جبل شنگال الكوردستاني وصراع الأنظمة العراقية

جبل شنگال الكوردستاني وصراع الأنظمة العراقية

د. نايف كوردستاني

2021-04-14T14:37:10+00:00
جبل شنگال الكوردستاني وصراع الأنظمة العراقية عليها من قبل الجحوش والخرنگعية 

لو قمنا بتقليب صفحات التأريخ الكوردي الحقيقي لوجدنا أن الديانة الإيزيدية هي من الديانات الكوردية القديمة جدًا وكانت موجودة قبل دينيّ اليهودية والمسيحية في كوردستان ، ومن الطبيعي جدًا أن ترى كورديًا إيزيديًا ويهوديًا ومسيحيًا ومسلمًا فضلًا عن بقية الديانات الأخرى الموجودة في كوردستان .
وأغلب الإيزيدية هم موجودون ضمن جغرافية كوردستان والمناطق الجبلية ولغتهم الأم التي يتحدثون بها هي اللغة الكوردية ( اللهجة الكورمانجية - الشمالية -  ) وعبر التأريخ لم ينكروا أصلهم وانتماءهم القومي إلى كوردستان وجميع نصوصهم الدينية باللغة الكوردية وتحديدًا  ( اللهجة الكورمانجية - الشمالية-).
ومنذ أن دخلت الإيزيدية ضمن الاحتلال العثماني للمناطق الكوردستانية كانت تتعامل معهم من خلال المراسلات الرسمية بأنهم من القومية الكوردية وديانتهم إيزيدية ، وقد تعرض الإيزيديون إلى ( 34 ) حملة من حملات الإبادة الجماعية على يد السلطات العثمانية من سنة ( 1585م ) إلى سنة ( 1918 م ).
وما يقرب من ( 40 ) حملة من قبل المسلمين المتطرفين  ( العرب والكورد ) على مراحل مختلفة نتيجة تمسك الإيزيدية بديانتهم وانتمائهم القومي الكوردي .
ولم يتمتع الإيزيديون بأي حقوق أو امتيازات من حيث استحقاقهم للمناصب وتمثيلهم العادل في الحكومات العراقية المتعاقبة منذ أن أُسست أول حكومة عراقية حديثة في ( 23 آب 1921 ) وتتويج الملك فيصل بن حسين ملكًا على المملكة العراقية حتى سقوط نظام صدام الجمهوري وحقبة البعث في ( 9 نيسان 2003) .
وبعد سقوط نظام البعث أصبح كثير من الإيزيديين ( وزراء وپرلمانيين في المجلسين النواب العراقي والكوردستاني وأعضاء مجالس المحافظات لاسيما في محافظتي نينوى ودهوك ومديرين عامين ووكلاء للوزراء ومنحوا مناصب حكومية وحزبية أخرى ) من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني من حيث التمثيل السياسي وثقل كل حزب في كل منطقة كوردستانية  .
وقبل عام ( 2003 م ) كانت هناك مناصب للإيزيدية في إقليم كوردستان ولاسيما بعد انتفاضة آذار في عام ( 1991م ) بالحكومة الكوردستانية ولكن بعد عام ( 2003م ) أصبحت لهم مناصب أكثر في حين لم تمنحهم  الحكومات العراقية المتعاقبة أية مناصب في الدولة  العراقية.
وقد تعرضت شنگال إلى سلسلة من عمليات التعريب منذ عمليات الغزو العربي باسم الإسلام في سنة ( 16 هــ - 637م ) وأخذ التعريب على أشكال ومراحل مختلفة في شنگال سنتحدث عن أبرزها وأشدها إبان الاحتلال العثماني لكوردستان ، فقد شنَّ والي بغداد ( حسن پاشا ) أكبر حملة على الإيزيدية في شنگال بسنة ( 1715 م ) وقاوم الإيزيديون أكثر من ثلاث ساعات متواصلة ولكن سرعان ما ألحق الخسارة بهم ، ثُمَّ عيّن الشيخ ( محمد ذياب ) أحد شيوخ عشيرة ( الطي ) العربية الموالية للأستانة حاكمًا على شنگال لكي لتصبح منطقة تابعة إلى ولاية بغداد !
ووكلّت مهمة توطين العشائر العربية في شنگال إلى ( محمد الذياب ) من شيوخ عشيرة ( الطي ) العربية علمًا أن هذه العشيرة هي من أصول عربية ( يمينة ) نزحت من ( اليمن ) إلى  ( نَجْد )  قبل ( 500) سنة وبعد استقرارها فيها نزحت بعد ذلك إلى العراق .
ثم بعد ذلك اتفق العثمانيون مع قبيلة ( شَمَّر ) العربية ضد وجود الإيزيديين في جبل شنگال وقدمت السلطات العثمانية الدعم الكامل لقبيلة ( الشمر ) لكي يفرضوا سيطرتهم على الإيزيدية من أجل حماية مصالح الدولة العثمانية المحتلة في المنطقة إلا أنهم يستطيعوا فرض سيطرتهم بالكامل.
 وقبيلة ( الشمر ) من القبائل العربية التي جاءت من ( الحجاز ) إلى العراق من خلال دعم العثمانيين والعراقيين لهم فيما بعد وتوطينهم في المناطق الكوردستانية .
وخلال فترة حكم والي العراق مدحت پاشا ( 1869 - 1872 م) قام العثمانيون في حقبة ( مدحت پاشا ) بتوطين العشائر العربية الرحّالة في شنگال مثل : ( الشمّر و العنزة و الدليم وكعب ) .
وفي سنة ( 1892م ) كلّف السلطان ( عبدالحميد الثاني ) الفريق ( عمر وهبي پاشا  ) بمهمة تعريب منطقة شنگال وإسكان قبيلة الشمر فيها ولاسيما في الأراضي الصالحة للزراعة !
واستمرت عمليات التعريب في شنگال حتى بعد تشكيل أول حكومة عراقية في سنة ( 1921م ) إلى سقوط نظام البعث في سنة ( 2003 م )
وبعد انتكاسة ثورة أيلول المجيدة إثر اتفاقية الجزائر في ( 6 آذار 1975 ) جلب نظام البعث قسمًا من العشائر ( الجحيش والحديدية والمتيوت ) العربية إلى المناطق الكوردستانية الإيزيدية .
 لقد أصبحت منطقة شنگال من المناطق المستقطعة من كوردستان بعد سقوط نظام البعث والتي تعرف بالمادة الـــ ( 140 ) في الدستور العراقي لعام ( 2005م ) المصوّت عليه من قبل الشعب العراقي ، وقد حاول ساسة بغداد عرقلة هذه المادة بجميع الطرق إلا أن قرار المحكمة الاتحادية كان له كلمة الفصل وإنهاء الخلاف بشأنها للذين يقولون بأن المادة قد انتهت صلاحيتها إلا أنها مادة دستورية سارية المفعول إلى الآن !
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومات العراقية منذ سنة ( 2005م ) إلى سنة ( 2014م ) لم تجهز قوات الپيشمرگة بالأسلحة الثقيلة ولم تسلم رواتبهم وتجهزهم بالتجهيزات العسكرية وذلك لغرض إضعاف قوات الپيشمرگة في المناطق الكوردستانية خارج إدارة إقليم كوردستان بما فيها قضاء ( شنگال ) وكانت إيران تؤدي دورًا كبيرًا في تغذية الجماعات الإرهابية ماديًا وجلبهم إلى العراق منذ سقوط نظام البعث حتى يومنا هذا !
ومن العمليات الإرهابية المدبرة والمخطط لها في ( شنگال )  وذلك في ( 14 آب 2007 ) تعرضت ناحية ( تل عزير ) ومجمع ( سيبا شيخدري ) إلى تفجير إرهابي من خلال سيارة صهريج محملة بالوقود وثلاث شاحنات محملة بالمواد المفجرة وقد راح ضحية هذا العمل الإرهابي ( 796 ) شهيدًا و ( 1562) جريحًا من أجل زعزعة الوضع الأمني في شنگال وهروب أهلها منها إلى دول أوربية وإفراغ المدينة من سكانها وكانت هذه العملية الإرهابية ممهدة لسقوط المدينة  ! 
ثم سقطت مدينة الموصل في ( 10حزيران 2014 ) ثم تلتها المناطق السنية والمناطق الكوردستانية بيد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) وهروب الجيش العراقي من شنگال في (3 آب2014 ) تاركين الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة الأمريكية بيد تنظيم داعش الإرهابي ثم استخدمت تلك الأسلحة ضد مواطني المناطق المستقطعة من كوردستان ولاسيما ضد الإيزيديين وحدثت الإبادة الجماعية في ( 3 آب 2014 ) وكل هذا كان مخططًا له سابقًا وبحجة تحرير المناطق التي احتلت من قبل تنظيم داعش شكلت ميليشيات الحشد الشعبي والتي لا تختلف كثيرًا عن تنظيم داعش كون منبعهما واحدًا ودعمهما واحدًا وكذلك المنطلقات الأيدلوجية المختلفة والجهة التي تركهما واحدة !
اليوم مدينة شنگال الكوردستانية محتلة من قبل ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران مع وجود قوات الــ ( YBŞ ) و ( YJŞ) المنضويتان تحت أيدلوجية الحزب العمال الكوردستاني الــ ( PKK ) وقوات آسايش ( إيزيدخان ) التابعة لوحدات مقاومة شنگال الــ ( YBŞ ).
 وكذلك فوج ( لالش ) المنضوي تحت رأية ( كتائب الإمام علي ) المرتبطة بميليشيات الحشد الشعبي ، رواتبهم من بغداد وأوامرهم من قنديل وطهران !
اعتمد حزب البعث الصدامي على كثير من الجحوش الكورد ( المسلمين والإيزيديين ) لشق الصف الكوردي مقابل تقديم الدعم المالي ومنح بعض الامتيازات لهم وهنا سنتحدث عن بعض المرتزقة من الجحوش ( الإيزيدية ) وعلى رأسهم ( بايزيد إسماعيل چول بگ ) والذي وجّه كتابًا إلى رئيس الجمهورية ( عبدالسلام عارف ) عن طريق وزير الداخلية في ( 18 تشرين الأول 1964 ) وكان عنوان الكتاب هو ( دعم الدعوة العربية في بني أمية اليزيدية ) ومحاربة القومية الكوردية للإيزيدية في قضائي الشيخان وشنگال ثم افتتح ( المكتب الأموي ) في بغداد بشارع الرشيد وكانت السلطات العراقية تحرّض الكُتّاب ضدهم وأنهم فرقة منحرفة منشقة عن الإسلام وقوميتهم عربية !
وفي تعداد سنة ( 1977م ) سُجّل جميع الكورد الإيزيدية عربًا في سجلات الحكومات العراقية ، وقد أصبح ( المكتب الأموي ) محلًا للسخرية من قبل الإيزيديين والكورد بصورة عامة !
وقد أصدرت الحكومة البعثية في ( 9 أيار 1975 ) قرارًا يقضي بترحيل ( 160 ) قرية وإسكانهم في ( 12 ) مجمعًا قسريًا وإطلاق تسميات عربية ذات طابع عروبي قومي !
نحو : مجمع اليرموك ( بورك ) ومجمع القادسية ( دووهولا ) مجمع الأندلس ( گوهبەل ) مجمع حطين ( دووگرێ ) مجمع العروبة ( زۆر ئاڤا ) !
مراحل التعريب في مناطق الكورد الإيزيديين بشنگال : 
- تدمير القرى الإيزيدية .
- توطين العشائر العربية في المناطق الإيزيدية .
- تغيير الهوية القومية الإيزيدية من الكوردية إلى العربية .
- التهجير القسري للإيزيدية من قراهم إلى مجمعات وبأسماء عربية قومية بطابع بإسلامي !
- تشجيع العرب على الاستيطان في المناطق الإيزيدية من خلال دعمهم ماليًا وتوزيع الأراضي عليهم !
- منح كل عائلة عربية تقطن في المناطق الإيزيدية بشنگال والشيخان ودهوك مبلغًا ماليًا يقدر بــ ( 25000 ) ألف دينار !
- تغيير الأسماء الكوردية للقرى والمناطق الكوردية ومنها الإيزيدية إلى أسماء عربية !
على الرغم من كل هذه المحاولات لتعريب منطقة جبل شنگال إلا أن تلك المحاولات أخفقت لوجود الشرفاء الوطنيين فيها .
وبعد زوال نظام البعث في عام (2003م ) ظهرت مجموعات من الإيزيدية يحاولون المتاجرة بالإيزبدية من أجل المكاسب الشخصية فظهرت من عائلة ( معاوية إسماعيل چول بگ ) و ( بايزيد إسماعيل چول بگ ) وهما أولاد عم فكان لهذين العائلتين دور سلبي من حيث أفكارهم تجاه الإيزيدية فعلى سبيل المثال ( بايزيد ) صاحب ( المكتب الأموي ) في بغداد الذي دعا إلى عروبة الإيزيدية !
أما ابنته ( عروبة بايزيد ) فترى أن البحث في جذور الإيزيدية أمر متعب ومن أراد أن يعرف حقيقة الإيزيدية فسيتيه !
وابنته الأخرى ( عالية بايزيد ) فهي على منوال أبيها ترى بأن الإيزيدية من أصول عربية !
أما ( أمية معاوية ) وهو زوج ( عروبة بايزيد ) فيصرح بأنه أمير قومي إيزيدي ويرى الإيزيدية ليسوا عربًا أو كوردًا فهم قومية وديانة !
أما ( أنور معاوية ) فيرى أن الإيزيدية عرب أقحاح وأصولهم ترجع إلى يزيد بن معاوية !
وأما ( أزهر معاوية ) فميولاته نحو الحشد الشعبي الولائي ويريد تحويل الإيزيدية إلى المذهب الشيعي !
وجميع هؤلاء ليسوا أمراء ولم ينصبهم أحد أميرًا سوى مجموعة من المرتزقة مثلهم فهؤلاء يتلاعبون بالإيزيدية بحسب من يدفع لهم أكثر وهم عبارة عن كتلة من الحقد والكراهية تجاه إقليم كوردستان .
فهناك أطراف سياسية يستخدمون هؤلاء بحسب المصالح الإقليمية والحزبية وهم امتداد لسلسلة الجحوش السابقين وعلى نهجهم سائرون وهناك أطراف أخرى تحاول بشتى الوسائل إبعاد الإيزيدية عن كوردستان وعن القومية الكوردية ومسح هويتها الكوردايتية وتغيير وجهة جبل شنگال الكوردستانية إلى طريق السبايا وولاية الفقيه عن طريق بعض الجحوش ( الإيزيدية ) من الــ (YPŞ ) و ( YJŞ ) وآسايش إيزيدخان الذين يتلقون أوامرهم من حزب العمال الكوردستاني الـ ( PKK ) جناح القيادي ( جميل بايق ) العلوي الموالي لإيران والمقبول لدى المخابرات السورية .
وكذلك فوج ( لالش ) وهو يمثل جناح الـ ( PKK ) المرتبط بكتائب ( الإمام علي ) ضمن ميليشيات الحشد الشعبي فضلًا عن بعض ميليشيات أخرى في شنگال مثل حزب الله وعصائب أهل الحق !
وقد رأت بعض الجهات المعارضة لتطبيق اتفاقية شنگال بين أربيل وبغداد الاستعانة ببعض المرتزقة والجحوش ففتحت الباب للخرنگعية ( أمية معاوية ) و ( أزهر معاوية ) اللذان يريدان تشكيل فوج جديد من الإيزيدية بدعم مباشر من الميليشيات الموالية لولاية الفقيه كيف لا وأن ( أمية معاوية ) كان آمرًا لإحدى تشكيلات سرايا ( أبي فراس الحمداني ) في منطقة باعدرة في حقبة البعث البائد ويده ملطخة بدماء الشعب الكوردي !
في ألمانيا جميع رموز النازية محظورة وكل من يروج لها سيعاقب عليها وكذا الحال الفاشية الإيطالية وهي محظورة أيضًا في كثير من الدول الأوربية ولدينا قانون حظر حزب البعث المرقم  ( 32 ) في سنة ( 2016 ) إلا أنه لم يفعل بصورة دقيقة فكان كثير من الأصوات النشاز ونهيق الجحوش لا نسمعهما !
جبل شنگال سيبقى كوردستانيًا ولن يتغير هويتها القومية عن طريق جحوش الأمس واليوم ...
وأختم كلامي بسبقة إيزيدية
وا هات چارشەمبوا نیسانێ
 جوابێ بدەن کوردستانێ
 بلا قایم بکەن ئیمانێ
 شەرفەدین میرە ل دیوانێ 
 " ها قد حل يوم الأربعاء من نيسان ، أعطوا الجواب لكوردستان ، لكي يمتنوا الإيمان ، شرفدين أميرٌ في الديوان "
Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon