مقعد الكوتا الوحيد والأماني الكثيرة

مقعد الكوتا الوحيد والأماني الكثيرة
2025-11-01T10:29:19+00:00

علي حسين فيلي/ دائما ما ينظر إلى الطريق القويم ليس كمسار قصير، بل كآلية تحمي بها الحكومات - وفقا للقوانين ومبادئ الديمقراطية - حقوق وكرامة جميع المواطنين؛ والانتخابات العادلة والشاملة، وضمان العدالة تجاه الفئات المتضررة، تشكل ركائز هذا الإعتقاد.

فكل مقعد هو أداة لحماية الحقوق، ووسيلة للشرعية السياسية وتعزيز المشاركة المجتمعية؛ وتعد الكوتا في العراق وسيلة نافعة لضمان الحد الأدنى من التمثيل، لكنها وحدها لا تكفي ولا تحقق العدالة؛ فالكفاءة والعدالة الحقيقية تتطلبان إصلاحا شاملا، خاصة في وقت يحظى فيه عدد محدود من الأقليات بمقاعد الكوتا.

وإذ تحافظ مقاعد الكوتا على تواجد رمزي للأقليات، إلا أنّ تخصيصها بشكل غير شفاف، وسيطرة الأطراف التقليدية عليها، وعدم انسجامها مع نسب توزيع السكان، إلى جانب غياب العدالة، جعلها عديمة الفاعلية تقريبا، وهذا ما أسهم في تراجع مستوى التمثيل الحقيقي، وضعف الثقة السياسية، وأدى إلى إضعاف مكوّنات الفئات المتضررة.

يتكوّن البرلمان العراقي من 329 مقعدا خصص مقعد وحيد منها للفيليين وهو أمر غير منصف وغير متوازن، في الوقت نفسه، فإن غياب الأهداف والبرامج الواضحة، وانتشار الترشيحات الفردية العشوائية، يشكلان عاملا سلبيا لأي مكوّن متضرر؛ هذا الواقع يجعل فرص نجاح المرشحين الفيليين محدودة للغاية، كما أن المقاعد التي كان من المفترض أن تكون آلية لتحقيق المطالب العامة، تمنح في الغالب للمنافسين، مما يجعل طريق استعادة الحقوق أكثر تعقيدا.

فقد الكورد الفيليون في العملية السياسية مكانتهم ودورهم الفعّال بسبب مجموعة من العوامل البنيوية والظروف السياسية والاجتماعية وهيمنة القوى الأخرى، إضافة إلى ضعف جاهزيتهم وتنظيمهم الذاتي؛ ومن هنا تبرز الحاجة إلى حلّ شامل، قانوني وعملي يكمن في توحيد الأهداف من خلال توزيع عقلاني لقدرات المرشحين ضمن القوائم والاتجاهات المختلفة داخل الساحة السياسية. وإذا ما ترافقت هذه الجهود مع إرادة سياسية ورقابة مستقلة، يمكن حينها تحويل مفاهيم مثل المواطنة والفيدرالية من مجرد أدوات رمزية إلى آليات حقيقية لتحقيق العدالة.

من دون أخذ هذه العوامل بعين الاعتبار، لن يتمكّن الكورد الفيليون من الخروج من دائرة التهميش؛ ولا شكّ أن البقاء داخل أزمة الهوية - وهي أزمة عميقة ومتجذّرة - يشكّل سببا آخر لضعف جاهزيتنا ومشاركتنا الفاعلة في ساحات التغيير والانتخابات.

بعد مرور عقدين على سقوط البعث، تأتي الدورة السادسة من العملية الانتخابية بعد حصول الكورد الفيليين على تسعة مقاعد في جولات الاقتراع السابقة عبر التحالفات المتعددة في الانتخابات، ومن الضروري أن يكونوا الآن أكثر كفاءة وخبرة ووعيا، لأن إعادة بناء روح النجاح مرة أخرى تحتاج إلى حزمة متكاملة من الجهود السياسية والقانونية وبناء الثقة؛ لكن ما نراه الآن يبدو بعيدا جدا عن تطلعاتنا وآمالنا المنشودة.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon