"بلومبيرغ": تفوق صيني بصناعة الأدوية الحيوية وأمريكا تصارع بالتجارب السريرية
شفق نيوز- متابعة
أجرى موقع "بلومبيرغ نيوز"، تحليلاً حول صناعة التكنولوجيا الحيوية مؤكداً أنها تشهد تحولاً جذرياً مدفوعة بصناعة الأدوية الصينية التي قطعت شوطاً طويلاً متحدية الهيمنة الغربية على الابتكار.
وارتفع عدد الأدوية الجديدة في الصين لعلاج السرطان وتقليل الوزن وغيرها من الأدوية التي دخلت مرحلة التطوير إلى أكثر من 1250 دواء العام الماضي، متجاوزة بذلك الاتحاد الأوروبي بكثير، وتكاد تقترب من عدد الأدوية في الولايات المتحدة الذي يبلغ نحو 1440 دواء، وفقاً لتحليل "بلومبيرغ نيوز".
وتظهر النتائج المستقاة من تحليل قاعدة بيانات تديرها شركة "نورستيلا"، مُزوّدة بحلول ذكاء الأدوية، تحولاً جذرياً في مركز ثقل الابتكار الطبي.
فمع تهديد الرئيس دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على قطاع الأدوية، تواجه التطورات الصينية في مجال التكنولوجيا الحيوية التي يتضح نطاقها تدريجياً، خطر أن تصبح مجالاً آخر للتنافس بين القوى العظمى مثل الذكاء الاصطناعي والمركبات الكهربائية.
وقالت هيلين تشين الشريك الإداري في شركة LEK Consulting في شنغهاي والتي قدمت المشورة لشركات الرعاية الصحية بشأن إستراتيجيتها في الصين منذ عام 2003، إن "الحجم نفسه ليس شيئا رأيناه من قبل.. المنتجات موجودة وهي جذابة وسريعة".
حصة الصين تتنامى
حدث هذا التحول بوتيرة غير مسبوقة، عندما بدأت الصين إصلاح نظامها التنظيمي للأدوية عام 2015، حيث لم يكن لديها سوى 160 مركباً للمساهمة في خط إنتاج الأدوية المبتكرة العالمي، متخلفة عن اليابان والمملكة المتحدة.
وساعدت هذه الإصلاحات في تبسيط المراجعات وتطبيق معايير جودة البيانات، وتحسين الشفافية.
كما ساهمت خطة الحكومة "صنع في الصين 2025" للنهوض بالتصنيع في عشرة قطاعات ذات أولوية في تحفيز موجة من الاستثمارات في التكنولوجيا الحيوية.
وإجمالاً، أطلقت هذه الاستثمارات العنان لطفرة قادها علماء ورجال أعمال تلقوا تعليمهم وتدريبهم في الخارج.
وقال نائب رئيس الريادة الفكرية في "نورستيلا"، دانيال تشانسلور "لم تعد الصين الآن على قدم المساواة مع الولايات المتحدة فحسب بل إنها تشهد مسار نمو متسارعاً".
وأضاف: "لن يكون من المبالغة القول إن الصين ستتفوق على الولايات المتحدة في السنوات القليلة المقبلة من حيث عدد الأدوية التي تدخلها إلى خط الإنتاج".
الصين تتفوق
بصرف النظر عن الأرقام، فإن القفزة الأبرز تكمن في جودة ابتكارات التكنولوجيا الحيوية الصينية.
فبينما يدور جدل مستمر في صناعة الأدوية حول قدرة الشركات الصينية على إنتاج علاجات جديدة فعّالة ومبتكرة، يتزايد الاعتراف بهذه القدرة على جبهات متعددة.
إذ تنظر أكثر الهيئات التنظيمية صرامة في العالم بما في ذلك إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ووكالة الأدوية الأوروبية، بشكل متزايد إلى الأدوية الصينية على أنها واعدة بما يكفي لتبرير تخصيص موارد إضافية لتسريع مراجعتها، ومنحها تصنيفات صناعية مرغوبة مثل أولوية المراجعة، أو تصنيف العلاج المبتكر، أو وضع المسار السريع.
وتظهر البيانات أن البلاد تتقدم الآن قليلاً على الاتحاد الأوروبي في الحصول على مثل هذه المراجعات السريعة اعتباراً من عام 2024، وهي ميزة ملحوظة على منطقة كانت تنتج في السابق أدوية مثل "ويجوفي" للتخسيس.
ومن أوائل الأمثلة على الابتكار الصيني علاج خلوي أظهر فعالية واعدة في علاج سرطان الدم المميت، وطور هذا العلاج لأول مرة في الصين بواسطة شركة "ليجند بيوتيك"، وتسوقه الآن شركة "جونسون آند جونسون" بعد أن نال العديد من ترشيحات المراجعة السريعة خلال مسيرته ويُعتبر متفوقاً على علاج أمريكي منافس.
ومع ذلك، فإن العدد المطلق للأدوية الصينية التي فازت بهذه التسميات يتخلف عن نظيرتها الأمريكية بهامش كبير.
حصة الشركات الصينية
شبّه دواء جديد للسرطان من شركة "أكيسو" والذي تفوّق في فعاليته على دواء "كيترودا" من شركة "ميرك وشركاه" في دراسة صينية أجريت العام الماضي، بلحظة "ديب سيك" في مجال التكنولوجيا الحيوية الصينية، مما أثار موجة جديدة من الاهتمام العالمي.
كما أدى الوعد بتفوّق "كيترودا" الدواء الأكثر مبيعاً في العالم، إلى زيادة قيمة شركة "ساميت ثيرابيوتكس" التي دفعت في عام 2022 مبلغ 500 مليون دولار مقدّماً مقابل حقوق التطوير والتسويق في الولايات المتحدة ومناطق أخرى.
واستحوذت شركات أخرى متعددة الجنسيات، مثل "ميرك" وأسترازينيكا وروش القابضة على أصول صينية.
وتشهد هذه الصفقات تزايداً في قيمتها وتكرارها، وفقاً لقاعدة بيانات صفقات الأدوية الحيوية DealForma، مما يشير إلى الثقة في قدرة الأدوية الصينية على المنافسة دوليا وتحقيق إيرادات كبيرة.
وصرح مستشار "نورستيلا" بأن حجم المرشحين المحتملين القادمين من الصين يعني أن الشركات المتعددة الجنسيات التي لديها حاجة مستمرة لإضافة منتجات جديدة إلى المزيج، يمكنها "أن تلقي شبكتها على نطاق أوسع من أي وقت مضى".
تجارب سريرية من أمريكا
إن الميزة الرئيسية التي غذت صعود شركات التكنولوجيا الحيوية الصينية هي قدرتها على إجراء الأبحاث بشكل أرخص وأسرع في كل خطوة على الطريق، من التجارب المعملية واختبار الحيوانات إلى التجارب على البشر.
ومن المعروف أن إنتاج دواء جديد من الصفر يستغرق وقتاً طويلاً ويكلف الكثير، وقد أصبح وجود عدد كبير من المرضى وشبكة مستشفيات مركزية في الصين عاملاً مُسرّعاً هاماً.
ويُظهر تحليل للوقت الذي تستغرقه الأدوية في مراحل الاختبار المختلفة أن الأطباء في الصين يستطيعون استقطاب المرضى للتجارب أسرع بكثير، ففي التجارب المبكرة لأدوية السرطان والسمنة يمكنهم إكمال تسجيل المرضى في نصف الوقت مقارنة بالولايات المتحدة.
ويعني الفرق في التكاليف أن الشركات الصينية قادرة على تحمل تكاليف إجراء تجارب متعددة في وقت واحد للعثور على الفائز، أو إطلاق مشاريع جديدة بسرعة بمجرد التحقق من صحة فكرة علمية من قبل مجموعات أخرى.
ومنذ عام 2021، أصبحت الصين الموقع الأول للأبحاث السريرية، حيث بدأت أكبر عدد من التجارب الجديدة على مستوى العالم وفقا لشركة "Global Data".
وأفاد آندي ليو رئيس قسم الصين في شركة "نوفوتيك هيلث هولدينغز" التي تساعد الشركات على إجراء التجارب السريرية: "إنهم قادرون على التفوق على المنافسين في البلدان الأخرى".