يتصدرها "حوار الأديان".. توصيات أمريكية عاجلة لإنقاذ "فسيفساء" العراق

يتصدرها "حوار الأديان".. توصيات أمريكية عاجلة لإنقاذ "فسيفساء" العراق
2023-07-06T20:50:42+00:00

شفق نيوز/ حث "معهد الشرق الأوسط" الأمريكي، على معالجة آثار تاريخ العراق المضطرب في العلاقة مع الأقليات العرقية والدينية وهي من الشرائح الأكثر تهميشاً وضعفاً في المجتمع، مقترحاً توصيات عدة في هذا الإطار من بينها حوار الأديان، وانخراط الزعماء الدينيين في جهود منع التطرف، وتطوير المناهج الدراسية والتشريعات القانونية، واحترام التنوع والمشاركة السياسية.

وبحسب، تقرير للمعهد الأمريكي، ترجمته وكالة شفق نيوز، لطالما كان تاريخ العراق مضطرباً مع أقلياته العرقية والدينية، حيث كان تاريخاً حافلاً بالقمع والعنف، وهو ما كان قائما في ظل النظام البعثي وصولاً إلى الغزو الأمريكي عام 2003 والذي أغرق البلاد في حالة من الفوضى والصراع، ووصل إلى أكثر مستوياته تدهوراً مع صعود تنظيم داعش الإرهابي الذي قام بشكل خاص باستهداف الأقليات العرقية والدينية التي تعيش في نينوى، المحافظة متعددة الأعراق والأديان والتي تضم المجتمعات الآشورية والكلدانية والكاكائية والشبك والسريانية والتركمان والأيزيدية.

وذكر التقرير الأمريكي، أن هذه المجموعات تمثل جزءا من "فسيفساء" العراق الغنية بالتنوع الثقافي، وأن داعش حاول عمداً محو الهوية الثقافية لهذه الأقليات، وأيضا محو آثار قرون من التعايش العرقي والطائفي.

 

كوردستان "حالة استثنائية"

وبينما يتمتع العراق حالياً بأكثر فتراته استقراراً في العقدين الماضيين، اعتبر التقرير الأمريكي، أن "العراق يمثل أيضاً نموذج دراسة حالة للتداعيات الضارة للعنف الهيكلي، وخصوصاً تجاه الشرائح الأكثر تهميشاً وضعفاً في المجتمع".

وأوضح أن "الأقليات المنتشرة في شمال العراق، لا تعيش فقط على الهوامش الجغرافية للمناطق شبه الحضرية، وانما أيضاً على هامش المجتمع وهياكله، مع تمتعها بتمثيل سياسي رمزي، وهي تتعرض أيضاً لتصويرها بشكل نمطي سلبي ويتم تبنيها في كثير من الأحيان على أنها حقائق"، مردفاً بالقول: "بينما خفت حدة النزاع المسلح والعنف ، يستمر العنف الهيكلي".

وأشار التقرير الأمريكي، إلى ما ورد في تقارير وزارة الخارجية الأمريكية للعام 2022 حول ممارسات حقوق الانسان والحرية الدينية، التي أكدت أن القيود المفروضة على حرية الدين والعنف والمضايقة ضد الأقليات ما تزال متفشية بشكل واسع في أجزاء كثيرة من البلد، خارج إقليم كوردستان الذي وصفه التقرير بانه "معروف ببيئته الخارجية المواتية للتنوع الديني والتعبير".

 

 

أقليات العراق

وتطرق التقرير إلى انتشار خطاب الكراهية والتحيز والمفاهيم الخاطئة الشائعة وعدم احترام التنوع والشمولية، إذ ما تزال الأقليات تُعامل بازدراء، وينظر إلى مواردها وتقاليدها الثقافية بسخرية.

وحول التمييز الاجتماعي والاقتصادي، رأى التقرير أن الأقليات غير المسلمة، وخاصة الكاكائيين والايزيديين، تواجه التمييز والاقصاء في سوق العمل، بما في ذلك التوظيف في الحكومة والقضاء والقطاع العام.

وبسبب المفاهيم الخاطئة السائدة، فإن أبناء هذه الاقليات لا يمكنهم فتح او العمل في المخابز او المطاعم او محلات الجزارة، بدعوى عدم اتباع التقاليد الإسلامية أثناء القيام بذبح الحيوانات او اعداد وجبات الطعام، وفقاً لمعهد الشرق الأوسط الأمريكي.

وعن التعصب وخطاب الكراهية، نوه التقرير الأمريكي، إلى أن "التعصب وخطاب الكراهية تعتبر من الامور التي تجري بشكل يومي يوميا، مضيفا انه سواء تم نشره من قبل الشخصيات الدينية او السياسيين او وسائل الاعلام او المواطنين العاديين على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن خطاب الكراهية يتغلغل في المشكلات الهيكلية العميقة لعدم المساواة في المجتمع العراقي.

 

 

دين الدولة

وزارد التقرير: "القيم الدينية والثقافية، رسمياً واجتماعياً، يتم نسبها الى دين غالبية السكان، حيث ينظر الى الاسلام على انه دين الدولة، مضيفا انه يوجد تصور اساسي للدونية الاجتماعية تجاه الاقليات.

ولفت إلى أن "هذا التحيز الراسخ بعمق يخلق البيئة الملائمة لتقبل خطاب الكراهية واستدامته، مثلما يحدث مثلا من اتهامات وسخرية فيما يتعلق بتميز الكاكائي وبعض الرجال الايزيديين عن الاخرين بشواربهم الطويلة، وهو ما يرمز الى الاخلاص والتقوى بين الكاكائيين والرجولة والشجاعة عند الايزيديين".

وتابع التقرير، أن "الشبك والتركمان التابعين للإسلام الشيعي، يقولون إنهم يواجهون السخرية وخطاب الكراهية في وسائل الاعلام التقليدية وكذلك على وسائل التواصل الاجتماعي اثناء ممارسة بعض الطقوس المقدسة السنوية".

وأردف بالقول: "خلال احياء ذكرى استشهاد الحسين بن علي، حفيد النبي محمد، يحتفل الشيعة في العراق بعاشوراء والاربعين كأيام عزاء، في طقوس تحولت الى صرخة حاشدة للمجتمعات الاكثر ضعفا وتهميشا ضد الظلم وعدم المساواة والاقصاء، وهو ما ينظر اليه على انه دلالة على الجهل او حتى البدعة بين الناس من الجماعات العرقية والطائفية الاخرى.

 

 

ما الذي يجب تغييره؟

وفي هذا الاطار، رأى التقرير الأمريكي أن هناك مجموعة من الاجراءات الضرورية التي تستهدف معالجة المفاهيم الخاطئة والتحيزات الراسخة بعمق ضد الأقليات العرقية والدينية.

وشدد التقرير على ضرورة سن الحكومة العراقية التشريعات للوفاء بالتزامها باحترام التنوع والحفاظ على التعددية من خلال إشراك الأقليات في الحياة العامة وضمان الحق في المشاركة السياسية الفعالة، كما أنه يجب أن يرتبط ذلك بدعم الجهود الشعبية التي تسعى الى تقوية التماسك الاجتماعي والتسامح من خلال الحوار بين الاديان ومعالجة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة.

 

 

رجال الدين

وذكر أن بإمكان المؤسسات والقادة الدينيين أن يؤدوا دوراً في منع التطرف العنيف وإبراز احترام التنوع في العراق، لكنه شدد أيضاً على أهمية أن تتجاوز هذه المبادرات النخبة المجتمعية لتطال أيضا الاشخاص العاديين الذين هم أكثر عرضة، ومن المرجح أن يكرروا المفاهيم الخاطئة والصور النمطية المؤذية.

وأضاف تقرير معهد الشرق الأوسط الأمريكي: "يجب إعادة تطوير المناهج الدراسية مع التركيز على احترام التنوع وحقوق الإنسان والتربية المدنية، على أن تعكس المناهج الدراسية فسيفساء العراق الغنية بالتنوع الثقافي وأن تساهم في تقوية قيم المواطنة وتشكيل هوية وطنية تربط بين الاختلافات الضيقة".

وأكد التقرير، أهمية الدعم المتزايد لدولة مدنية، وضرورة مشاركة الأطراف المعنية بجهود إعادة الاعمار فيما بعد مرحلة النزاع، وأن يذهبوا الى ابعد من اعادة البناء المادي، وذلك عبر الاهتمام بدور الممارسات الثقافية والدينية في استعادة السلام ومساعدة المجتمعات على التعافي".

وأوضح التقرير الأمريكي، فكرته قائلاً إن "تطوير وبناء المساحات العامة، مثل المراكز المجتمعية والمرافق الرياضية وما الى ذلك، يمكن ان تكون جزءا من برامج التماسك الاجتماعي التي بمقدورها أن تساعد في تسهيل التفاعل والتبادل الثقافي بين مختلف المجموعات العرقية والطائفية"، مقترحاً الاهتمام بـ"مبادرات الحوار بين الأديان لتعزيز التفاهم بين المكونات الاجتماعية".

 

 

الدور الأمريكي

أما ما يتعلق بالدور الدولي والأمريكي تحديداً، اعتبر التقرير أن "هناك دوراً يجب القيام به من قبل الإدارة الأمريكية"، مذكرا بأن الولايات المتحدة وحكومة العراق، أعلنتا التزامهما بحماية حقوق الانسان والحريات الأساسية كجزء من الحوار الاستراتيجي بين واشنطن وبغداد، ولهذا فان من الضروري أن تلتزم واشنطن بوعودها وألّا تتغاضى عن الانتهاكات المتزايدة لحقوق الانسان والعنف والمضايقات ضد الأقليات".

وخلص التقرير الأمريكي، إلى التشديد على أهمية أن يكون الاصرار على احترام الديمقراطية وحقوق الانسان، ركيزة أساسية لشراكة أمريكا مع العراق ودعمها له، وهذا ما يتطلب من واشنطن اتخاذ موقف واضح يعكس قيمها ومصالحها في العراق".

وختم التقرير بمطالبة الإدارة الأمريكية بـ"الضغط على السلطات العراقية لكي تفي بتعهداتها العديدة لحماية الأقليات ودعمها إذا كانوا يريدون الحفاظ على فسيفساء البلد الغنية بالتنوع والحفاظ على السلام والاستقرار على المدى الطويل".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon