"تأجير التجاوز".. مشروع قانون يثير الجدل بين أصحاب "المقاعد" و"العشوائيات"

"تأجير التجاوز".. مشروع قانون يثير الجدل بين أصحاب "المقاعد" و"العشوائيات"
2022-10-12T15:27:52+00:00

شفق نيوز/ تثير مسودة قانون "معالجة التجاوزات السكنية" التي قرأها مجلس النواب العراقي قراءة أولى، رفضا وانتقادات واسعة، من قاطني تلك المناطق على وجه الخصوص، وفيما بينوا أن لهم "الفضل" على الدولة لعدم مطالبتهم بحقوقهم، يؤكد برلمانيون أن هناك سعيا لطرح القانون في المجلس "حتى قبل قراءته" بشكل مكثف.

الأكثر تضررا

وتقول المواطنة أم رقية التي تسكن في إحدى مناطق التجاوز بمحافظة كربلاء، والتي ترفض تسميتها "تجاوزا"، إن "أبناء البلد لديهم حق في السكن وفقا للدستور، ونحن متفضلون على الدولة لالتزامنا الصمت وعدم الشكوى ضدها والمطالبة بحقوقنا".

وتضيف أم رقية لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومة تعمل ضد المواطن، فلا توفّر له السكن الملائم الذي كفله الدستور"، وتريد أخذ ايجار من قاطني العشوائيات الذين لو كانوا يملكون مبلغ الإيجار ما سكنوا التجاوزات، وأغلبها بيوت متهالكة من الصفيح أو البلوك، بل كانوا سيلجأون إلى دور نظيفة تحفظهم من الظروف الجوية والبيئية السيئة".

وتطالب المواطنة أم رقية من الحكومة "الوقوف مع المواطن وتمليكه تلك الأراضي بدل أخذ ايجار منه، فالمواطن الذي يسكن في التجاوز هو الأكثر تضررا في المجتمع، فلا يملك راتبا أو مصدر دخل مضمون، بل أغلب الساكنين هم من الكسبة ولديهم أطفال".

وتشير في ختام حديثها، إلى أن "لفظ التجاوز لا يفترض أن يُطلق على ساكني تلك البيوت، فهم لم يأتوا من دول أخرى وتجاوزوا على الأراضي العراقية، بل هم عراقيو الجنسية وهذا بلدهم".

وكان مجلس النواب أنهى في 8 تشرين الأول الحالي، "القراءة الاولى لمشروع قانون معالجة التجاوزات السكنية والمقدم من لجان الخدمات والاعمار والقانونية والمالية لمعالجة التجاوزات السكنية على أراضي مملوكة للدولة، أو البلديات ضمن حدود التصاميم الاساسية قبل تاريخ نفاذ هذا القانون"، بحسب بيان للدائرة الاعلامية لمجلس النواب.

ودعا البيان الى "تصحيح الوضع القانوني للمتجاوزين بتأجيرهم الاراضي التي تجاوزوا عليها بإنشاء دور سكنية ولغرض منع التجاوزات على العقارات العائدة للدولة والبلديات ضمن حدود التصاميم الاساسية للمدن، وإزالة التجاوزات التي حصلت عليها وتأسيس صندوق لتمويل مشاريع تطوير تجمعات العمل العشوائي المشمولة بالتطوير".

وتعد المناطق العشوائية في المدن العراقية من أكبر المشاكل التي تواجه الدولة والتطور المجتمعي في عموم البلاد.

وكان المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، قال في حديث سابق لوكالة شفق نيوز ان "هناك 4000 الف مجمع عشوائي في عموم العراق، تضم هذه العشوائيات 522 الف وحدة سكنية، أي أن هناك 522 ألف أُسرة تعيش في هذه العشوائيات"، مبينا أن "حصة العاصمة بغداد من هذه العشوائية هي الربع، وبواقع 1022 عشوائية، تليها البصرة بواقع 700 مجمع عشوائي"، لافتا إلى أن "أقل المحافظات التي تتواجد فيها العشوائيات هي محافظة كربلاء بواقع 98 مجمعا عشوائيا والنجف 99 مجمعا عشوائيا".

ويعزو مواطنون من سكنة العشوائيات التقت بهم وكالة شفق نيوز في وقت سابق، السبب الذي دفعهم إلى السكن في هذه المناطق إلى "الفقر والحرمان وعدم توفير السكن الملائم".

"ويكفل الدستور العراقي في المادة 30 السكن المناسب للمواطن بالنص التالي:ـ (تكفل الدولة المقومات الأساسية للعيش في حياة حرة كريمة تؤمن لهم الدخل المناسب والسكن الملائم) وفي الفقرة الثانية من المادة نفسها (توفر لهم السكن)"، وفق بيان للنائب محمود السلامي.

ويعلن السلامي رفضه "مسودة القانون في معالجة التجاوزات السكنية والتي ارسلت من قبل الحكومة الحالية والتي تشير إلى إيجار لمدة 25 سنة وفق شروط يحددها هذا القانون"، مؤكدا عزمه "تعديل فقراته لصالح تمليك المستحقين".

غير متوقع

من جهتها تروي عضو لجنة الخدمات والاعمار النيابية، النائبة مديحة الموسوي، مجريات طرح مسودة القانون بالقول، إن "رئيس المجلس أصرّ على طرحه في جلسة السبت الماضي، وكان يفترض تقديم القانون إلى لجنة الخدمات في بادئ الأمر، لكن تفاجأنا بوجوده على جدول الأعمال دون عرضه على اللجنة، بداعي أن ذلك جاء بناء على طلب الكتل السياسية".

وتوضح الموسوي لوكالة شفق نيوز، "وعلى الرغم من تقديم رئيس لجنة الخدمات، النائب محما خليل، طلبا بتأجيل قراءته إلى رئاسة المجلس، لكنه طلبه رُفض وتم الأصرار على قراءته".

وتبين الموسوي، "وعند سؤال الكتل السياسية عن اطلاعهم على القانون مسبقا ومن ضمنها كتلة بدر التي انتمي إليها، كانت إجابتهم واحدة، وهي أن القانون لم يطرح عليهم في الماضي، وإنما جاء من الحكومة الحالية إلى رئاسة المجلس مباشرة، والأخيرة وضعته ضمن جدول الاعمال".

وبعد يوم من قراءة القانون، عقدت لجنة الخدمات اجتماعا، وخلص الى "أهمية تعديله وعدم المضي فيه الا اذا كان في صالح المواطن، وكذلك تقرر استضافة الوزارات والدوائر المعنية بالموضوع سواء في بغداد والمحافظات خلال الجلسات البرلمانية المقبلة"، وفق الموسوي.

من جهتها، أعلنت كتلة دولة القانون النيابية، رفضها مقترح استئجار المناطق العشوائية لساكنيها ضمن قانون معالجة السكن العشوائي، الذي ناقشه البرلمان في جلسة السبت، مطالبة "بتمليك هذه المناطق لقاطنيها"، وفق بيان للكتلة.

ما الحل؟

وينتقد خبراء اقتصاديون "الآلية التي تعمل عليها الحكومة لحل أزمة السكن"، مشددين على "ضرورة وضع دراسة شاملة للعمل على بناء مشاريع اسكان وفق رؤية حديثة متطورة، تُسهّل على المواطن البسيط وذوي الدخل المحدود اللجوء إليها".

وقال الباحث الاقتصادي، أحمد عيد، في وقت سابق لوكالة شفق نيوز، إن "أزمة السكن في العراق تضاف إلى المشاكل الكبيرة التي يواجهها المواطن العراقي، وما تقدمه الدولة للمواطن اليوم، لا يرتقي بأن يسمى حلاً لمشاكله".

وأضاف عيد، "لأن القروض المقدمة من المصرف العقاري أو ضمن ما يسمى مبادرة صندوق الاسكان، بمنح قروض بدون فوائد لشراء أو بناء وحدات سكنية، تجعل المواطن أو الموظف في حرج شديد، نتيجة لما يترتب عليه من دفع شهري للأقساط يفوق قدرته على السداد، مما دفع الكثيرين إلى عدم التوجه إلى الاقتراض".

وتابع، أن "مشاريع الإسكان المحدودة المعمول بها في العراق، لم يستفد منها المواطن البسيط أو أصحاب الدخل المحدود، إنما المستفيدون هم المتنفذون وأصحاب رؤوس الأموال، أو ممن يمتلكون دخل وعائد مالي مرتفع".

وأكد الباحث الاقتصادي، أن "العراق اليوم بحاجة إلى مليوني وحدة سكنية للوصول إلى نقطة تكافؤ فرص الإسكان والقضاء على العشوائيات، وللحد من أزمة السكن في العراق لابد من وضع دراسة شاملة للعمل على بناء مشاريع اسكان وفق رؤية حديثة متطورة، تسهّل على المواطن البسيط وذوي الدخل المحدود اللجوء إليها".

ويحتاج العراق إلى نحو 1,500,000 ألف وحدة سكنية بصورة عاجلة للوصول إلى نقطة يمكن الحديث معها عن تكافؤ في فرص الاسكان والقضاء على العشوائيات، بحسب آخر إحصائية لوزارة التخطيط.

وكانت الحكومة العراقية طرحت قبل نحو عام، مشروع "داري" في محاولة لحل أزمة السكن المتفاقمة، وتقدم عبر المنصة الالكترونية نحو ثلاثة ملايين مواطن للحصول على قطعة أرض ستكون غالبا في أطراف المدن، لإنشاء مدن جديدة ستكون بحاجة إلى بنى تحتية وأسواق أعمال.

يذكر أن العراق يعاني من أزمة سكن خانقة نظراً لتزايد عدد سكانه قياساً بعدد المجمعات السكنية، علاوة على عجز المواطن ذي الدخل المحدود عن بناء وحدة سكنية خاصة به بسبب غلاء الأراضي والمواد الإنشائية.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon