من الأنبار.. تشكيلية شابة تشق طريقها بين "التقاليد" و"الدعم" (صور)
شفق نيوز- الأنبار
رغم التقاليد الاجتماعية والعشائرية، أخذت ابنة الأنبار هاجر الآلوسي، على عاتقها تنمية موهبتها في فن الرسم، لتقدّم نفسها فنانة تشكيلية، تفخر بمزج الألوان وصنع لوحاتها الخاصة، عبر دمج الواقع والخيال معا، وتجسيد أفكارها ومشاعرها في أعمال فنية.
وتحدثت الألوسي، لوكالة شفق نيوز، عن بدايات علاقتها مع الرسم، موضحة: "هذه العلاقة كانت بمثابة ملاذ شخصي اكتشفت شغفي به في مرحلة المراهقة، وهي المرحلة التي كانت مليئة بالحروب والمعاناة الشخصية التي واجهتها آنذاك".
وتضيف: "كنت محكومة بالوحدة والانطواء، أهرب للرسم وأبوح بالألوان بما لا أستطيع قوله بالكلمات. لم أكن أدرك آنذاك أن ما أفعله فن، لكن كنت أعرف أن الألوان تفهمني أكثر"، موضحة أن "الوحدة ولحظة الفقد الأولى في حياتي دفعتني للتمسك أكثر بالألوان، كنت أبحث عن عزاءٍ بصري حينما لم يكن أحد بجواري".
أما عن أول من اكتشف موهبتها ودعمها، فقالت إن والدتها كانت الشرارة الأولى التي أشعلت موهبتها، وساندها صديق مقرّب كان يرى في لوحاتها لغة أكبر من مجرد رسومات.
"عائلتي منحتني المساحة لأكون نفسي، وأمي أعطتني حق التعبير عن ذاتي كفنانة موهوبة ودعمتني بكل حب وعطاء"، هكذا تكمل الآلوسي حكايتها.
وعن انعكاس بيئة الأنبار على فنها، ترى الألوسي أن: "المدينة متناقضة، فيها انطفاء وفيها النور، فيها الفقد وفيها العطاء، وهذه التناقضات صنعتني كفنانة، فألواني تعكس ما جعلتني أشعر به وما أود أن أستشعره".
وفي ما يخص التحديات كامرأة أنبارية في الوسط الفني، أكدت أنها واجهت أصواتًا تشكك في جدوى ما تفعله، لكنها اختارت مواجهة ذلك بأن تجعل لوحاتها تتحدث عنها.
أما عن بيئة الأنبار الفنية، فترى أنها غنية بالمواهب لكنها ما زالت بحاجة إلى مساحات أوسع لدعم الفنانين، مؤكدة أن "الفن ليس ترفًا مؤقتًا بل قوة تغيير".
وتذكرت الألوسي مشاركتها الأولى في معرض محلي صغير، حيث "شعرت بالخوف وكأني أقدم قلبي للعلن، لكن فوجئت بقبول واهتمام كبيرين بأعمالي، ما جعلني أؤمن بأن ما تقدمه من فن يستحق المخاطرة".
أما عن معرضها الشخصي الأول، فقالت إن "فكرته ولدت من الحاجة لإظهار جزء كبير من روحي وتركه يواجه العيون"، مضيفة: "سكبت روحي في لوحاتي، واعتقدت أن الجمهور سيرى ما أرى. اكتشفت أنني أحيانًا أرسم حديثًا بلغة لا يعرفها العالم بعد. البعض أعجب بألواني، لكن قلة فقط وصلت إلى ما وراءها، رغم ذلك كان معرضي الأول خطوة كبيرة للإيمان بذاتي والصدق معها".
وعن أقرب أعمالها الفنية إلى قلبها، أشارت إلى لوحة بعنوان "ربيع قلبي"، التي جسدت الطبيعة الحالمة وشروق الشمس رمزًا للبدايات الجديدة، ووصفتها بأنها كانت أشبه بـ"التشافي الروحي"، مؤكدة أن "هذا العمل مثّل نقطة اكتشاف أسلوبها الفني الخاص".
ورغم أنها لم تشارك بعد في معارض خارج الأنبار، فإنها تطمح أن تصل أعمالها إلى ثقافات أخرى ترى الفن بعيون مختلفة.
وعن أبرز التعليقات التي بقيت في ذاكرتها، شهادة أحد الزوار الذي قال لها: "أنتِ لستِ فنانة، أنتِ رؤية"، واصفة هذه العبارة، بأنها جعلتها تدرك عظمة الفن الذي تصنعه، وأن لوحاتها تفتح عوالم الأرواح على الرؤية.
وبشأن موضوعات أعمالها، أوضحت أنها غالبًا انعكاس لتجاربها الشخصية ومشاعرها الداخلية، مشيرة إلى أنها تمتلك أسلوبًا خاصًا يمزج بين عدة مدارس فنية: السريالية، الرومانسية، التعبيرية، والواقعية الكلاسيكية.
أما عن التعبير عن هوية الأنبار، فقالت إنها لم تخض هذه التجربة بعد، لكنها ما زالت تبحث عن "اللغة البصرية المناسبة لأن المحافظة ليست مجرد مكان، بل ذاكرة مليئة بالحكايات".
وتحلم الآلوسي، حسب ما صرحت به، بأن تصل رؤيتها الفنية إلى العالم وأن تترك أثرًا عبر قصص ألوانها. أما عن واقع الحركة التشكيلية في الأنبار، فترى أنها إبداعية وشابة لكنها بحاجة إلى جسور بين الفنان والجمهور، مؤكدة: "نحن في بداية الطريق ونحتاج لمن يصفق لنا ويفهم وجهتنا لكي نستمر".
واختتمت حديثها بتلخيص رسالتها الفنية في جملة واحدة: "أنا شخصيًا كفنانة أضع جزءًا كبيرًا من روحي في لوحاتي، وأؤمن بأن أعمالي يومًا ما ستتكلم بأثر يتجاوزني في هويتي للعالم، هي وصيّتي الأبدية التي أتركها خلفي لتروي حكاياتي للأرواح التي لم ألتقِ بها بعد".