في الذكرى الرابعة لهزيمته.. "داعش" يتسلل في الضبابية السياسية والخاصرة الرخوة

في الذكرى الرابعة لهزيمته.. "داعش" يتسلل في الضبابية السياسية والخاصرة الرخوة
2021-12-07T12:08:13+00:00

شفق نيوز/ أربعة أعوام بالتمام منذ أعلن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي النصر على داعش في التاسع من كانون الأول/ديسمبر العام 2017، قائلاً إن القوات العراقية وصلت "لآخر معاقل داعش وطهروها ورفعوا علم العراق فوق مناطق غربي الأنبار التي كانت آخر أرض عراقية مغتصبة".

فرحة ملايين العراقيين في تلك اللحظة ربما لم يكن يضاهيها شيء منذ سنوات عديدة، بعد الأهوال التي عاشوها طوال ثلاث سنوات من سيطرة التنظيم الإرهابي على نحو مساحة بلدهم والتنكيل والجرائم التي ارتكبها بحق شرائح واسعة، بما في ذلك التسبب بتهجير نحو 3 ملايين شخص من بيوتهم، بالاضافة الى سقوط الاف الضحايا وتدمير عشرات المدن والبلدات وانفلات الحدود مع سوريا ما سمح لداعش بتعزيز قوته والتحرك بحرية واعلان إقامة "خلافته" المتطرفة.

والآن، يخشى العديد من المراقبين للشأن الأمني، من أن نشوة الفرحة بذلك النصر ربما تكون عرضة للتبدد. بموازاة تحذيرات الأمم المتحدة ودول التحالف والخبراء من أن داعش الذي هزم ميدانيا، ما زال يحتفظ بآلاف العناصر الذين يتأهبون لمعاودة محاولة إحياء التنظيم الإرهابي، وأنهم ما زالوا قادرين على تأمين مداخيل مالية تتيح لهم الحركة والتجنيد، وبخزائنهم السرية عشرات ملايين الدولارات على أمل احياء "الخلافة" مجددا برغم مقتل زعيمهم السابق ابو بكر البغدادي.

ففي الذكرى الرابعة لإعلان النصر، يحاول التنظيم الإرهابي التحرك مغتنما ما يمكن وصفه بأنها لحظة غيبوبة سياسية حرجة في العراق، حيث جرت الانتخابات في العاشر من اكتوبر/تشرين الاول الماضي، وما زالت القوى السياسية المختلفة تتجاذب فيما بينها، فيما بدأ داعش يحاول البرهنة على أنه قادر على اثبات نفسه مستفيدا من هذه الضبابية السياسية والأمنية، ويشن عمليات قتل وترهيب في "الخاصرة الرخوة" ما بين حدود إقليم كوردستان والحدود الاتحادية للعراق، مثلما حصل مؤخرا، حين شن داعش هجمات مكثفة لتنظيم استهدف مناطق محيطة بإقليم كوردستان، أوقعت ضحايا من القوات الكوردية.

وفي هذا السياق، ترى قيادات أمنية وخبراء ان تصاعد العمليات الإرهابية من قبل داعش لاسيما عند المناطق المحاذية لإقليم كوردستان ما هي إلا محاولة لتشتيت الجهد الامني فضلا عن كونها رسائل مباشرة لحكومتي بغداد واربيل بأن خلايا داعش تزال تحتفظ بحاضنات تؤوي عناصره داخل الاراضي العراقية.

ممثل البيشمركة في قيادة العمليات المشتركة ببغداد العميد الركن عادل زنكنة يقول إن "تنظيم داعش الارهابي يقترب من نهايته، ومحاولاتهم الارهابية في بعض القرى، انما هي رسائل يبعثها التنظيم للكل بأنهم باقون وبامكانهم القيام بعمليات نوعية في اي من المناطق التي يرغبون، ولكن القوات الامنية مستعدة للرد وابطال مخططاتهم الإجرامية ونواياهم السيئة".

وأشار زنكنة خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى حدوث تنسيق بين قوات البيشمركة والقوات الاتحادية "حيث دخلت لقرية لهيبان في محافظة كركوك وحمايتها بعد تهديدات للعصابات الارهابية باجتياحها، ولايوجد اي داعشي في القرية وان القوات الامنية المشتركة تعمل على تأمين كل القرى والمناطق التي تحتاج لجهد أمني مشترك".

وحذرت سلطات اقليم كوردستان من غياب التعاون الأمني المشترك مع الحكومة الاتحادية خاصة في المناطق المسماة متنازع عليها، لسد الثغرات التي يستفيد منها مسلحو داعش، لشن هجمات وكمائن واستهداف المدنيين في قراهم.

بالإضافة لما أشار إليه الزعيم الكوردي مسعود بارزاني، إلى احتمال تغيير في تكتيكات قوات البيشمركة عندما دعا الى ضرورة انتقالها من حالة الدفاع إلى الهجوم، وذلك عقب الهجمات دامية على مواقع للقوات الكوردية، في قرى على تخوم كركوك ونينوى على غرار الاعتداء على نقطة للبيشمركة في قرية قرة سالم في كركوك والقريبة من أربيل، مما تسبب بسقوط أربعة عناصر من البيشمركة ضحايا بينهم ضابط.

وتقول مصادر أمنية، ان أغلب الهجمات الأخيرة، ينطلق فيها ارهابيو داعش على الأغلب من سلسلة جبال قرجوغ بين محافظة نينوى وكركوك، وهي منطقة وعرة نسبيا، ملائمة لاختباء مسلحي داعش، كما أنها تمثل منطقة فاصلة بين مواقع تمركز القوات العراقية وقوات البيشمركة.

ويقول المتحدث باسم جهاز مكافحة الارهاب صباح النعمان لوكالة شفق نيوز ان "تنظيم داعش الارهابي يحاول خلال هذه الفترة استغلال بعض الثغرات الامنية وبعض المناطق التي تشهد ضعفا في التنسيق بين حكومتي المركز والاقليم"، موضحا ان "عمليات داعش الإرهابي تنشط في المناطق المحاذية للإقليم مستغلا المناطق او الطرق الوعرة ذات التضاريس الصعبة للتحرك والقيام بعمليات ارهابية تهدد المناطق المجاورة".

وحول امكانية التنظيم لمهاجمة المدن الكبيرة، قال النعمان ان "داعش ليس لديه الإمكانيات التي تتيح له تهديد المدن، ومن الممكن ان نعتبر العمليات الإرهابية كحرب عصابات يحاول التنظيم من خلالها ان يشتت الجهد الامني" لكنه اكد ان "القوات الامنية تبقى متماسكة والجهد الاستخباري عالياً جدا".

ولفت النعمان الى ان "جهاز مكافحة الارهاب عمل خلال هذه السنة على تكثيف الجهد التنسيقي الاستخباري مع الاقليم بالتعاون مع كافة التشكيلات الامنية الكوردية وهذا التنسيق ادى الى تنفيذ الجهاز لعمليات ناجحة استهدفت بعض قادة التنظيم فضلا عن ان التنسيق الاستخباري طال الارهابيين المختبئين في كوردستان ولدينا يوميا تنسيق استخباري وتبادل للمعلومات تؤدي لاعتقال إرهابيين مختبئين في الاقليم او في مناطق التي تحاذي الحدود الفاصلة بين الاقليم وبين المركز".

ولطالما راهن داعش، منذ هزيمته الميدانية قبل أربعة أعوام، على كسب المزيد من الوقت من اجل اعادة رص صفوفه وإعادة تنظيمه ضمن ملاذاته الآمنة، سواء في المناطق النائية في العراق او سوريا، ما سيتيح له مجددا ان يفرض تهديدا منظما على السلطات العسكرية في البلدين في المدى المنظور، على أن ينتقل ربما على المدى الأبعد، الى تفعيل عملياته على الساحة الإقليمية والخارجية، مراهنا ايضا على التقديرات التي تقول انه يمتلك مخزونا ماليا يتراوح بما بين 100 و300 مليون دولار، واستمراره في ابتزاز الأموال من المدنيين والاستثمار في أعمال نشاطات تجارية شرعية بظاهرها، بما في ذلك شركات الصيرفة.

ويرى رئيس مركز التفكير السياسي احسان الشمري لوكالة شفق نيوز ان "سبب تصاعد العمليات الإرهابية في القرى المحاذية للاقليم يعود الى عدة اسباب من بينها الفراغات الامنية في ما يسمى بالمناطق المتنازع عليها، واعتقد انها السبب الرئيسي لنفاذ وعودة تنظيم داعش لان يضرب او يوجه هجمات بشكل مدروس وممنهج". واضاف ان "الامر يرتبط ايضا بالتنسيق ما بين القوات الامنية الاتحادية وبين قوات البيشمركة، فبرغم انه متقدم، لكن اتصور نحن بحاجة الى خطوات اكثر فاعلية في هذا الجانب لسد الثغرات ومنع عودة داعش".

وأشار الشمري ايضا الى ان "السبب الاخر يرتبط بالازمة السياسية التي انعكست بما لايقبل الشك على الوضع الامني بشكل كبير".

وشدد الشمري على "ضرورة استدامة الضربات الاستباقية في كل الجهات، كما ان تنظيم داعش على ما يبدو، نجح في استقطاب بعض الاطراف (العناصر) بالتالي استطاع ان يتحفز من جديد على مستوى الاراضي العراقية، بمعنى اخر وجود بيئة حاضنة يتحرك من خلالها بالإضافة الى قضايا عسكرية وهي قضية امتدادات الصحراء وجبال حمرين ومكحول جميعها ساهمت بعودة نشاط التنظيم".

وبرغم ذلك، اعتبر الشمري "لا اتصور ان داعش سيعود الى سيناريو 2014 كون داعش يستغل هذه المرحلة (الفراغ السياسي) من صراعات وأزمات تشكيل الحكومة، وهي جميعها تؤثر بشكل كبير، لكن مع ذلك يمكن لجهد استخباراتي كبير ان يحبط الكثير من نشاطه، ولهذا نعول على الجهد الاستخباري اكثر من السابق".

ولهذا، فإن التنسيق الأمني-العسكري المباشر بين اربيل وبغداد لا يبدو مجرد ترف قابل للتأجيل، وهذا ما حدث فعلاً بإعلان الطرفين، الثلاثاء 7 كانون الأول ديسمبر، عن تنسيق عسكري لتأمين قرية لهيبان في محافظة كركوك، بعد تهديدات داعش باجتياحها، مما تسبب بنزوح الأهالي من منازلهم.

ومن أجل سد تلك الثغرات، تحدث ايضاً رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، عن الوصول الى اقصى درجات التعاون والتنسيق العسكري المتين بين قوات البيشمركة والجيش العراقي "من أجل التمكن من مواجهة العدو الداعشي المشترك الذي يشكل تهديدا لامن واستقرار البلاد باكملها".

ومن جهته، كشف مصدر امني لوكالة شفق نيوز ان "تكرار الأعمال الإرهابية من قبل داعش وتركيزه على اختراق قرى قائمة بذاتها ما هي الا رسائل تحذير من احتمالية عودته وان كان الاحتمال ضعيف، لكن يبقى تهديدا مقلقا ولابد من انهاء وجوده من خلال تضافر الجهود الامنية والعسكرية والاستخبارية والحكومية لدرء خطر عودته من جديد، خاصة انهم يبحثون عن ثغرة تؤمن لهم الولوج لمناطق او مدناً اكثر تأثيرا في المعادلة الامنية".

واضاف المصدر الامني "نحتاج الى عمليات مكثفة فضلا عن استمرار الطلعات الجوية لجميع المناطق التي تشكل ملاذا امنا للتنظيم الذي يتخذ من المناطق الصعبة مرتكزا له".

وبهذا الخصوص، يقول فاخر عز الدين وهو مراقب للشأن الكوردي في حديث لوكالة شفق نيوز، "هنالك فراغ أمني كبير في القطاعات الواقع بين قوات البيشمركة والقوات الاتحادية وهذا خلف تقدماً واضحاً لخلايا التنظيم في مناطق كفري وكولجو ومناطق كركوك ومخمور، وهذا الفراغ الأمني يجب أن تتحملة الحكومة الاتحادية لأنها تسيطر أمنياً على المناطق المتنازع عليها ويجب أن لا تتنصل عن واجباتها".

واضاف "حسب المعلومات هنالك جهات إقليمية تدعم تحرك داعش في المناطق المتنازع عليها".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon