تحذير لأمريكا من تداعيات أزمة النفط في إقليم كوردستان .. ما هو دور تركيا وإيران؟

تحذير لأمريكا من تداعيات أزمة النفط في إقليم كوردستان .. ما هو دور تركيا وإيران؟
2023-10-05T12:24:31+00:00

شفق نيوز/ حذر معهد "المركز العربي في واشنطن"، من أن أزمة عوائد النفط التي تخنق اقليم كوردستان لن تخدم مصالح الولايات المتحدة التي لها مصلحة راسخة في ان يكون الاقليم مستقراً وآمناً ومزدهراً، نظراً لموقعه الجيوسياسي الاستراتيجي ودوره كشريك يمكن الاعتماد عليه في الحرب ضد الجماعات المتطرفة، لافتا الى ان تصاعد التنافس بين تركيا وإيران في شمال العراق، يساهم في تعزيز الخلافات الكوردية.

وبعدما أشار التقرير الأمريكي الى احدث كركوك الاخيرة وما انتهت اليه بمقتل 4 متظاهرين، ذكر بقرار رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني باخلاء مقر قيادة العمليات المشتركة واعادته الى الحزب الديمقراطي الكوردستاني، موضحا ان القرار جاء في إطار مقايضة سياسية أوسع نطاقا، اذ ان السوداني من اجل ترسيخ حكومته في بغداد في العام 2022، كان دعم اقليم كوردستان امرا بالغ الاهمية بالنسبة اليه، مضيفا أن التقارير تتحدث عن ان قرار اعادة المقر كان جزءاً من هذه الصفقة السياسية، إضافة الى العديد من الامتيازات الكوردية الاخرى.

وبحسب التقرير الامريكي، فان اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات العراقية، يتسبب في تصاعد التوتر في كركوك، الغنية بالموارد والتي يقطنها الكورد والعرب والتركمان، مضيفا ان تركيا باعتبار انها لاعب اقليمي رئيسي، تسعى الى تأكيد نفوذها في تشكيل السياسة بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية في بغداد.

ولفت الى ان تركيا سارعت بعد الاضطرابات الاخيرة في كركوك، الى ربطها بالعمليات التي يقوم بها حزب العمال الكوردستاني.

واضاف انه ليس سرا فان الاتحاد الوطني الكوردستاني، وهو منافس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، يتمتع بعلاقات افضل مع ايران، بل ولديه ايضا علاقة تعاون مع حزب العمال الكوردستاني، ولهذا فان دعم تركيا لاقليم كوردستان، يمثل جزءا من حساباتها الجيوسياسية الاكبر.

انتخابات المحافظات

وفي حين اشار التقرير الى ان كركوك كانت منذ فترة طويلة في قلب التوترات العرقية في العراق.

تابع قائلا انه في اجواء ما قبل الانتخابات، تحرص الاحزاب الكوردية على استعادة نفوذها المفقود في المدينة، لكن احتمالات تشكيل جبهة موحدة غير مطروح، لكن في محاولة لتوحيد القوى الكوردية، طالب 13 حزبا محليا باتباع نهج جماعي للانتخابات.

واضاف التقرير انه بينما وافق الاتحاد الوطني الكوردستاني في بداية الامر، فانه اختار لاحقا التحالف مع الحزب الشيوعي الكوردستاني، كما ان الاتحاد الاسلامي الكوردستاني وجماعة العدل الكوردستانية، اعلنا عن ائتلافهما المنفصل، تحت اسم "شعلة كركوك".

وذكر التقرير ان تركيا تعتبر كركوك شريكا محوريا في امن الطاقة، حيث ان خط انابيب النفط كركوك-جيهان، الذي يمتد بين العراق وتركيا، يمثل رمزا لهذه الشراكة.

واضاف ان السيطرة على خط الانابيب هذا وتوزيع ايراداته، اصبحت قضية مثيرة للجدل، خصوصا خلال الفترات التي حاولت فيها حكومة اقليم كوردستان تجاوز بغداد وتصدير النفط مباشرة الى تركيا.

ومضى التقرير بالقول ان حكومة بغداد لطالما اعتبرت ان مثل هذه التحركات ما يشكّل انتهاكاً لسيادتها، مما ادى الى نزاعات سياسية.

انقرة واربيل: والمصالح المتداخلة في كركوك

وذكّر التقرير بالخلاف بين بغداد واربيل حول صادرات النفط من خط كركوك-جيهان، والمنحى القضائي الذي ذهبت اليه، وصولا الى وقف تركيا نقل نحو 400 الف برميل يوميا من النفط الخام عبره، إلى جانب 75 الف برميل إضافية يوميا مصدرها من حقول كركوك، فيما اقترحت انقرة شروطا لاستئناف هذه الصادرات من ميناء جيهان: اولا من خلال الغاء الغرامة التي فرضتها عليها محكمة تجارية دولية، وسحب قضية تحكيم منفصلة معلقة ضدها، في حين شهد اقليم كوردستان عجزا في الايرادات يبلغ حوالي 5 مليارات دولار منذ توقف الصادرات.

وفي حين لفت التقرير الى ان انقرة اشارت بالفعل إلى أنها ستستأنف تدفق النفط من الخط قريبا.

وأردف التقرير انه في ظل شعور بغداد ايضا بالالم المالي الناجم عن تعرقل الضخ، فان الحكومة التركية تسعى الى استخدام هذه القضية كورقة مساومة، مشيرا بذلك الى ان لدى تركيا اليد العليا في نزاع تقاسم المياه، الذي يظل في طليعة قائمة مطالب بغداد من انقرة حيث يؤكد القادة العراقيون ان السدود التركية تخفض امدادات المياه الى بلادهم، مطالبين باتفاقية تخصيص عادلة فيما يتعلق بنهري دجلة والفرات.

وبالاعتماد على تفوقها هذا، فان تركيا تتوقع ان يصنف العراق حزب العمال الكوردستاني كمنظمة "إرهابية"، لكن بغداد تعتبر ان مطالب تركيا لا تتسم بالواقعية نظرا الى ان العمليات المسلحة المتزايدة التي قامت بها تركيا داخل الاراضي العراقية، اثارت انزعاج الكثيرين، بما في ذلك الميليشيات الشيعية التي قصفت بشكل متكرر القاعدة العسكرية التركية بالقرب من الموصل.

وبحسب التقرير فان تركيز انقرة الضوء على التهديد الذي يمثله حزب العمال الكوردستاني، ساهم في اضفاء شرعية على عملياتها العسكرية في العمق العراقي والسوري، كما ضاعفت من ضغوطها على اقليم كوردستان للتعاون ضد حزب العمال الكوردستاني.

ووفقا للتقرير فانه برغم تعاون حكومة بارزاني مع المطالب التركية، الا ان هناك انقسام في بغداد حول قضية حزب العمال الوكردستاني.

وزاد بالقول انه في ظل تزايد مستوى التوترات بين تركيا والميليشيات الشيعية، فان انقرة تسعى للحصول على مساعدة بغداد لاقناع هذه الميليشيات بوقف تعاونها مع حزب العمال الكوردستاني في منطقة سنجار، المجاورة للحدود السورية.

الرابط السوري

يوفر التصعيد الاخير للعنف في دير الزور السورية نافذة يمكن من خلالها تحليل العلاقة بين العراق وسوريا وسياسة تركيا الاقليمية. المحافظة ذات الاغلبية العربية، والغنية بالموارد والمتاخمة للعراق، مقسمة على نهر الفرات وتسكنها العديد من المجتمعات القبلية المحلية. وكان بعض هؤلاء المقاتلين القبليين قد تحالفوا في السابق مع قوات سوريا الديمقراطية في القتال ضد داعش. ونظرا للاعمال العدائية التي تمارسها تركيا مع الكورد السوريين.

ونوه التقرير الى انه في ظل الموقف العدائي من جانب تركيا ضد الكورد في سوريا، فقد صورت وسائل الاعلام الحكومية التركية الاشتباكات الاخيرة بين العشائر العربية المحلية ومقاتلي قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الكورد على انها ثورة مشروعة ضد قمع قوات سوريا الديمقراطية، مردفا انه برغم ان انقرة ودمشق على موقفين متناقضين في الحرب، الا انهما اتحدتا في دعمهما للعشائر المتمردة.

وتابع التقرير انه في الشرق السوري، اتحدت تركيا وايران والميليشيات الشيعية الايرانية عبر خيط مشترك: المعارضة التي تجمعهم ضد الدور الامريكي في سوريا، لافتا الى ان هذا الاتفاق الضمني، هو الذي يؤجج نيران الصراع في مناطق شرق الفرات، حيث تتزايد مقاومة العشائر لسلطة قوات سوريا الديمقراطية.

ولهذا، يعتبر التقرير ان الاستراتيجية التركية في محافظة كركوك العراقية لا يمكن فصلها عن المشهد السوري، مضيفا ان تركيا تسعى الى ايجاد طريق للتفاوض مع الميليشيات الموالية لايران في كركوك وسنجار بشان قضية حزب العمال الكوردستاني.

واوضح ضمن الاطار الجيوسياسي حاليا، فان الكورد السوريين قد يكونون اعداء للميليشيات الشيعية في سوريا، الا انه في حال انسحاب القوات الامريكية المحتمل من سوريا، فان وجود حزب العمال الكوردستاني في شرق سوريا سيكون بمثابة رصيد للعراق وليس تهديدا، اذ ان حكومة بغداد والميليشيات الشيعية قد تعتبر ان وجود حزب العمال الكوردستاني، سيكون بمثابة حصن يحول دون عودة تنظيم داعش، وضابطا ضد حكومة اقليم كوردستان، وعنصرا اساسيا في التفاوض مع تركيا.

وبالاضافة الى ذلك، قال التقرير انه في حين تسعى حكومة اقليم كوردستان الى الحصول على مساعدة اقتصادية فورية من واشنطن، فان تركيا تسعى من اجل تحقيق اقصى استفادة من التنافس على عائدات النفط بين اربيل وبغداد، موضحا ان انقرة تنظر الى الضعف الاقتصادي الذي تعاني منه حكومة اقليم كوردستان باعتباره فرصة من اجل تعزيز نفوذها في شمال العراق، ووضع نفسها كحليف رئيسي لاربيل.

وفي المقابل، قال التقرير، ان بغداد، العالقة في مرمى مسرحيات القوى الاقليمية والتحديات الاقتصادية الداخلية، ترى نفسها كأنها تسير في طريق دقيق لتأكيد السيادة الوطنية وايضا استيعاب المصالح المتنافسة للجيران الاقوياء والفصائل الداخلية.

وبيّن التقرير الامريكي انه في ظل هذه الرقصة المعقدة للقوة والتحالفات والمصالح، فان الدور الأمريكي يصبح محوريا.

واعتبر التقرير ان دور واشنطن يجب ان يتضمن الحفاظ على توازن القوى، وايضا على ضمان عدم تحول المزيج الخطير من المشكلات الاقتصادية والانقسامات العرقية والتنافس الاقليمي، الى صراع اوسع.

اين يمكن ان تقف واشنطن؟

وذكر التقرير ان كركوك بسبب اراضيها الغنية بالنفط، وتنوعها الثقافي والعرقي، وموقعها الاستراتيجي، تشكل بالفعل نموذجا مصغرا للتعقيدات والتحديات الاوسع التي تغلف السياسة الخارجية الاميركية في الشرق الاوسط، مضيفا ان استعادة بغداد لكركوك في العام 2017 كعقاب على استفتاء الاستقلال الكوردي، بمثابة لحظة فاصلة من اجل مراقبة استراتيجية واشنطن طويلة المدى.

ولفت التقرير الى انه بالنسبة الى الكورد، فان تحفظ الولايات المتحدة لصالح بغداد، بمثابة خيانة، اما بالنسبة للحكومة المركزية في بغداد، فان ذلك كان بمثابة طمانة لالتزام واشنطن بوحدة العراق.

وفي الخلاصة، يعتبر التقرير ان النبرة المتصاعدة للتنافس بين تركيا وايران في شمال العراق منذ العام 2017، استغلت الانقسامات الكوردية وعززت استقرار اقليم كوردستان. ولهذا، يحذر التقرير من ان ازمة عائدات النفط الحالية التي تخنق الاقليم، لن تخدم المصالح الاميركية، مؤكدا على ان لواشنطن مصلحة راسخة في وجود اقليم كوردستان مستقرا وامنا ومزدهرا، نظرا لموقعه الجيوسياسي الاستراتيجي ودورها كشريك يتكل عليه في الحرب ضد الجماعات المتطرفة.

واضاف التقرير ان الاضطراب الاقتصادي المتفاقم بسبب المنافسات الاقليمية، يهدد بتقويض المكاسب التي انجزت في مجالي الامن والحكم، واثارة فراغات محتملة بالامكان استغلالها من قبل العناصر المتطرفة الصاعدة.

وخلص التقرير الى القول ان واشنطن تدرك ايضا تداعيات المنافسة التركية الايرانية في الاقليم، وهو ما لا يؤدي فقط الى مفاقمة الانقسامات الداخلية بين الكورد، بل قد يؤدي ايضا الى تصاعد حالة عدم الاستقرار الاقليمي على نطاق اوسع، ما قد يقوض الجهود الاميركية الساعية الى تقوية عراق مستقر وموحد وديمقراطي.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon