في عهد الكاظمي، إلى أين يمضي العراق؟

في عهد الكاظمي، إلى أين يمضي العراق؟

علي حسين فيلي

2020-10-02T12:52:59+00:00

علي حسين فيلي/ تشكلت البيئة السياسية والاجتماعية العراقية بشكل لا يمكن حل مشكلاتها عبر الإعلام، واللين الذي كان يواجه به في الأمس القريب مخترقو القانون يحتاج إلى موقف جريء وقرار شجاع ليحقق الهدف المنشود.

وعلى الرغم من هذا الوضع المعقد إلا أن مضمون برنامج حكومة السيد الكاظمي قد يبعث على الأمل خاصة أنه اكتسب دعما دولياً وداخلياً، لكن المشكلات في الشق الأخير أي الداخلية أكبر من مستوى ذلك الدعم الذي يغلب عليه الطابع السياسي والعسكري وليس الاقتصادي.

إن فهم رئيس الوزراء للسنوات التي تلت سقوط البعث، قد لا يدفعه إلى تبني سياسة الحذف، ولكن معظم الأطراف السياسية ليست على استعداد للتعاون مع رئيس بلا قوة ولا عشيرة ولا جناح مسلح! وحتى لا يرتجون عمرا طويلا لحكومة كهذه.

العراقيون يعلمون أن الكاظمي ليست بيده عصا سحرية، خاصة أنه لا يقاس بميزان الدين السياسي الذي يقوده إلى مقام خليفة، ولا يملك من السلطة ما يمكنه ليتحول إلى سلطان.

هو رئيس وزراء لحكومة تشكلت تحت خيمة التوافق وينتظر منها منطق القوة وليس قوة المنطق. في الحديث عن الأبعاد الوطنية، فإن الديمقراطية التوافقية، والانهيار الاقتصادي وتفكك نسيج المصالحة في المجتمع، تتسبب بتعقيد البرامج. كما ان هناك عددا من الأجيال في تاريخ هذا البلد محرومون منقطعون عن التفكير الصحيح والتصرف العصري ومشكلاتهم لا تحل بالتطرف في الإيمان او معاداة الدين والمذهب والقومية فقط.

عندما يتحدث الكاظمي بصراحة عن حاجات ورغبات الناس حتى من دون الاهتمام بموافقة ومصالح الأطراف السياسية، لا ندري لكم محطة قد يمضي أو أن يثق به الشارع المنتفض، على الرغم من أننا نعلم بأن الوقت ليس في صالح العراق وازمة الانتماء الوطني أكبر كثيرا من ان تستطيع حكومة ذات عمر غض وتعاني من عشرات المشكلات من معالجتها.

مثلا، في عهد المالكي جاء داعش وتشرد ملايين المواطنين، وفي عهد العبادي وصلت العلاقات بين الاقليم وبغداد لاسوأ مراحلها وفي عهد عبد المهدي تم قتل المئات من المتظاهرين! والكاظمي هو الذي يتحدث عن إحياء سياسة التفاهم والتعايش الحقيقي وليس الحرب، وقد يستطيع كسر الطريق المسدود لعدم حل المشكلات الداخلية. وهو في تصديه لازمات العراق في هذا الوقت ليس نوري السعيد ولا نوري المالكي، هو لا يمثل المرجعية وليس كورديا بالاصل ولا سنيا بالمذهب، ولكنه يستطيع ان يستفيد من التجربة وحسنات الانتماء الإنساني والوطني. وفريقه يستطيعون تنفيذ الواجب الأخلاقي والوطني الملقى على عاتقهم وان يقترحوا عليه الحلول الحقيقية، بخاصة فإن تجربة العمل في الإعلام ثم المخابرات علّمته ان الحوار بين الشر والخير لا معنى له.

ان امكانيات التسامح المجتمعي للشعب العراقي في هذه الظروف الامنية والاقتصادية مرتبكة وثقته بالسلطة ضعيفة والذي ضبط الوضع الحالي هو فقط "صلح مسلح". رئيس الوزراء يعرف ان في هذا البلد المتخم بالسلاح حتى ان تدخلت امريكا فيه عسكريا فان الفوضى لن تنتهي، وكذلك الانتخابات المنتظرة، فبدون حل المعضلات لن يتغير شيء من هذا الواقع المر. فهل يستطيع الكاظمي استرداد تلك الثقة بشكل فعلي؟! من الواضح ان التاريخ سيتحدث عن عهده هو الآخر.


Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon