تأثيرات الجفاف.. لغة الأرقام تكشف واقعاً "مأساوياً" يعيشه إقليم كوردستان زراعياً

تأثيرات الجفاف.. لغة الأرقام تكشف واقعاً "مأساوياً" يعيشه إقليم كوردستان زراعياً
2022-04-26T08:18:09+00:00

 

شفق نيوز / تعيش المدن العراقية وتحديداً إقليم كوردستان، خطراً حقيقياً على مستوى المياه يتمثل بانخفاض المناسيب النهرية بسبب قطعها من دول المنبع،وانخفاض المستويات القياسية لهطول الأمطار، وفيما يكشف مسؤولون عن واقع "صادم" وموسم جفاف مقبل مائياً وزراعياً إذا لم يتم تدارك هذه الازمة الحقيقية، توضح الأرقام نسب انخفاض المحاصيل وتحديداً القمح والصعوبات التي تواجه البشر والحيوانات على حد سواء، فيما تسعى الجهات الحكومية والبرلمانية الى وضع حلول قد تسهم في تغيير الوضع الحالي.

 الفلاح يواجه التحديات بنفسه

ويقول باقي محمد وهو فلاح من منطقة شهرزور، جنوب شرق السليمانية، لوكالة شفق نيوز إن "الجفاف وقلة الأمطار تسببا بانخفاض مستوى المياه المخصصة للزراعة، فالكثير من الفلاحين غادروا أراضيهم إلى مهن أخرى".

ويضيف أن "زراعة القمح في شهرزور تراجعت بنسبة 80 ٪، والآن الفلاحون يستغلون 10 ٪ من أراضيهم فقط لكي يستطيعوا ادامة مشاريعهم بكمية المياه المتوفرة.

وعن طرق مواجهة كارثة الجفاف يؤكد باقي أن "الفلاح وحده هو من يواجه تحديات الجفاف، فالطريق التي قد تكون متاحة امامه هي حفر الآبار الارتوازية لكن الجهات الحكومية تمنع حفرها، لهذا نلجأ إلى عمليات (التقطير) ومصاريفها كثيرة مقارنة بالطرق الاروائية الأخرى".

 الزراعة أكثر المتضررين من الجفاف

من جهته يقول رئيس منظمة الزراعة والبيئة بندى فريدون الجاف لوكالة شفق نيوز إن "القطاع الزراعي يعد أكثر القطاعات تضرراً من مشكلة الجفاف، خصوصاً بعد إقرار الحكومة العراقية حالة الجفاف بسبب قلة الأمطار من جهة، ومشكلة المياه مع دول الجوار من جهة أخرى".

ويضيف أن "الزراعة تعاني من جفاف جميع مصادر المياه، حتى كميات المياه في الآبار قلت بنسبة كبيرة وأكثر المتضررين من هذه المشكلة هو الفلاح والمنتج المحلي".

وعن الأمطار التي تساقطت في الأيام الأخيرة يوضح الجاف انها "لا تؤثر وغير نافعة بالمستوى المطلوب لأن الكثير من المحاصيل انتهى عمرها الافتراضي"، مرجعاً كثرة التحديات التي تواكب مواجهة التصحر إلى "اعتماد الزراعة في الإقليم الطرق البدائية التي لا تتلاءم وحجم الضرر الذي ألحقه الجفاف".

ويؤكد الجاف أن "القمح يعد من أكثر المحاصيل الزراعية تضرراً من الجفاف فقد تراجعت نسبة إنتاجه من (60 إلى 70) ٪ في كوردستان عموماً، بسبب عدم حصاد محصول في 75٪ من المناطق التي تعتمد على مياه الأمطار باستثناء بعض المناطق التي تعتمد على مصادر أخرى في عملية السقي"، مبيناً أن "الفلاحين في العراق أكثر تضرراً وذلك بسبب قلة الدعم الحكومي وعدم امتلاك الفلاح للوسائل الكافية لدعم الواقع الزراعي".

مطالبات بالتعويض

ويواجه ملف المياه في العراق بشكل عام، وإقليم كوردستان خاصة، تحديات وعراقيل كثيرة هذا العام بسبب قلة تساقط الأمطار، وعدم حسم ملف المياه الدولية مع دول الجوار فضلاً عن غياب الحلول الجذرية.

وبهذا الشأن تطالب لجنة الموارد المائية في برلمان إقليم كوردستان، بحسب بيان رئيسها عبد الستار مجيد، الحكومة العراقية بـ"تعويض المزارعين لتخفيف الأضرار التي تسببت بها قلة الأمطار ومشاريع دول المنبع إيران وتركيا"،

ويقول مجيد في البيان، إن "الإقليم يواجه جفافاً هذا العام، بسبب قلة هطول الأمطار في العديد من مناطق الإقليم".

وتبين اللجنة انها "قدمت إلى رئاسة برلمان إقليم كوردستان مسودة مشروع مهم، لكن للأسف تمت القراءة الأولى للمشروع دون إتمامها وتمريرها في قراءة ثانية".

ويهدف هذا المشروع المقترح، إلى "وضع صندوق لتعويض المزارعين المتضررين من الكوارث كالجفاف أو الفيضانات أو الحرائق".

بدوره يشير المدير العامة للسدود في الإقليم أكرم أحمد في تصريح تابعته شفق نيوز إن "إيران وتركيا تقومان بخزن المياه، ما ينعكس سلباً على مناسيب المياه في كوردستان والعراق وان البلدين أنجزا العديد من المشاريع والسدود على المياه التي تعبر إلى إقليم كوردستان، ما تسبب في مشكلة بملف المياه بالإقليم، وانخفاض مستوى التخزين في سدوده.

ويبين أن "الانخفاض يلقي بظلاله على القطاع الزراعي والسياحي والصناعي والاقتصادي والكثير من القطاعات الحياتية في الإقليم، والحل يكمن في إنشاء السدود التي تؤثر إيجابياً على رفع مناسيب المياه الجوفية".

موسم مخيف على الأبواب

وتقول وزارة الموارد المائية في حكومة إقليم كوردستان في بيان، إن "التأثيرات التي تتوقعها الحكومة بسبب الجفاف هذا العام تتمثل في انخفاض توفر مياه الشرب للسكان في العديد من المناطق وجفاف بعض ينابيع المياه، وتراجع إنتاج الكهرباء من المحطتين الكهرومائيتين في المنطقة وقلة الإنتاج الزراعي وعدم توفر المراعي الطبيعية لتربية المواشي قياساً بالأعوام الماضية".

وتفيد الإحصائيات الحكومية بشأن معدل الأمطار التي هطلت العام الحالي بأنها تراجعت إلى أقل من النصف مقارنة بالأعوام الماضية.

كما بلغ معدل الأمطار في عموم مناطق كوردستان في موسم الأمطار الأخير 758 ملم، بينما كان المعدل في نفس الوقت من العام الماضي يتجاوز 1800 ملم.

وتذكر وزارة الزراعة في الإقليم من جانبها إن "تراجع معدل الأمطار سيؤثر على الإنتاج الزراعي بالنسبة للحبوب، والذي وصل العام الماضي بالنسبة للقمح إلى 300 ألف طن".

 ثلاثة الف دونم تعرضت للجفاف

وتشير تقارير عالمية لمنظمات زراعية متخصصة إلى أن "مزارع بحدود 3 آلاف دونم تعرضت للجفاف في منطقة كرميان ضمن الحدود الإدارية لمحافظة السليمانية".

بدوره يوضح مدير سد دوكان كوجر جمال لوكالة شفق نيوز إن "مناسيب السد لم ترتفع عن العام الماضي، إلا بنسبة قليلة جداً بسبب قلة الامطار التي لم تصل هذا العام في دوكان الى 300 ملم، والهدف الأساسي هذا العام تأمين مياه الشرب و إرواء البساتين والثروة الحيوانية".

بدوره يدعو مدير سد دربنديخان رحمن خانى في تصريح صحفي، إلى "معالجة التجاوزات على مجريات مياه السد من دربندخان وكلار إلى مناطق حمرين وجلولاء والتي تمنع وصول الإيرادات المائية".

وأعلنت مديرية الزراعة في إدارة رابرين التابعة لمحافظة السليمانية "تراجع إنتاج القمح للموسم الماضي بنسبة وصلت إلى أكثر من 70% بسبب شُح الأمطار وقلة مصادر المياه".

وتبين المديرية في بيان، إن "انتاج الموسم الماضي من القمح انخفض بنسبة 40 طن، بسبب شح وانعدام الأمطار وهلاك الزراعة الديمية التي تعتمد الأمطار خلال الموسم الشتوي".

وتلفت المديرية إلى "انخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية في إطراف منطقة رابرين بنسبة كبيرة تصل الى 70‎%‎ وأن، الجفاف وانحسار مصادر المياه حول (168) الف دونم من الاراضي الزراعية الديمية الى غير منتجة".

 تحذيرات من الصيف القادم

ويحذر عضو مجلس محافظة السليمانية ريكوت زكي من "كارثة بيئية ستطال قرى المحافظة خلال الصيف القادم، إذا لم يتم تداركها من قبل حكومتي بغداد وأربيل، بتخصيص الأموال لحفر الآبار، وأيضاً زيادة مستوى التنسيق مع تركيا وإيران، لرفع إيرادات العراق المائية".

وقال في تصريحات صحفية، إن "مئات القرى مهددة بالانقراض، نتيجة عدم وجود المياه الكافية، وهذا الأمر سينعكس على آلاف المواشي التي ستتأثر هي الأخرى بأزمة الجفاف".

ويؤكد المسؤول المحلي أن "الأسماك في نهر سيروان ضمن منطقة كرميان، مهددة بالموت، كما أن انخفاض مناسيب المياه في سدود دربندخان ودوكان، انعكس حتى على المزارع الزجاجية في طاسلوجة وبازيان وغيرها من المناطق، وإنتاج المحافظة من العام سينخفض بنسبة 20%".

للسنة الثانية على التوالي تعاني الجفاف

بدورها لم تكن إدارة گرميان في إقليم كوردستان بعيدة عن هذا الموضوع، فقد أعلنت في وقت سابق ان "جفافاً اجتاح المنطقة هذه السنة بسبب قلة تساقط الأمطار"، ودعت إلى "تخصيص مبلغ مالي من ميزانية الطوارئ لمواجهة هذا الجفاف".

وكانت إدارة گرميان أعلنت في العام الماضي في التاريخ نفسه عن تعرض المنطقة للجفاف.

ويقول المشرف على إدارة گرميان جلال نوري في مؤتمر صحفي، إن "خلال هذه السنة كانت معدلات هطول الأمطار قليلة لذا فإن المنطقة تواجه جفافاً"، مبينا أن "اللجان المختصة ستتوجه إلى القرى لكي تجري تقييما للأضرار الناجمة عن هذا الجفاف".

ويضيف ان "أكثر من نصف محاصيل الحنطة والشعير ضمن الحدود الإدارية تواجه خطر الهلاك لعدم تساقط الأمطار بالشكل اللازم، فيما مئات الدونمات مهددة بالخطر بسبب قلة الأمطار إضافة إلى هجرة العديد من مربي الحيوانات من الريف إلى المدينة".

ويؤكد المشرف على إدارة گرميان أن "الإدارة شكلت لجنة لمواجهة الجفاف، وان اللجنة وضعت خطة محكمة لمواجهة مخلط الجفاف المتوقع"، مطالبا حكومة الإقليم بـ"تخصيص مبالغ كافية لمواجهة هذه الكارثة".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon