بريشة الفنانين واستعادة هوية منسية.. رشيد الآلوسي يوثق ذاكرة الأنبار بصورة مختلفة

بريشة الفنانين واستعادة هوية منسية.. رشيد الآلوسي يوثق ذاكرة الأنبار بصورة مختلفة
2025-07-23T10:25:31+00:00

شفق نيوز- الأنبار

في محافظة الأنبار، حيث يمتزج التاريخ العريق بالتحولات العنيفة التي شهدتها المنطقة خلال العقود الماضية، يبرز جهد فردي، مدعوم بفريق من الفنانين المحليين، يسعى إلى الحفاظ على هوية المكان من الاندثار. 

المؤرخ والحقوقي رشيد الآلوسي، يعمل منذ سنوات على مشروع أرشيفي طموح، يهدف إلى توثيق معالم الأنبار التي اندثرت أو ما تزال قائمة، في محاولة لحفظ التراث والهوية الأنبارية للأجيال القادمة.

ما يميز هذا المشروع أنه لا يقتصر على التوثيق المكتوب أو الفوتوغرافي فحسب، بل يعتمد كذلك على إعادة رسم هذه المعالم بريشة فنانين أنباريين، في مقدمتهم الفنان القدير نايف الآلوسي، الذي يضفي بعداً بصرياً وفنياً على الذاكرة الجمعية للأنبار. 

أما رشيد الآلوسي، فهو من يتولى مهمة توثيق هذه المعالم وتوفير الصور والبيانات التاريخية التي يستند إليها الفنانون في أعمالهم.

وعن هذا المشروع، قال الآلوسي، لوكالة شفق نيوز: "أكيد، فالماضي هو مكمل للحاضر والمستقبل، والأجدر بنا أن نلتزم بماضينا المشرق ونتعلم منه لأنه دعائم قوية لبناء الحاضر والمستقبل، الهوية الأنبارية واضحة في أرشيفي".

وأضاف أن "رسالتي إلى الجيل الجديد أن يشاهد الأنبار كيف كانت بمعالمها ورجالها ونسائها، وأن يتأثروا بإيجابيات المرحلة الماضية، وخاصة العلاقات و الأواصر الاجتماعية التي كانت سائدة آنذاك، أرشيفي يتضمن صوراً عن العادات والتقاليد والمهن والحِرف والمعالم الدينية والسياحية والتجارية، إضافة إلى عالم الفن والرياضة".

بهذا المعنى، يتحول الأرشيف إلى أداة تربوية وثقافية تسهم في تعزيز الانتماء وتعميق الفهم لمكونات الهوية المحلية.

وكشف الآلوسي، عن نية تحويله إلى معرض رقمي ومتنقل، مشيراً إلى أنه سيكون هذا بعد اكتمال كل الجوانب الفنية اللازمة لإنشاء المعرض من لوحات وصور نادرة.

وتابع، أن الطموح لا يقتصر على الحفظ فقط، بل يمتد إلى نشر المعرفة البصرية والتاريخية عبر منصات يمكن أن تصل لكل بيت ومدرسة ومؤسسة ثقافية.

ويقر الآلوسي بأن رحلته لم تكن سهلة، حيث قال إن "التحديات التي واجهتني هي مشقة البحث عن صور الأرشيف وخزنها وكتابة المعلومات الخاصة بكل صورة"، موضحاً أنه "بدأت بإنشاء هذا الأرشيف من عام 2009، ومازلت إلى الآن، أرشيفي يوثق مدن الأنبار من عام 1900 لغاية 2025".

الجهد الفردي الذي يقوم به يتطلب صبراً وبحثاً متواصلاً وتدقيقاً في كل معلومة وصورة، بينما يأتي دور الفنانين، كنايف الآلوسي، لإحياء هذه المعالم عبر الفن التشكيلي المستند إلى أرشيف غني بالمعلومات.

ورغم حجم التحديات، إلا أن الآلوسي يثمن الدعم الذي تلقاه، مشيراً إلى أنه "لقد تلقيت دعماً مؤسسياً من خلال جمع الوثائق وبصيغة رسمية، وكانت المؤسسات الحكومية متعاونة في ذلك، والأمر نفسه بالنسبة للدعم المجتمعي"

وفي بيئة قد لا تعطي الأولوية للثقافة والفن، قد يواجه مثل هذا المشروع بعض النقد أو الفهم الخاطئ، إلا أن الآلوسي أوضح رؤيته قائلاً: "أحب أن أنوه أني أحب مدينتي ومحافظتي، ولي شغف لحفظ تاريخها وتراثها، لذلك وثقنا ذلك في كتابنا (الرمادي تاريخًا وتراثًا)، تأليف مشترك مع مجيد حميد أحمد الآلوسي، أما النقد البنّاء فهو يصب في صالح المبدعين، والنقد غير البنّاء هو هدم لكل إبداع لا نتأثر به".

هكذا يضع الآلوسي، نفسه في خانة الفاعلين الثقافيين المقاومين للنسيان، ويؤكد أن مشروعه ليس مجرد توثيق، بل دفاع عن الذاكرة وهوية المكان، بمشاركة أبناء مدينته من الفنانين الذين يرسمون الحكاية بألوانها الأصلية.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon