بين الترحيب والتشكيك.. آراء مختلفة بشأن قرار المحكمة الاتحادية حول حجب المواقع "المسيئة"

بين الترحيب والتشكيك.. آراء مختلفة بشأن قرار المحكمة الاتحادية حول حجب المواقع "المسيئة"
2024-03-15T14:59:06+00:00

شفق نيوز/ مع الاستخدام الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي تفرض السلطات العراقية إجراءات مشددة لضبط المحتوى الذي ينشر على تلك الوسائل، خاصة ما يتعلق بالمحتوى الهابط والمسيء للأشخاص، فيما رأى مختصون أن قرار المحكمة يجب أن يُدرس أولاً، ولا يتم الحكم حسب الأمزجة.

وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في العراق)، أمس الخميس، بإلزام الجهات المعنية بحجب المواقع الإلكترونية والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تنشر المواد الإباحية والمخلة بالآداب والمسيئة للأديان والمعتقدات والأشخاص في البلاد.

بين ترحيب وتشكيك

وقال الكاتب والمحلل السياسي، سعيد البدري تعليقا على قرار المحكمة:  إن "هذه الإجراءات موضع ترحيب للكثير من الجهات، لكن في المقابل هي موضع تشكيك من قبل أطراف أخرى، وذلك لأن القضية ترتبط بالأيديولوجية".

وأوضح البدري لوكالة شفق نيوز، أن "البعض يرى أن تطبيق مثل هذه الإجراءات يعد انتصاراً لقيمه الأيديولوجية والاجتماعية، والبعض الآخر يرى أنها تعدياً ويريد الأمور بلا ضوابط، لذلك نحن أمام مدرستين كلاهما تحاول الانتصار لقيمها".

واضاف البدري "أما واقعياً، فيبدو أن كل شيء منطقياً فيما يتعلق بحجب المواقع المسيئة، بما أنها تنطبق عليها صفة الإساءة".

وأكد على أن "القضاء العراقي لا يعتمد على معايير عاطفية في قضية الإساءة، وهي لها تعريفات وحدود، وبما أن هناك مواقع مسيئة فهي تستحق العقوبة".

واشار المحلل السياسي إلى أن "قانون العقوبات العراقي كان قد تصدى لكثير من التفاصيل فيما يتعلق بالعقوبات، لكن يأتي تأكيد المحكمة الاتحادية الأخير ضمن مجموعة إجراءات وإلزام للجهات المعنية للقيام بواجباتها".

وتابع، أنه "في مرحلة سابقة، كان هناك أمر ولائي من المحكمة الاتحادية يتعلق بحجب المواقع الإباحية لكن في ظل صعوبة التنفيذ خصوصاً هيئة الاتصالات مع هذا الكم الكبير والهائل وسياسة الشركات التي تدير الإنترنت وبعض التطبيقات فيه، بيدو هذا الأمر صعباً".

وكانت المحكمة الاتحادية العليا، قد أصدرت نهاية العام 2023، امراً ولائياً بحجب المواقع الإباحية في جمهورية العراق كافة.

بدوره، قال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، فاضل الغراوي، إن "القرار الذي صدر من المحكمة الاتحادية يعد من القرارات المهمة في هذا التوقيت، لكنه قرار كان أساسه موضوع تنظيم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".

وأضاف الغراوي للوكالة، أن "الدستور العراقي كان يشير بشكل واضح وصريح إلى كفالة حرية الرأي والتعبير، لكن في الوقت نفسه كان هناك إشارة إلى موضوع حماية الحرية من باب عدم التجاوز على الآداب العامة والنظام العام".

وتابع، أن "القرار الأخير جاء استناداً إلى هذا المعيار في موضوع تنظيم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتحقيق الهدف الأساسي وهو حماية المجتمع من كل ما يتعلق بالاستخدام المفرط لهذه المساحة والتأثير على المجتمع نتيجة الاستخدام السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي".

الفرق بين النقد وحرية التعبير

وأكد مختصون على أهمية عدم الحكم في تلك القرارات حسب الأمزجة على المسيء أو عدمه، فقد يكون من وجهة نظر أحدهم إساءة ومن وجهة نظر أخرى نقداً.

حيث قالت عضو لجنة حقوق الإنسان النيابية، النائبة نيسان الزاير، لوكالة شفق نيوز، إن "أي قرار يجب ان يُدرس أولاً، ولا يتم الحكم حسب الأمزجة على المسيء أو عدمه، لأنه قد تكون من وجهة نظر أحدهم إساءة، ومن وجهة نظر أخرى نقداً".

فيما نبه الخبير القانوني، علي التميمي، بالقول إنه "لا يوجد تعريف واضح للفرق بين النقد والانتقاد، وهو المهم مع الاستخدام الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، في حين نلاحظ أن قانون العقوبات ميّز بشكل واضح بين السب والقذف والتشهير".

واوضح التميمي لوكالة شفق نيوز، أن "النقد يراد منه الإصلاح والتقويم والخير، في حين أن الانتقاد هو لوم وكشف المستور ونشر الغسيل، والنقد يخلو من ركن الجريمة المعنوي، والذي هو أساس جرائم السب والقذف والتشهير، في حين أن الانتقاد هو إسناد واقعة لشخص إذا صحت جعلته موضع ازدراء في قومه، وأيضاً هو المساس بالمشاعر".

وأضاف، أن "النقد هو حسن النوايا وهو ظاهر الخير وباطن الجمال، والانتقاد يخالف العادات والتقاليد والأعراف السائدة، والنقد به حسن النية مفترض وهو ستر الآخرين والمساعدة بمد يد العون، أما الانتقاد فهو محاولة إغراق الآخرين في الاوحال وهو هروب من الواجب".

وبيّن الخبير القانوني، "ومع ذلك، هناك خيوط فاصلة بين الاثنين تحتاج إلى الدقة في التمييز، والمعيار بين الاثنين هو كل ما يشكل جريمة، فما يشكل جريمة هو الانتقاد الذي يعاقب عليه القانون وعكسه النقد الذي هو في السليم".

وأوضح، "ومع ذلك، لا يرى الفرق من الرائي بسهولة إلا بمعرفة النوايا (القصد الجنائي) والذي يظهره التحقيق".

وعن الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، رأي التميمي، أن "يتم إنشاء قسم خاص في هيئة الإعلام والاتصالات يكون بمثابة تعديل لقانون 65 لسنة 2004، ويضم هذا القسم عدداً من المختصين في الإعلام والقانون، يراقب ما ينشر ويكون ارتباطه بالمدير التنفيذي للهيئة، وفي حالة ما يشكل جريمة يتم إحالته إلى المحكمة المختصة حسب الاختصاص المكاني القريبة من الهيئة، وترتبط هذه الرقابة بجهات أمنية أخرى تستلم منها المعلومات".

واختتم الخبير قوله: "عاقب قانون العقوبات في المادة 403 منه بالحبس لمدة سنتين وبالغرامة على النشر الهابط، ويحتاج العراق إلى تشريع قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية ليكون حلاً لمثل هذه الجرائم الشائعة ".

وكانت وزيرة الاتصالات هيام الياسري قد وجهت نهاية العام 2022 بحجب المواقع الاباحية في العراق، ولاقى القرار ترحيبا من قبل الأوساط الشعبية، السياسية الإسلامية، والجهات الدينية، وجاء القرار، بعد أيام من قرار لوزارة المواصلات في حكومة اقليم كوردستان بحظر المواقع "الإباحية".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon