"البيراشكي".. وجبة جديدة بنكهة كوردستانية تغزو السليمانية (صور)
شفق نيوز- السليمانية
في أحد الأزقة الحيوية بمدينة السليمانية، يتزاحم المواطنون أمام محل صغير بات معروفاً بين السكان بكونه المكان الوحيد في اقليم كوردستان والعراق الذي يقدّم أكلة "البيراشكي" بنسختها المطوّرة وبأسلوب احترافي أصبح محط اهتمام الشباب ومحبي الوجبات السريعة.
ورغم بساطة المظهر، إلا أن قصة هذا المشروع تحمل في طياتها رحلة إبداع محلية، بدأت بفكرة خارج الحدود، قبل أن تنمو وتترسخ في ذاكرة المدينة.
"البيراشكي" هي معجّنة محشوة باللحم أو الجبن أو البطاطا، ذات أصل روسي وأوروبي شرقي، إلا أنها تحوّلت في السليمانية إلى وجبة بنكهة خاصة، تختلف عن نسختها التقليدية بفضل تطوير محلي يعتمد على عجينة طرية تُعدّ يوميًا، وحشوات طازجة ذات توازن محسوب بعناية.
الفكرة جاءت من خارج الحدود
ويقول طه أحمد، أحد القائمين على المشروع، وكالة شفق نيوز بداية القصة، إن "فكرة البيراشكي لم تكن معروفة هنا بهذه الطريقة، قبل سنوات قليلة، جاءني أحد أصدقائي من كوردستان إيران، وكان يحدثني باستمرار عن معجّنة شعبية هناك تُباع في الشوارع، وبعد تجربتها، فكرت أن أنقل الفكرة إلى السليمانية، لكن بلمستنا الخاصة".
ويضيف طه: "بدأنا بتجارب عديدة، نعدّل العجينة مرة ونغيّر الحشوة مرة أخرى، حتى وصلنا إلى وصفة نهائية نعتقد أنها الأفضل، ومع مرور الوقت، صار المحل معروفاً، والناس تتحدث عن نكهة مختلفة لا توجد في أي مكان آخر داخل الإقليم أو العراق. يمكن القول بثقة إننا المحل الوحيد الذي يقدم هذا المنتج بهذه الجودة".
ويشير إلى أن هذه المشاريع تحتاج إلى التزام كبير مثل هذه الأعمال الصغيرة تحتاج إلى نظافة مستمرة، مواد طازجة، متابعة دائمة، ومهارة في إدارة الوقت. إذا توفرت هذه العناصر، يمكن لمشاريع بسيطة أن تتحول إلى مصدر رزق ناجح وقادر على خلق فرص عمل.
زبائن دائمون.. وطعمٌ مختلف
على بعد خطوات من واجهة المحل، يقف المواطن سردار حسن بانتظار دوره، ويقول في حديثه لوكالة شفق نيوز إنه أصبح زبوناً دائماً منذ أن تذوّق البيراشكي لأول مرة، مبيناً أ "الطعم صراحة غير. العجينة خفيفة وما تمتص زيت، والحشوة موزونة، أنا أجرّب العديد من الوجبات السريعة، لكن هذه الأكلة عندها خصوصية، سعرها مناسب جداً مقارنة بغيرها، وتشبع، وتُقدّم بطريقة نظيفة".
ويضيف سردار، أن هذه الوجبات تعكس حركة جديدة في المدينة، وتثبت أن الشباب قادرون على ابتكار أشياء بسيطة لكنها مؤثرة".
وفي زاوية أخرى، كان المواطن يوسف محمود يتناول قطعة بيراشكي، متحدثاً للوكالة عن رأيه في قيمتها الغذائية قائلاً: "رغم أنها معجّنة مقلية، لكنها خفيفة وحشوة طازجة".
ويوضح أن "أهم نقطة غذائية هنا أن الوجبة ما تكون مشبعة بالزيت، وهذا يعطيها قيمة أعلى من كثير من الأطعمة السريعة الموجودة بالسوق، بالنسبة لي، أعتبرها وجبة مناسبة للطلاب والموظفين وحتى العائلات لأنها خفيفة وممتازة للطاقة".
مشروع صغير.. لكن تأثيره كبير
بين تطوير الوصفة ونجاح الفكرة وتزايد عدد الزبائن، يبدو أن البيراشكي تحولت إلى أكثر من مجرد وجبة فهي اليوم، نموذج لمشروع شبابي بدأ بفكرة بسيطة، ثم أصبح محطة يومية لسكان السليمانية، ووجبة تروي قصصاً عن الإبداع المحلي وقدرة الشباب على بناء مشاريع صغيرة ذات تأثير كبير.
وفي وقت تتوسع فيه خيارات الطعام في كوردستان، تُثبت البيراشكي أن الوصفات المستوردة يمكن أن تتحول إلى جزء من الهوية المحلية، بشرط أن تُقدَّم بروح جديدة ونكهة أصيلة.