رسالة الى السيّدين المالكي والسوداني

رسالة الى السيّدين المالكي والسوداني

محمد رؤوف محمد

2023-09-02T10:09:20+00:00

كثُرَ الكلام عن العراق وتأريخه وحضاراته القديمة، وكثُرَ الكلام عن أهله وشعبه وأحياناً عن شعوبه، وأخيراً حكمَ حزبُ البعث وقادته باسم سُنة العرب بدءاً بالانقلاب ومروراً ببعض المكتسبات وانتهاءً بالحرب مع الجيران وختاماً بعمليات الانفال والقصف الكيمياوي وتجفيف الاهوار مع أهلها ، وأخيراً جئنا بعد 2003 مروراً بالغُربة ثم بالمقاومة الممكنة ثم بمؤتمر واشنطن وبعده بمؤتمر لندن وأخيراً بمؤتمر صلاح الدين واتفقنا مع أمريكا والتحالف الدولي على إقامة وتأسيس عراقٍ جديدٍ ديمقراطي تعددي ، فمن أول يومٍ بعد تأسيس مجلس الحكم أحسّ الكورد والعرب السنة والتركمان والآشوريون بأن التشكيلة من حيث التوازن العددي تشير إلى فرض الإرادة عن طريق تسمية الأكثرية قبل البدء بالحكم وإرساء مؤسسات الدولة وتجديد ماهو واجبٌ تجديدهُ، وإصلاحِ ماهو واجبٌ إصلاحهُ، وقبل أن يكون هناك تِعداد وإحصاءٌ للمكونات العرقية أو المذهبية أو الطائفية ، هذه التسمية العملية للأكثرية وهذا الاجراء كان سابقاً لأوانه، وحكماً  لنتيجةٍ لم تبدأ مقدماتها في عمليةٍ ديمقراطية ، ولكن في النهاية تحمّل ممثلو الكورد والعرب السنة وباقي المكونات مسؤولية الإتفاق والمفاوضات والحوار من أجل الاستقرار والبدء بتأسيس العراق الجديد ، وبعد سنتين اتفقنا على دستور اتحاديٍّ دائمٍ جديد، ولكن لحد الآن أكثر مواده مجمَّدة ، واتفقنا على سلامٍ دائمٍ بيننا وسلام مع أمريكا حتى تنسحب في الوقت المناسب، ولكن المقاومات بدأت والحرب الطائفية أُشعِلت ، وصار العراق ساحةً لتصفية الحسابات الداخلية والاقليمية وأخيراً الدولية مع ظهور تنظيم داعش، فوصلنا الى نتائج لم يُحمَد عُقباها ..

 الآن وبعد مرور عشرين سنة فقَدنا الثقة بيننا ومعَ شعبنا، وصار التسامح والتعاون والتكافل مطلباً أساسياً بين القوى والمكونات بدلَ البناء والتكامل والتنمية وإرساء مؤسسات دولةٍ إقتصاديةٍ قوية، فكان واجباً علينا ألاّ نفكّر في شراء المعدات العسكرية الضخمة وعسكرة المجتمع وخلق البطالة المقنعة والمنافسة في تسليح الأُلوية الحزبية والشخصية، ولكن حدثت كلها وميزانية العراق تئِنُ تحتها والقطاعات الخدمية تنتظر الاسعافات الاولية في بلد النفط والغاز والثروات..

 أيها السيدان الكريمان اناشدكم كلاً من موقعه المسؤول وذات التأثير و أنتما أهل لذلك :

لا توجد مشكلة تحت سقف السماء من دون حل، ولا وجود للمستحيل مع الإرادة الحرة لحل أي قضيةٍ أو مشكلة أو تخطيط وعملٍ من أجل البناء وكسرِ جدار الظلم والفساد ، فشمّروا عن سواعد جهدكم وجهادكم وقرروا تصفية الموانع أمام بناء العراق الفدرالي المنشود وهو الوعد والعهد ( إنّ العهد كان مسؤولاً).

 وبناءً على هذه التذكرة والمقدمة أقترح:

أولاً: العمل بالدستور عملاً جدياً بدلَ أن نفكر في المراجعة فيه و لنتفق على المراجعة في الوقت المناسب وقد لا نحتاج الى المراجعة اذا حصل العدل وغاب الفساد والصراعات..

ثانياً: لا تسمحوا للتضييق على شعب إقليم كوردستان أكثر مما حصل ، فلا مبَرِّر لتأخير ميزانية الاقليم ورواتب الموظفين ، فنفط الاقليم الآن تحت تصرف وادارة بغداد فلنتفق على قانون النفط والغاز يراعي فيه الدستور والحقوق .

ثالثاً: تأسيس المجلس الاتحادي وهو مجلس دستوري يساعدنا لتيسير الامور وحل العقبات.

رابعاً: تشكيل الاقاليم الأخرى لتحقيق معنى الاتحادية والدستور الفدرالي، ولكي ينشغل كل إقليم ببناء وتأسيس إقليمه بناءً تنموياً إجتماعياً، ولتكُن العاصمة الاتحادية رقيباً على الجميع، وعيناً على الأموال والثروات حسب المعايير الدستورية والعلمية.

خامساً: ولنجعل من اربيل عاصمةً صيفيةً للعراق الاتحادي.

سادساً : ولنتفرغ بغداد لبناء:

- عاصمة تعود سمعتها التاريخية.

-تشرف على الاقاليم.

-تتفرغ للعلاقات الاقليمية والدولية حسب خارطة طريق، وترجع للعراق كامل سيادتها، وتنظّم علاقات متينة مع الجميع اقليمياً ودولياً.

- حماية العراق من الإنحياز للأطراف المتنازعة الإقليمية والدولية لأن العراق لا يتحمل أكثر مما يعانيه.

- مع الأسف مازال العراق يمرُّ بالمرحلة الانتقالية بعد عشرين عاماً، ولم تكتمل إعادة هيكلة الاقتصاد ولا البيئة القانونية المنبثقة من الدستور، لذلك على بغداد أن تركّز على نفسها لبناء العراق الحديث الذي اتفقنا على تأسيسه، وهو عهد أمام الله وذمّة الشعب في رقبتنا، والتأريخ لا يرحم والمسؤولية شرفٌ لمن يتحملها، والقيادة رؤيةٌ وقرارٌ وموقفٌ ومشورةٌ وحزمٌ ، والله الموفَق.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon