علم كوردستان يرفع في غزة ويمنع في كركوك
جلال شيخ علي
في زمن تتداخل فيه الشعارات مع الأفعال، وتختلط فيه الإنسانية بخطط سياسية خبيثة، تبرز ظاهرة مثيرة للجدل وهي قيام مجاميع كوردية، تتبع لأحزاب إسلامية، بتقديم مساعدات إنسانية إلى أهل غزة، في مشهد يبدو للوهلة الأولى عملا نبيلاً وإنسانياً.
غير أن هذه المجاميع لا تكتفي بالفعل الإغاثي، بل تحرص على رفع علم كوردستان في شوارع غزة، وكأنها تسعى لتثبيت هوية سياسية في أرض منكوبة، لا تحتمل سوى راية واحدة: راية التضامن الإنساني.
مما لا شك فيه أن تقديم المساعدات عمل نبيل، بل هو من أسمى صور التعاطف الإنساني، خاصة حين يتعلق الأمر بشعب يعاني من الحصار والدمار.
لكن حين يتحول هذا الفعل إلى وسيلة لتمرير رسائل سياسية خبيثة أو إثبات وجود قومي في ساحة لا تحتمل التنافس الرمزي، فإن العمل يفقد جوهره الإنساني ويتحول إلى مؤامرة ضد القومية وضد تطلعاتها وأحلامها المشروعة .
وإذا كانت هذه المجاميع المتأسلمة تعتز بعلم كوردستان إلى هذا الحد، فلماذا لا ترفع هذا العلم في بغداد أو كركوك؟
لماذا لا تختبر مدى تقبّل "إخوتهم في الدين" لهذا الرمز في مدن عراقية ذات حساسية قومية وطائفية؟
هل غزة أصبحت ساحة آمنة لرفع الرايات التي لا يُسمح بها حتى في ساحات كرة القدم إذ يمنع على مشجعي الأندية الرياضية الكوردستانية رفع علمها؟
في ظل كل ذلك يبقى السؤال: هل باتت المساعدات الإنسانية وسيلة لتسويق الرسائل السياسية في وقت تغيب عن الساحة الفلسطينية اثنان وعشرون دولة عربية وعشرات الدول الإسلامية؟