من سيختار الانسحاب؟.. بايدن وترامب يواجهان "ندماً تاريخياً" في العراق

شفق نيوز/ تساءل موقع "ذا كونفيرسيشن" الأسترالي، عما إذا كان بقاء القوات الأمريكية في العراق، سيتسبب بـ"ندم استراتيجي" لجو بايدن أو دونالد ترامب، أسوة بظاهرة "الندم الاستراتيجي" التي شعر بها رؤساء أمريكيون سابقون بعدما تركوا مناصبهم بسبب إخفاقات في السياسة الخارجية، مثلما جرى مع رونالد ريغان أو باراك أوباما. 

وذكر الموقع الأسترالي، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "الرئيس الاسبق ليندون جونسون كان مسكوناً بحرب فيتنام، بينما أعرب الرئيس الأسبق بيل كلينتون عن أسفه للتدخل الفاشل في الصومال وكيف ساهم حادث "سقوط طائرة بلاك هوك" في العاصمة مقديشو، في تقاعس إدارته عن التحرك لوقف الإبادة الجماعية في رواندا المجاورة. 

وبالإضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن الرئيس الأسبق باراك أوباما اعتبر أن التدخل في ليبيا كان "أسوأ خطأ" وقع فيه خلال رئاسته، في حين أن الرئيس الاسبق رونالد ريغان، وبعد التفجير الذي ادى الى مقتل 241 من الجنود الامريكيين في العام 1983 في بيروت، فانه وصف قراره بارسال قوات امريكية الى لبنان بانه "اسفه الاكبر وحزنه الاكبر".

ورأى التقرير، أنه في الوقت الذي تتجه فيه الولايات المتحدة نحو انتخابات رئاسية ستنهي، الطموحات الرئاسية لأي من الساكنين الأخيرين للبيت الأبيض، أي بايدن وترامب، فإن التساؤل هم عما اذا كان أي منهما، أو كليهما، سينتهي بهما الأمر الى الخضوع لتجربة "الندم الاستراتيجي". 

 وبهذا الإطار، استعاد التقرير مواقف ترامب وبايدن فيما يتعلق بوجود القوات الامريكية في العراق وسوريا. واعتبر التقرير انه في ظل وجود نحو 900 جندي في سوريا و2500 جندي في العراق، وهم يتعرضون لهجمات صاروخية من الوكلاء المدعومين من ايران، فانه من المحتمل ان تواجه الولايات المتحدة حادثا اخر على غرار الهجوم على المارينز في بيروت في العام 1983، مشيرا الى انه احتمال اصبح واضحا منذ ما قبل مقتل الجنود الامريكيين الثلاثة مؤخرا في الاردن بالقرب من الحدود السورية.

بيروت ثانية؟

وبعدما قال التقرير إن الشرق الاوسط دخل مرحلة مضطربة، اشار الى التهديدات التي يتعرض لها الجنود الامريكيون في المنطقة، سواء من تنظيم داعش الذي يعتزم مهاجمة اهداف غربية، او بسبب المخاطر المتزايدة التي تمثلها شبكة مسلحين المرتبطين بايران الساعين للانتقام من التواطؤ الامريكي في الحصار الاسرائيلي على غزة.

وحذر التقرير الأسترالي، من هجوم قد يتسبب بوقوع اصابات كبيرة في صفوف القوات الامريكية، وبهذا فإن الرئيس الساكن في البيت الأبيض سيكون أمام حالتين جعلتا الرؤساء السابقين يشعرون ب"الندم الاستراتيجي"، وهما اما خسارة ارواح امريكية في عهدهم، او احتمال الانجرار إلى حرب أوسع. 

وبحسب التقرير، فإن بالاستناد إلى المعايير التاريخية، كما أن الظروف قد تكون جاهزة لحدوث "الندم الاستراتيجي" في الشرق الاوسط، مضيفا ان الوضع حاليا في العراق وسوريا يشبه الى حد مرعب في العديد من الجوانب، الظروف التي واجهها ريغان في بيروت، ولكن من المحتمل ان يكون اكثر خطورة بكثير.

واعتبر التقرير انه مثلما كان عليه الحال في لبنان في ذلك الوقت، فان القوات الامريكية تتمركز في العراق وسوريا من اجل تحقيق اهداف امنية ثانوية الاهمية، وليست اولية.

وذكر التقرير بانه بينما كانت القوات المتمركزة في لبنان في بداية الثمانينات مهمتها "حفظ السلام"، فان القوات الامريكية في العراق وسوريا، تقوم بمهمة دعم مكافحةمهمة تنظيم داعش الذي انتهى التهديد الذي يمثله للامن القومي الامريكي كع انهيار "الخلافة" في العام 2019، مشيرا بان تقريرا حديثا للبنتاغون يخلص الى ان هذاالتهديد لا يزال ضعيفا للغاية بالنسبة للولايات المتحدة حاليا.

وتابع التقرير بالقول انه مثلما كان الحال في لبنان، فان القوات الامريكية حاليا معرضة ايضا لخطر كبير بالنظر الى عدد الجنود الصغير والمحيط المعادي لها، واعتمادها على العراق وتركيا والقوات الكوردية في خطوط الامداد، وهو ما يجعلهم اهدافا سهلة للهجوم.

واضاف التقرير انه بينما لم يكن ريغان مدركا لاحتمال تعرض الجنود الامريكيين الى لخطر كبير في العام 1983، فان الخطر الذي تواجهه القوات الامريكية حاليا في العراق وسوريا واضح تماما، حيث تعرض الجنود الامريكيون الى اكثر من 160 هجوما صاروخيا من الوكلاء المدعومين من ايران منذ اكتوبر/تشرين الاول العام 2023.

واشار التقرير الى انه  حتى لو وضع الهجوم على الامريكيين في الاردن جانبا، فان القوات الامريكية عانت بالفعل من اصابات خطيرة بسبب الصواريخ، بما في ذلك العشرات من اصابات الدماغ المؤلمة. وحذر التقرير بالقول من انه مع ربط ايران الولايات المتحدة بالهجوم الاخير الذي نفذته اسرائيل على دمشق حيث قتل 3 من ضباط قوة القدس الايرانية، فانه "يبدو ان احتمالات وقوع المزيد من الهجمات المميتة ضد الجنود الامريكيين في العراق وسوريا تتزايد". 

تعزيز الغطرسة

ووفق التقرير الأسترالي، فإن البعض قد يعتبرون أن هذا القلق بشأن "بيروت أخرى" مبالغ فيه بعدما تراجعت الهجمات على القوات الأمريكية في العراق وسوريا منذ الهجوم الذي وقع في الأردن، مما يعطي الانطباع بان الردع الامريكي اصبح فعالا الان بعد الضربات الانتقامية الكبيرة التي نفذتها واشنطن في فبراير/شباط.

الا ان التقرير اشار الى ان التاريخ يقدم رواية تحذيرية، موضحا انه قبل وقوع الهجوم على يكنات المارينز في بيروت العام 1983، وقع قبله بشهور قليلة تفجير اصغر ولكنه اوقع قتلى استهدفالسفارة الامريكية في بيروت، مشيرا الى انه فترة الهدوء التي اعقبت الهجوم على السفارة،  فان المسؤولين في ادارة ريغان لم يعيدوا التفكير الذكي استراتيجيا في السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة او يفكروا في تخفيض عديد القوات الامريكية.

وتابع التقرير أن المسؤولين الأمريكيين، وبدلاً من القيام بتلك المراجعة أو التخفيض، فإنهم من خلال تصميمهم على إنجاح المهمة العسكرية في لبنان، قاموا بمضاعفة جهودهم وتبنوا دورا اكثر عدوانية في الحرب الاهلية في لبنان.

وأشار إلى حدوث هدوء فيما يتعلق باعمال العنف مثلما هو الحال اليوم في العراق وسوريا، قد يؤدي الى تعزيز شعور الغطرسة والاحساس الزائف بالأمن والتصميم على المضي قدما في الطريق المتبع، مضيفاً أن ذلك يقود الى "الندم الاستراتيجي" مثلما جرى في لبنان خلال عهد ريغان، وفي الصومال خلال عهد كلينتون، وفي فيتنام خلال عهد جنوسون. 

واعتبر التقرير انه في حال وقعت حالة "الندم الاستراتيجي" فيما يتعلق بالعراق وسوريا، فانها ستكون اكثر عمقا بالنسبة للرئيس الساكن في البيت الابيض اكثر مما كان عليه الحال بالنسبة الى ريغان في العام 1983، موضحا ان ريغان بعد تفجير المارينز في بيروت، لجأ الى استخدام وسيلة الهاء وتشتيت من خلال عملية زو غرينادا من اجل ان يقوم بهدوء بسحب الجنود الامريكيين من لبنان بدلا من اللجوء الى التصعيد العسكري والمجازفة بخسارة المزيد من ارواح الجنود الامريكيين.

ووفق التقرير، إذا جاء بايدن أو ترامب الى البيت الابيض بعد انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فإنهما قد لا يتمتعان بترف استخدام وسيلة الإلهاء مثلما جرى في غزو غرينادا، لكن وبسبب السياسات الحزبية الحادة في واشنطن ومحاولة الرئيس ألا يبدو ضعيفاً وتحت وطأة الانتقادات لانه لم يقم بما يكفي مثلما جرى بعد هجوم الأردن، قد يقود الى إحساس بايدن أو ترامب، مثلا أسلافهم من الرؤساء السابقين، بالضغط من اجل "التوسع" بالخيار العسكري، وهو ما قد ينطوي على نتائج مدمرة، مشيرا على سبيل المثال الى سيناريو يجري فيه استفزاز رئيس امريكي ودفعه الى ضرب ايران بعد الهجمات المتكررة التي شنها وكلاء طهران على الجنود الامريكيين، وهو ما قد يدفع ايران بدورها الى خيار الرد.

ولفت التقرير، إلى التحذير من أن نتيجة ذلك ستكون توسيع وزيادة تورط الولايات المتحدة في صراعات الشرق الأوسط، وهو ما لا يريده عموم الأمريكيين، كما أن تيار التقدميين وغالبية الشباب وشريحة الأمريكيين السود وبعض الجمهوريين، يعارضون الحرب. 

 وختم التقرير الأسترالي، بالإشارة إلى إمكانية تجنب هذه الاحتمالات، وضرورة ألّا تنتهي الرئاسات بـ"الندم الاستراتيجي"، وأن بايدن أو ترامب سيكونان مثل أسلافهم، أمامهم خيارات، مذكرا بأن الرؤساء جونسون وريغان وكلينتون وأوباما اختاروا الخيارات الخاطئة ثم ندموا عليها".

وخلص التقرير، إلى القول إن "تجاربهم وأشباح التاريخ هي بمثابة تحذير عندما يتعلق الأمر بالقوات الأمريكية في سوريا والعراق، وربما ستؤدي إلى قدر أقل من الندم".

ترجمة: وكالة شفق نيوز