"فخ أخيل".. كتاب جديد يحفر في خفايا حرب العراق وعقل صدام حسين

"فخ أخيل".. كتاب جديد يحفر في خفايا حرب العراق وعقل صدام حسين
2024-03-22T16:27:07+00:00

شفق نيوز/ يمثل كتاب "فخ أخيل: صدام حسين، سي آي إيه، وأصول غزو أمريكا للعراق"، إضافة لا غنى عنها لفهم، ليس فقط لجذور انخراط الولايات المتحدة في ما يوصف بأنه أسوأ خطأ في تاريخ السياسة الخارجية الامريكية، وانما ايضا لقراءة اكثر عمقا لشخصية الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، حتى في التفاصيل الشخصية، وكيف تواطأ رؤساء امريكيون او تغاضوا عن وحشيته، بما في ذلك عندما استخدم الغازات السامة ضد الكورد، وذلك بالاستناد الى نصوص ووثائق كانت الادارات الامريكية تحاول حجبها عن الرأي العام. 

وبحسب ما يقول مؤلف الكتاب "فخ أخيل" الأمريكي ستيف كول، فان صدام حسين، كان يحذو حذو الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون بتسجيل كل المحادثات واللقاءات مع مسؤوليه، مشيرا الى ان القوات الامريكية قامت بمصادرة هذه التسجيلات بعد الغزو في العام 2003، وجرى نقلها الى واشنطن لنسخها وترجمتها، ولم يتم نشرها واضطر كول الى خوض معركة قانونية من أجل انتزاع الحق بالحصول على نسخ من هذه الوثائق والتي استند عليها لإعداد كتابه الجديد. 

وبحسب هذه الوثائق، فإن صدام حسين كان منهمكا بكتابة روايات، وبقواعد اللغة العربية، في حين كانت واشنطن ولندن تستعدان لغزو العراق، وهي حرب كان صدام يبدو انه يستبعدها، لأنه كان على قناعة بأن وكالة الاستخبارات الامريكية تعلم كل شي، ولهذا فإنها تعلم انه لم يكن يمتلك اسلحة دمار شامل لانه دمرها في العام 1990، ولهذا فإن التهديدات التي كان يسمعها من الولايات المتحدة، كان يعتبرها مجرد اتهامات وحملات دعائية ضده، لكنه حاول الادعاء الفارغ بانه يمتلكها بالفعل لردع خصومه، وخصوصا ايران. 

وتنقل صحيفة "الجارديان" البريطانية عن المؤلف كول قوله إن صدام "كان يحاول اظهار كبريائه وخوفه من الاذلال والضعف امام الهجمات الداخلية وربما الهجمات الخارجية".

واضاف انه فيما يعكس "لحظات شك واضحة"، فإن صدام كان"يقوم بين الحين والآخر بمضايقة وزرائه ليسألهم عما اذا كانوا قد اخفوا اي بقايا من البرامج النووية أو الكيميائية او البيولوجية". 

وتظهر احدى الوثائق ان صدام توجه الى نائب رئيس الوزراء في العام 1998، هو يسأله "هل لدينا أي برامج جارية لا اعرف عنها؟" وتلقى ردا بأن كل شيء قد تم تفكيكه.

وبحسب موقع "امازون"، فإنه من خلال الاستعانة بالمصادر غير المنشورة، ومن خلال مقابلات مع أشخاص لا زالوا على قيد الحياة، ونصوص وملفات صوتية خاصة بصدام، فإن المؤلف كول يجمع صورة شاملة بشكل لا يصدق لرجل كان على قناعة بأن العالم يسعى للنيل منه ويتصرف وفقًا لذلك.

ويتابع الموقع الأمريكي قائلا إن "فخ أخيل" هو بمثابة عمل يحمل اهمية تاريخية كبيرة، ويقدم توصيفاً حول كيف يؤدي فساد السلطة، واكاذيب الدبلوماسية، والغرور، على كلا الطرفين، الى وقوع أخطاء في اصول الحكم، كان بالإمكان تجنبها، وهي أخطاء تؤدي الى وقوع معاناة إنسانية لا حدود لها، وتتسبب بتغيير ابدي للمشهد السياسي الذي نعرفه. 

ويقول المؤلف كول بحسب ما تنقل عنه صحيفة "الجارديان"، فإن "هناك مئات الساعات، إن لم يكن أكثر من 1000 ساعة، أمضاها صدام يتحدث مع رفاقه وجنرالاته، وهذه المواد لم ترى النور أبداً، فقد راجعها مؤرخون حكوميون وتمت فهرستها، لكننا لا نعرف حقًا ما تحتويه".

ويقول الكاتب روبرت كابلان أن المؤلف كول يركز في كتابه على العراق ومشكلات تحليل ما كان يجري فيه بالفعل، وان "البطل الرئيسي في الكتاب هو صدام حسين، فصورته فيه تفصيلية، وتتناول علاقاته العائلية، وعدد ما كان يدخن في اليوم من السيجار الكوبي، والروايات التي كتبها، والزعماء الذين كان مفتوناً بهم"، مضيفا أن "صدام كان مستمعا عظيما ومثيرا لاعصاب من يحدثونه في الوقت نفسه، وذلك لثبات تعبير وجهه بما يجعل قراءة افكاره مستحيلة، وكان ايضا متقلب المزاج، حيث انه قد يضع كبار علمائه النوويين في السجن لشهور قبل مكافأتهم بمناصب ومسؤوليات بيروقراطية جديدة". 

وتشير صحيفة "الاندبندنت" البريطانية الى ان المؤلف كول يلاحق تغيرات العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق عبر الإدارات الامريكية في العقود الماضية، بدءا بإدارة الرئيس رونالد ريغان التي قدمت هي والاستخبارات المركزية بصفة خاصة من الدعم لصدام حسين قدر ما استطاعوا للتصدي لإيران في الحرب العراقية الايرانية خلال ثمانينيات القرن الماضي. 

وتتابع أن إدارة ريغن والاستخبارات كانت توفر الدعم برغم إحباطهم من سوء القيادة العسكرية العراقية الناتجة عن ميل صدام الى ملء مناصب الجيش العليا بالبعثيين الذين يثق بهم، وبرغم إدراك المسؤولين الامريكيين لوحشية صدام حيث انهم "برروا دعمهم له بكونه شخصية محدثة علمانية"، ولهذا تقبلوا قيامه بإعدام كوادر البعثيين فور تولي صدام للسلطة في العام 1979 وقتله بغاز الخردل الجنود الإيرانيين، وقتله بالغاز عشرات الآلاف من المدنيين الكورد في العام 1988. 

وتظهر الوثائق أن صدام كان تحسبا لاحتمال تعرضه للاغتيال، يلجأ للاقامة في فيلات خارج بغداد، حيث لا يعرف مكان وجوده سوى عدد قليل من الموثوقين، وأنه عمل على 4 روايات، من بينها "زبيبة والملك"، مكتوبة بخط اليد بخط دقيق للغاية، وقام بتسليم بضع صفحات في كل مرة إلى سكرتيره الصحفي علي عبد الله سلمان من اجل ان يقوم بتنقيحها، وهي مهمة جرى القيام بها بحذر وحرص قدر الامكان. 

وبرغم ان كول، يصف "زبيبة والملك" بأنها جيدة ومتناسقة ونشرت بلا اسم صدام لكن الجميع كان يعرف انها من تأليفه، وقد جرى تحويلها إلى مسرحية غنائية ومسلسل، الا ان الروايات الثلاث الاخرى، لم تكن صالحة للقراءة وهي بمثابة "بروباغاندا". 

وتشير الوثائق إلى أنه لم يكن هناك ادراك كبير في واشنطن بتحول صدام الى مؤلف موهوم، وسبب ذلك جزئيا انه لم يكن هناك وجود لأي تواصل فعلا بين الولايات المتحدة والعراق، على الرغم من أن بغداد كانت في السابق حليفا مهما ضد إيران. 

وحول مخطط لاغتيال أمير الكويت بعد تحرير الكويت، يقول المؤلف كول مشككا بالقول "أميل إلى فكرة أن هذا كان نوعا من العمليات الدعائية الكويتية لأن البديل القائل بأنها كانت بالفعل محاولة اغتيال خطيرة من الصعب استخلاصه من الادلة المتوفرة".

ولا تظهر الوثائق وجود أي نوع من التواصل بين بغداد وواشنطن بين عامي 1990 و2003، عام الغزو، حيث كان مسؤولو ادارتي بيل كلينتون وبوش الابن، يخشون من انفجار عاصفة سياسية بوجوههم لو انهم اجروا اتصالات مع نظرائهم العراقيين، وهو ما قد بحسب المؤلف كول الى حدوث حالة "عمى أمريكي عن الحقيقة"، مشيرا إلى انه لو كانت مثل هذه الاتصالات جرت، لربما كان صناع القرار في واشنطن أكثر إدراكا لمدى التغيير الذي أصاب صدام بحلول العام 2000. 

وبحسب موقع "أمازون" فإن المؤلف كول، هو من أصحاب الكتب الاكثر مبيعا، وسبق له أن حاز على "جائزة بوليتزر"،ويتناول في كتابه كيف أدى الخطأ البشري وسوء التواصل الثقافي والغطرسة الى وقوع اكثر الصراعات الجيوسياسية في عصرنا كلفة. واضاف انه عندما لم يتم العثور على اسلحة الدمار الشامل، اضطرت الولايات المتحدة وحلفاؤها الى فحص الاخفاقات السياسية والاستخباراتية التي قادت إلى الغزو والاحتلال، والحرب الأهلية التي تلت ذلك في العراق. ويتابع أن الكتاب يعرض تفاصيل الحسابات الخاطئة الاساسية التي ارتكبتها واشنطن خلال علاقتها التي استمرت عقودا مع صدام حسين. ويضيف أن وكالة الاستخبارات الأمريكية والإدارات الرئاسية المتعاقبة فشلت في فهم الفروق الدقيقة في جنون العظمة والاستياء والتناقضات، حتى عندما كانت المخاطر عالية.

وبينما كان صدام منهمكا بكتابة رواياته وعزلته، يقول المؤلف كول ان "تغيير النظام أصبح سياسة اميركية في التعامل مع العراق خلال إدارة كلينتون، وكان نائب الرئيس آل جور الأكثر حماسا للاطاحة بصدام، وظل كذلك حتى بعد خسارته بفارق ضئيل في الانتخابات أمام جورج بوش الابن في العام 2000". 

ترجمة: وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon