"جيل Z" والسباق الانتخابي.. شباب الأنبار بين الإدلاء بأصواتهم والمقاطعة
شفق نيوز- الأنبار
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في العراق، تباينت مواقف الشباب في محافظة الأنبار، خاصة "جيل Z" بين المشاركة والمقاطعة، متأثرين بالتجارب السابقة، ومستوى الخدمات المحلية، وطبيعة المشاريع التنموية، إضافة إلى الممارسات السياسية الحالية للمرشحين.
عضو مجلس محافظة الأنبار، عدنان الكبيسي، يوضح أن "الانتخابات السابقة كانت الأعلى تسجيلاً في المحافظة بنسبة 57% وهو الرقم الأعلى منذ عام 2003، ونتأمل في هذه السنة أن تكون المشاركة أكبر".
ويضيف الكبيسي، لوكالة شفق نيوز، أن "تفاعل الشباب ومنظمات المجتمع المدني وعلماء الدين وجميع الفعاليات الشبابية التي تحث على المشاركة، أصبح يشكل حافزاً وهذا سيكون دافعاً للشباب، على الرغم من أن هناك فئات مثقفة وأكاديمية من الشباب، الأغلبية منهم لديهم تحفظات على العملية الانتخابية".
من جانبه، يرى الشاب وسام الجوعاني (19 عاماً)، ويشارك لأول مرة في الانتخابات، أن "المشاركة في الانتخابات المقبلة أصبحت ضرورة حتمية، رغم تصاعد الدعوات الشعبية لمقاطعة الانتخابات في عدد من مناطق العراق، وذلك في ظل التراجع الكبير في مستوى الخدمات وغياب المشاريع التنموية".
ويضيف الجوعاني في حديثه لوكالة شفق نيوز: "قد أفكر بمقاطعة الانتخابات مستقبلاً إن لم يحدث تغيير، لكن حالياً لا أرى أن المقاطعة خياراً مناسباً، خصوصاً في منطقتنا المنكوبة. المشاركة ضرورية لاختيار الشخص المناسب، لأن وضعنا لم يعد يُحتمل".
ويتابع "ناحية البغدادي تُعد من أسوأ المناطق من حيث البنى التحتية، لا شوارع معبدة، لا مشاريع إسكان، لا مولات أو أماكن ترفيهية أو سياحية، رغم توفر مقومات ذلك. حتى الزراعة التي كانت مصدر رزق لأغلب السكان، توقفت تماماً، وناحيتنا التي تضم أكثر من 40 ألف نسمة ما زالت تُعامل كمنطقة نائية".
كما انتقد غياب الرؤية الواضحة لدى المرشحين السابقين، قائلاً: "معظم من فازوا بالانتخابات السابقة لم يقدموا شيئاً لمناطقهم الانقسامات الحزبية والعشائرية، ما تسبب في تشتيت الأصوات. فأحد المرشحين حصل على أكثر من 10 آلاف صوت لكنه لم يقدم أي شيء ملموس للمنطقة، بينما البعض الآخر كان يروج لمرشحين من خارج البغدادي، وكان أقصى إنجاز لهم تنظيم بطولات خماسي لكرة القدم".
ويضيف "اليوم فقط وأنا متوجه إلى المدرسة، شاهدت صور المرشحين معلقة فوق شوارع مليئة بالحفر والخراب. هذه الصور تُمثل الواقع الذي نعيشه".
ورغم إحباطه من بعض الشخصيات السياسية، أكد دعمه لمرشح معين، قائلاً: "سأنتخب مرشح بعينه، رغم أنه ليس من منطقتنا أو عشيرتنا لأنه الوحيد الذي قدّم مشاريع حقيقية للبغدادي. أتمنى أن ينتبه لصوتي وصوت شباب المنطقة الذين باتوا يخجلون من قول إنهم من البغدادي بسبب الإهمال الحكومي والوعود الكاذبة".
وانتقد الجوعاني بعض الممارسات الانتخابية، مبيناً: "هناك مرشحون يستغلون الناس بشراء بطاقاتهم الانتخابية مقابل وعود بتعيينات، وفي النهاية لا يحصل المواطن على شيء".
إلى ذلك، يؤكد علاء عمر (20 سنة): "صراحة، أنا روجت معاملة البطاقة الانتخابية وأنتظر استلامها، أما بخصوص المشاركة من عدمها، فحتى اللحظة أنا مقاطع، لأنني في رحلة بحث مستمرة عن شخص أو حزب يمثل مبادئي الشخصية".
ويوضح في حديثه لوكالة شفق نيوز: "أريد شخصاً بدون وعود كاذبة، وصاحب مشروع سياسي حقيقي وليس مشروعاً انتخابياً ينتهي بفوزه. حتى اللحظة لم أجد هذا الحزب أو المرشح، فمقاطعة الانتخابات المقبلة على استغلال حاجة الناس هي الخيار الأفضل بالنسبة لي".
ويلفت عمر إلى أن "المرشحين مدعومين من الأحزاب، وفي هذه الفترة قبل موعد الانتخابات يبدأون ببناء ملاعب كرة قدم خماسية، وتركيب محولات كهرباء، وتقديم وعود للشباب بالتعيينات والمحتاجين برواتب رعاية اجتماعية، فقط من أجل الفوز بالانتخابات. أنا أرفض هذه الممارسات، وأي شخص يفعل ذلك سأضع عليه علامة X".
وهناك تباين كبير في مشاركة "جيل Z" في محافظة الأنبار، بين من يرى الانتخابات فرصة حقيقية للتغيير، وبين من ينتظر مشروعاً سياسياً حقيقياً يحقق احتياجات المدينة والمواطنين.
ويعكس ذلك تنوع الرؤى لدى الشباب بين التفاؤل والحذر، وبين الدعم النقدي والمقاطعة المدروسة، بما يعكس وعيهم السياسي ومطالبتهم بتحسين الخدمات والبنى التحتية.
وكان مجلس الوزراء العراقي قد حدد يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة، فيما أعلنت مفوضية الانتخابات أن الحملات الدعائية للمرشحين ستبدأ في 8 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وتستمر لغاية 24 ساعة قبل بدء التصويت الخاص، ويحق لنحو 30 مليون عراقي من أصل 46 مليون نسمة المشاركة في هذه الانتخابات.
و"جيل Z" هي مجموعة ديموغرافية تلّي جيل الألفية، ويستخدم الباحثون ووسائل الإعلام أعمار منتصف التسعينيات إلى أواخرها كبداية سنوات ميلاد لهذا الجيل وأوائل عام 2010 كسنوات ميلاد نهائية.