هواتف 34 مليون عراقي تحت الملاحقة الانتخابية
شفق نيوز- بغداد
لا تنفصل مواقع التواصل الاجتماعي في العالم الرقمي عن الواقع لدى المواطن العراقي، وحيث تشكل الجزء الأكبر من الحياة اليومية للكثيرين، فإن اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، صار جزءاً من عالم الإنترنت الكبير حيث تشهد الساحة الرقمية تصاعداً لافتاً في حجم وتأثير الدعاية الانتخابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت الآن الساحة الأولى للتنافس الانتخابي بين المرشحين والأحزاب.
ويعكس تزايد الاعتماد على الفضاء الرقمي تحولاً نوعياً في أساليب التواصل مع الناخبين، حيث تتيح المنصات الرقمية وصولاً مباشراً وسريعاً إلى شريحة واسعة من الجمهور، خصوصاً في ظل ارتفاع نسبة استخدام الإنترنت، وهو ما فتح المجال أمام فرص جديدة، لكنه في الوقت نفسه أفرز تحديات قانونية ومجتمعية تتطلب رقابة حقيقية من الجهات المعنية.
وبحسب المعطيات التي قدمها مركز الإعلام الرقمي (DMC) في آذار/مارس 2025، فإن عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في العراق 34.3 مليون (نسبة 73.8% من السكان)، مما يجعلها الساحة الأبرز للترويج السياسي والانتخابي للدورة البرلمانية المقبلة (السادسة).
وهذا ما يدفع عضو مجلس محافظة بغداد والمرشح للانتخابات عامر شوهان الفيلي، إلى التشديد على أهمية الإنترنت كوسيلة أساسية لترويج الأفكار والبرامج السياسية، قائلاً إن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت "السلاح ذو الحدين" للدعاية الانتخابية.
ويوضح الفيلي لوكالة شفق نيوز أن "سهولة الوصول والتفاعل يجعل من هذه المنصات وسيلة مثالية للترويج، لكن في الوقت ذاته تُستخدم أحياناً في التسقيط السياسي غير المشروع".
بدوره يرى الباحث في الشأن السياسي أحمد يوسف، أن "الدعاية الرقمية تجاوزت الطرق التقليدية في التأثير على الناخبين، لما توفره من سرعة الوصول وسهولة التفاعل".
ويضيف يوسف لوكالة شفق نيوز أن "بعض الجهات تستغل هذه الأدوات لبث معلومات مضللة وخداع الناخبين"، مطالباً مفوضية الانتخابات بـ"توسيع رقابتها لتشمل الفضاء الإلكتروني، لا الأرضي فقط".
كما يعرب يوسف عن أمله أن "تُستخدم هذه الوسائل لخدمة المصلحة العامة، لا لمصالح ضيقة أو شخصية".
من جانبه، يؤكد السياسي الكوردي الفيلي والمرشح للانتخابات حيدر هشام، أن "الدعاية الرقمية تلعب دوراً حاسماً في تغيير قناعات الناخبين، لكن مصداقية الخطاب ومغرياته هي ما يحكم تأثيرها".
ويقول هشام لوكالة شفق نيوز: "نتمنى أن تكون البرامج الافتراضية المطروحة هي برامج حقيقية قابلة للتنفيذ، وليست مجرد وعود انتخابية لا تجد طريقها إلى الواقع".
أما الخبير القانوني محمد جمعة، فقد كشف أن "الفضاء الرقمي في العراق مفتوح ويفتقر للضوابط، مما يجعله عرضة للتجاوزات الخطيرة، مثل التشهير والتسقيط الطائفية".
ويبين جمعة خلال حديثه لوكالة شفق نيوز أن "هناك عقوبات قانونية تصل إلى السجن 6 أشهر في حالة التشهير، و7 سنوات في حالات التحريض الطائفي، لكن المشكلة تكمن في صعوبة تحديد هوية الجناة بسبب الحسابات الوهمية".
لذلك يشدّد جمعة على "ضرورة قيام الأمن الوطني، لا سيما شعبة الجرائم الإلكترونية، بدورها الرقابي لمنع الانفلات في الحملات الرقمية".
وعن رصد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات للمخالفات على أرض الواقع، تكشف المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي، عن تسجيل 400 مخالفة انتخابية قبل انطلاق الحملة الانتخابية الرسمية في 3 تشرين الأول/أكتوبر الجاري (لاستخدام صور وشعارات حزبية وتسلسلات وأرقام مبكراً).
وبعد انطلاق الحملة الانتخابية، توضح الغلاي، في حديثها لوكالة شفق نيوز، أن المخالفات الأخرى بعد بدء الحملة تشمل وضع دعاية قرب مراكز اقتراع أو استخدام مؤسسات الدولة، وتم تغريم المخالفين مليوني دينار لكل حالة.
وانطلقت الحملات الدعائية للانتخابات التشريعية يوم الجمعة 3 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وتستمر حتى 24 ساعة قبل بدء التصويت الخاص، حيث حدد مجلس الوزراء العراقي يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة.