخاوف أنقرة من انتقام إيران في حال لم يتم الحفاظ على التوازن الدقيق بين كل الأطراف".
وخلص
إلى القول إن "المناورات الأخيرة التي قامت بها أنقرة وطهران والأطراف
الكوردية الفاعلة، تشير إلى أن مستقبلاً جديداً وأكثر دبلوماسية قد يكون في متناول
اليد، في حال لعبت أوراقها بشكل جيد".
ترجمة
وكالة شفق نيوز