منظمات "غير حكومية" تغزو العراق.. مشاريع تجارية أم إنسانية؟

منظمات "غير حكومية" تغزو العراق.. مشاريع تجارية أم إنسانية؟
2023-01-09T17:12:39+00:00

شفق نيوز/ توجد في العراق أكثر من 5 آلاف منظمة غير حكومية مسجلة رسميا في دائرة المنظمات غير الحكومية إحدى دوائر الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وفيما يؤكد مختصون على الدور الإيجابي الذي تؤديه هذه المنظمات في المجتمع، يرى آخرون أن بعضها عبارة عن مشاريع تجارية لغرض الربح فقط.

وظهرت منظمات ومؤسسات المجتمع المدني في العراق بعد السقوط النظام عام 2003، بحسب الناشطة النسوية إسراء النصراوي، وبدأت المنظمات بتقديم المساعدة لعوائل الشهداء والجرحى والمتعففة، فضلا عن إطلاق مبادرات وبرامج ونشاطات مختلفة (اجتماعية، ثقافية، انسانية) في كل أنحاء العراق.

وقالت النصراوي لوكالة شفق نيوز، "لكن هناك بعض المنظمات تعمل في فترات معينة، وتتلقى الدعم من جهات سياسية أو حزبية، ففي وقت الانتخابات على سبيل المثال، يلاحظ على بعض المنظمات، زيادة في نشاطاتها بشكل غير مسبوق، مستهدفين العوائل الفقيرة والمتعففة في سبيل كسب أصواتهم للفوز في الانتخابات".

وتابعت: "وكذلك هناك منظمات تعمل لغرض الربح المادي من خلال جمع تبرعات من بعض المواطنين المقتدرين ماديا، على اعتبار أنها تساعد المواطنين، لذلك يُعتقد أنها منظمة خيرية، لكن هذه المنظمة لا تؤدي دورها بالشكل الصحيح، فهي تعمل لفترة معنية وتساعد أشخاصا محددين، فضلا عن وجود منظمات فقط بالاسم، فلا تقدم نشاطات أو محتوى".

وطالبت النصراوي، في ختام حديثها، وسائل الإعلام خاصة والحكومة عامة، بـ"توجيه الأنظار إلى المؤسسات والمنظمات التي يمكن تسميتها في الوقت الحاضر بـ(مشاريع تجارية)، وتمييزها عن المنظمات الأخرى الحقيقية التي تؤدي دورها بالشكل الصحيح وموجودة على أرض الواقع".

مهام المنظمات

وعن مهام المنظمات في العراق، أشار المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء، حيدر مجيد، إلى أن "عدد المنظمات غير الحكومية العراقية التي تمتلك شهادات صادرة من دائرة المنظمات غير الحكومية، أكثر من 5 آلاف منظمة محلية، و175 فرعا لمنظمة أجنبية، ويتنوع عمل هذه المنظمات بحسب اختصاصات والقطاعات التي تعمل فيها".

وأوضح مجيد، خلال حديثه للوكالة، أن "دائرة المنظمات لديها فرقا ولجانا داخل تلك المنظمات لمتابعة عملها والإشراف عليه، فضلا عن المساهمة في تسهيل تحركات المنظمات في بغداد والمحافظات لتنفيذ مشاريعها، عبر منحها التصاريح والتخويلات بالتنسيق مع قيادة العمليات المشتركة، ومركز العمليات الوطني".

ولفت إلى أن "عمل المنظمات سواء المحلية أو الأجنبية يتركز على الإغاثة وتقديم المساعدات الانسانية، وزاد هذا الأمر بشكل خاص بعد عام 2014 بسبب سيطرة تنظيم داعش ونزوح الملايين من المواطنين، وكذلك تساهم المنظمات بإعادة تأهيل المناطق المحررة".

وزاد مجيد، بالقول "كان للمنظمات دور بتقديم العون والمساعدات الانسانية والطبية والغذائية أثناء جائحة كورونا إلى جميع المواطنين وخاصة المصابين منهم، وأطلقت دائرة المنظمات غير الحكومية حملة وطنية شاركت فيها نحو 300 منظمة لمساعدة أكثر من 4 ملايين مواطن في عموم العراق".

وبين أن "منظمات المجتمع المدني، تُنظّم فعاليات ثقافية وفنية، وبعضها تقدم دورات وورش تدريبية لتطوير مهارات المواطنين والموظفين والكفاءات داخل العراق وخارجه، بالإضافة إلى تقديمها مشاريع تخص القطاع الزراعي والمائي والتغيرات المناخية، لذلك تدعم الحكومة العراقية عمل المنظمات وتعوّل عليها في الكثير من الأمور".

ماذا تحتاج المنظمات؟

وبشأن حاجة المنظمات، رأت الناشطة في مجال حقوق الإنسان، سارة جاسم، أن "المنظمات وخاصة الناشئة منها تحتاج في بدايتها إلى تسهيل مهام التسجيل، وخصوصا الإجراءات الأمنية في بغداد المتعلقة بالحصول على تأييد السكن، ففي بعض الأحيان يستغرق الحصول عليه عاما كاملا".

وأكدت جاسم خلال حديثها للوكالة، "الافتقار للتمويل والدعم المالي سواء الحكومي أو المنظمات المانحة الدولية، الذي أصبح حكرا لبعض المنظمات الكبيرة والقديمة في هذا المجال".

وأشارت إلى أن "ما ذكر أعلاه جعل أغلب المنظمات الناشئة تعتمد على تبرعات أعضائها لتستمر في العمل واللجوء لشروط المنظمات الكبيرة لتزكيتهم ومنحهم الدعم المالي لبعض المبادرات الصغيرة، التي قد لا تُذكر شيئا، وفي الوقت نفسه تُقيّد عمل المنظمة".

وواصلت الناشطة المدنية، حديثه بالقول إن "ضعف الشراكة بين بعض مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني، وإجراءات أخرى تضاف إلى معاناتهم في تسجيل المنظمات في كل وزارة أو محافظة للقيام بعملهم أو الفئة المستهدفة التي قد تتطلب جهات عديدة".

ونوهت إلى أن "المنظمات قد تمضي شهوراً ولا يُنجز العمل بالوقت المحدد له، بسبب بطئ الإجراءات وصحة الصدور من دائرة المنظمات لكل وزارة، رغم معرفة الطرف الثاني أنه عامل رئيسي في تحقيق الأهداف المشتركة من حيث تحسين الأوضاع في البلاد".

عمل المنظمات

أما طبيعة عمل المنظمات، فبينت جاسم، أن "ذلك يرتبط بنوع المنظمة وقدرة إدارتها على الإنجاز، فبعضها قد يكون لغرض الربح فقط، ومصدر رزق لا أكثر، لكن الأغلب لها أهداف وقضايا رسمتها منذ نشأتها وتسعى إلى تحقيقها لجعل المجتمع والبلد أفضلا".

قانونية المنظمات

وفي هذا الصدد، ذكر الخبير القانوني، فيصل ريكان، أن "منظمات المجتمع المدني، منظمات غير حكومية تعمل وفق القانون رقم 12 لسنة 2010، ومن أهداف هذا القانون الذي يشكل إطار عمل المنظمات، هو تعزيز حرية المواطن من خلال العمل في منظمات المجتمع المدني والانضمام إليها وضمان استقلاليتها ودعمها وتطويرها بما ينتج عنه تعزيز دور هذه المنظمات في تطوير المجتمع وتحقيق أهدافه بالوسائل السلمية والديمقراطية".

وحول أهداف القانون، قال ريكان، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إن "هذه المنظمات تكون غير ربحية أو نفعية، وقد نصت الفقرة أولا من المادة 39 من الدستور العراقي على حرية تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية أو الانضمام اليها وينظم ذلك بقانون".

وأشار إلى أنه على ضوء ذلك "صدر القانون رقم 12 لسنة 2010، وسبق لسلطة الائتلاف أن أصدرت الأمر 13 لسنة 2003 لتنظيم عمل هذه المنظمات، وكذلك صدر القانون رقم 1 لسنة 2011 لينضم عمل منظمات المجتمع المدني في إقليم كوردستان".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon