تفاؤل دولي في التحقيق بجرائم داعش: تجفيف الأموال والسلاح يتطلب وقتاً

تفاؤل دولي في التحقيق بجرائم داعش: تجفيف الأموال والسلاح يتطلب وقتاً
2021-12-31T08:07:08+00:00

شفق نيوز / كشف المدعي العام الألماني السابق الذي يرأس الآن فريق التحقيق التابع للامم المتحدة حول جرائم داعش كريستيان ريتشر، عن تفاصيل الطريق الذي ستسلكه جهود ملاحقة الجرائم التي ارتكبها التنظيم الارهابي من اجل تحقيق العدالة، من خلال محاولة الكشف عن مصادر تمويل الارهاب والاسلحة الكيميائية والطب الشرعي والمعلومات الرقمية. 

وأشار المحقق ريتشر في مقابلة مع موقع "دوتشيه فيله" الألماني، وترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أنه سيحاول خلال العام الجديد، الإجابة عن أسئلة مثل من الذي استفاد من صعود التنظيم الارهابي في العراق، وأين هم اليوم؟

وكان ريتشر جرى تعيينه في أيلول الماضي، لرئاسة فريق التحقيق التابع للامم المتحدة (UNITAD) لملاحقة جرائم التنظيم الارهابية الذي كان لديه في وقت من الاوقات، آلاف الأعضاء بينهم نحو 40 ألف مقاتل أجنبي، ويسيطر على حوالي 100 ألف كلم مربع من الاراضي ما بين العراق وسوريا، ومارس جرائم الخطف والاعتداء الجنسي والجسدي والعبودية والابتزاز والقتل والجرائم المالية منذ العام 2014 وما بعده.

انشاء إرشيف

وذكر التقرير ان فريق "يونيتاد" بدأ عمله في اغسطس/آب العام 2018 وهو مكلف بتوثيق الجرائم الوحشية التي ارتكبها التنظيم وارشفة الدلائل والمساعدة في تدريب السلطات العراقية في مسائل مثل الطب الشرعي. واضاف التقرير انه خلال الشهور الستة الماضية، جرت ارشفة مليوني قطعة من الادلة وتحويلها الى صيغة رقمية بواسطة "يونيتاد".

واشار التقرير الى ان فريقد "يونيتاد" الذي يوظف اكثر 200 شخص، اعلن في ايار/مايو العام 2021، ان 14 دولة مختلفة طلبت المساعدة في قضايا مرتبطة بتنظيم داعش خارج العراق.

ولفت التقرير الى ان ريتشر قد تولى سابقا ادارة وحدة التحقيقات الخاصة بجرائم الحرب في المانيا، والتي تولت رفع العديد من القضايا المهمة الى المحاكم الالمانية، وهو قاد ايضا فريق التحقيق في احدى هذه القصايا في فرانكفورت والتي ادين فيها احد اعضاء داعش مؤخرا بارتكاب جرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية بعد ان ترك هو وزوجته الالمانية طفلة ايزيدية، مقيدة بالسلاسل في درجة حرارة مرتفعة، ما ادى الى وفاتها من العطش.

مشكلة عراقية

وبحسب المقابلة، فإن الرئيس الجديد لـ"يونيتاد" يعتقد أن "التدقيق في تمويل داعش سيكون احد المجالات الواعدة لابحاث الفريق في المستقبل القريب، حيث لدى الفريق فريق متخصص يعمل على هذا الملف.

ولم يدلِ ريتشر عن أي تفاصيل اخرى لان التحقيقات ما تزال جارية، لكنه يقول "اعتقد اننا سنتوصل الى روابط دولية لهذا الامر، هذه ليست مشكلة عراقية داخلية فقط، فبعد كل شيء، كانت جماعة داعش تعمل ايضا خارج العراق، على سبيل المثال، في اوروبا".

وفي البداية كان الاشتباه بان متبرعين من دول الخليج يقومون بتمويل داعش الحديثة النشوء، لكن عندما سيطر المتطرفون على اجزاء كبيرة من العراق وسوريا، كانت معظم اموالهم مصدرها من داخل الاراضي ومن الناس الذين فرضوا حكمهم عليهم.

وفي مرحلة ذروة قوة داعش في العام 2014، اشارت تقديرات الخبراء الى ان التنظيم لديه اصول تزيد قيمتها عن 2 مليار دولار، واعتبر مركز الامن والتعاون الدولي في جامعة ستانفورد الامريكية ان "الاموال المصادرة من الاراضي المحتلة الى جانب مبيعات الثروات الطبيعية والضرائب على المجتمعات المحلية والنشاطات الاجرامية، جعلت من داعش اغنى تنظيم ارهابي في العالم".

من الرابح؟

لكن في اواخر العام 2020، اعتبرت الحكومة الامريكية ان داعش ربما لا يزال يمتلك اصولا تقدر بنحو 300 مليون دولار، غير ان باحثين في وزارة الخزانة الامريكية اشاروا الى ان اية مداخيل مالية يتم الحصول عليه حاليا تأتي من النشاطات الاجرامية، بما في ذلك الخطف والابتزاز وتهريب المخدرات في المنطقة وتهريب البشر الى اوروبا وكذلك المبيعات غير المشروعة للاثار العراقية او السورية المنهوبة.

وتضمنت المقابلة، الإشارة إلى أن داعش انخرط ايضا في تجارة العملات المشفرة وذلك بهدف التهرب من السلطات ونقل الاموال او غسلها، كما ان داعش يستخدم أيضا نظاماً غير رسمي شبيها بنظام عمل "ويسترن يونيون" حيث يرسل أشخاض الأموال إلى الخارج".

وفي اكتوبر / تشرين الأول الماضي، أعلنت السلطات العراقية انها اعتقلت عضوا بارزا في داعش يدعى سامي جاسم الجبوري، الذي اشرف على الشؤون المالية للتنظيم الارهابي.

وقال ريتشر إن "التحقيق في تمويل الارهاب مهم لانه اولا يمنحك الرؤية من اعلى الى اسفل على حد تعبيره"، موضحاً انه "اذا لاحقت الاموال، فانك سوف تشاهد ما يمثل هيكل المنظمة، وفي النهاية، ستجد الاشخاص الذين سيستفيدون حقا مما تم انجازه."

تحديات عدة

وأضاف ريتشر، أن لدى "يونيتاد" فرق خاصة تقوم بالتحقيق في الجرائم ضد النساء وتجنيد الاطفال وكيف حاول تنظيم داعش تطوير اسلحة كيميائية في مدينة الموصل، مشيرا الى ان هذه المسائل ستكون ايضا من نقاط تركيز عمل فريقه خلال العام المقبل.

ولفت التقرير الى وجود تحديات، مشيرا الى انه من المرجح ان تتم محاكمة الرعايا الاجانب الذين ينتمون الى تنظيم داعش في اوطانهم، الا أن ريتشر يعتقد ان افضل مكان لمحاكمة المواطنين العراقيين هو في العراق، وهو ما يمثل تحديا قانونيا لان الامم المتحدة تعتقد انه "لا يجوز مشاركة اي دليل في الاجراءات الجنائية التي يمكن ان تفرض فيها عقوبة الاعدام".

واشار التقرير الى ان الحكومة العراقية طرحت اقتراح مشروع قانون يمكن ان يبدل طريقة عملها مع "يونيتاد"، لكن جرى تاجيله بسبب الجمود السياسي في العراق فيما بعد الانتخابات.

ونقل التقرير عن ريتشر قوله "اننا نتصرف وفق ما يتعلق بسيادة العراق الوطنية وسلامة اراضيه، ولذلك فاننا حساسون بطريقة ما ونحن مستعدون للتغلب على العقبات المحتملة بشكل مبتكر".

الصبر مطلوب

وفيما تتزايد ادلة فريق "يونيتاد"، يعتقد المدعي الالماني السابق انه سيكون هناك قريبا "نقطة تحول" في كيفية تقديم اعضاء داعش الى العدالة، مقرا في الوقت نفسه بان هذا الامر من المرجح ان يستغرق سنوات.

وختم ريتشر بالقول "يمكنني ان اتفهم سبب نفاد صبر ضحايا هذه الجرائم. يريدون تحقيق العدالة"، مشيرا الى انه يامل ان يعمل "يونيتاد" كقاعدة بيانات مركزية يمكن للاخرين ان يلجأوا اليها للحصول على المساعدة، خلال محاكمة احد اعضاء تنظيم داعش.

وخلص إلى القول بشكل تفاؤلي إن "التحقيق في الجرائم الدولية كالجرائم ضد الانسانية وتقديمها امام المحكمة، هي عملية طويلة، أنظروا إلى كمبوديا ورواندا، لكن هذا الامر يحدث، كما راينا مؤخرا في قضية فرانكفورت، وبينما نستمر في العمل، سيكون هناك المزيد من المحاكمات كهذه".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon