"النفط والمياه و PKK".. اقتراحات أمريكية لتعزيز الموقف التفاوضي لبغداد واربيل مع أنقرة

"النفط والمياه و PKK".. اقتراحات أمريكية لتعزيز الموقف التفاوضي لبغداد واربيل مع أنقرة لقاء سابق بين وزيري خارجية العراق وتركيا في بغداد
2023-09-01T17:19:16+00:00

شفق نيوز/ دعا معهد أمريكي، اليوم الجمعة، حكومتي بغداد واربيل الى تقوية موقفها التفاوضي في الملفات "الجامدة" مع أنقرة، فيما يتعلق بصادرات النفط وتدفقات المياه وحزب العمال الكوردستاني، في حين حث العراق وتركيا على تحويل خلافاتهما هذه الى فرصة للتكامل والاعتماد المتبادل بدلاً من الصراع والاستغلال.

زيارة أردوغان والنفط

وذكّر "معهد الشرق الأوسط" الأمريكي في تقرير تحت عنوان "هل يمكن ان يختلط النفط والماء"، ترجمته وكالة شفق نيوز "بموجة النشاط الدبلوماسي الأخير بين بغداد وانقرة واربيل والتي جرت في وقت متزامن تقريباً، من خلال زيارات وزيري الخارجية والطاقة التركيين الى العراق، ووزير النفط العراقي إلى تركيا، وذلك فيما يبدو تحضيراً للزيارة المتوقعة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى العراق، والتي تعتقد مصادر عراقية أنها قد تتم في ايلول/سبتمبر الحالي".

وبعد الاشارة الى ملفات المياه وحزب العمال الكوردستاني وصادرات النفط، قال التقرير الامريكي ان "نتائج الزيارات هذه كانت متواضعة حول هذه الملفات حيث لم يتم طرح أية أفكار جديدة، وجرى تكرار مواقف ومطالب قديمة وتعبيرات عن الامل".

ومع ذلك، اعتبر التقرير أن "هناك فرصة أمام العراق لتغيير الأمور وتعزيز موقفه التفاوضي، على الاقل فيما يتعلق بقضية تصدير النفط، أو أكثر من ذلك".

وبعدما ذكّر التقرير بداية بملف صادرات النفط العالقة الى تركيا، اشار الى ان "تسييل هذا النفط يعتبر ضروريا من اجل تنفيذ ميزانية العراق لعام 2023 البالغة 150 مليار دولار والتمكن من السيطرة على العجز الهائل البالغ 48 مليار دولار، في حين ان خسائر تركيا المباشرة تعتبر اقل، اذ تتراوح قيمتها بين 2 مليون الى 3 ملايين دولار يوميا من الرسوم مقابل عبور النفط"، مضيفا أن "ذلك يبعد احتمال قدرة بغداد على الاستفادة من هذا الملف بتنشيط تجارة النفط والغاز".

ملف المياه والأمن

أما الملف الثاني المهم بالنسبة للعراق، فهو المياه، إذ استعرض التقرير "التحديات المناخية والمائية التي تواجه البلد الذي يشهد عاماً جافاً آخر واختفاء البحيرات والاهوار مع تضاؤل كمية المياه المتدفقة الى نهري دجلة والفرات من جارتي المنبع تركيا وإيران".

أما القضية الثالثة فهي "تتعلق بالأمن، وخصوصا فيما يرتبط ووجود حزب العمال الكوردستاني على الاراضي العراقية الممتدة من السليمانية ومخمور شرقا، الى جبال قنديل الوعرة في الشمال، وصولا الى سنجار بالقرب من الحدود السورية غربا، حيث تشن تركيا العديد من الضربات الجوية لإضعاف الحزب داخل العراق، تؤكد على انه يتحتم على بغداد او اربيل اتخاذ اجراءات لإنهاء (فيروس) الحزب".

لكن التقرير اشار الى ان "لدى العراق مشاكله الخاصة مع حزب العمال الكوردستاني، الذي يجتذب وجوده ووجود الجماعات التابعة له أعمالا عسكرية من جانب تركيا بما يزعزع استقرار منطقة سنجار التي مزقتها الحرب في محافظة نينوى".

وذكر التقرير بموقف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان حيث كرر الحجة القائلة بأن "وجود الحزب يجب ان ينتهي، سواء بتعاون بغداد او أربيل"، لكن التقرير اعتبر أن "المشكلة هي انه لا توجد قوة أو ارادة سياسية لأي من بغداد او اربيل، بالتحرك بشكل حاسم، حيث ان قدرتهما على التحرك معقدة بسبب الكلفة المادية والسياسية وصعوبة محاربة مقاتلين متحصنين بحرب عصابات، بالاضافة الى ان مسلحي وحدات مقاومة سنجار، يتمتعون بدعم محلي قوي في سنجار اذ ينظر اليهم على انهم يدافعون بشكل شرعي عن مجتمع الاقلية الايزيدية".

وتابع التقرير ان "الاحزاب الحاكمة في اربيل لا تنظر الى حزب العمال الكوردستاني بعين واحدة، اذ بينما يعتبر الحزب الديمقراطي الكوردستاني في اربيل حزب العمال الكوردستاني عدوا، فان الاتحاد الوطني الكوردستاني في السليمانية يظهر متعاطفا، ان لم يكن داعما، بالاضافة الى ان هناك ادلة متزايدة على التعاون بين وحدات مقاومة سنجار والفصائل المدعومة من إيران في قوات الحشد الشعبي، والتي دعمت الهجمات ضد القوات التركية المتمركزة في العراق".

ورأى التقرير أن "التقدم فيما يتعلق بالمياه، كان ايضا مخيبا للامال، حيث احتفى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالاتفاقية الجديدة لتشكيل لجنة مشتركة للمياه، وهو تفاهم اقل بكثير من ان يتناسب مع حجم الازمة البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي تتكشف الآن".

واضاف التقرير ان "الامر لم يقتصر على أن أنقرة لم تقدم اي التزامات باطلاق المزيد من المياه بما ينقذ المجتمعات التي تعتمد على نهر الفرات، بل ان تشكيل هذه اللجنة هو مجرد اعادة صياغة لاتفاق تم التوصل اليه في العام 2021 في عهد حكومة مصطفى الكاظمي".

وحول ملف النفط، قال التقرير ان "المحادثات الاخيرة لم تسفر عن اتفاق، وان المماطلة التركية كانت شديدة الوضوح"، مذكراً بأن المسؤولين الاتراك قالوا "انهم بحاجة الى مزيد من الوقت من أجل فحص خط الأنابيب وصهاريج التخزين في ميناء جيهان على البحر المتوسط للتأكد من عدم وجود أضرار تسبب بها زلزال 6 فبراير/شباط الماضي، علما بأنه من الصعوبة تصديق هذا الموقف لأن النفط ظل يتدفق طوال 46 يوما بعد الزلزال، ولم يتوقف التدفق سوى في 25 مارس/آذار الماضي، بعد ساعات من إصدار المحكمة الجنائية الدولية حكمها لصالح العراق".

واعتبر التقرير أن "تركيا تستخدم خط الأنابيب كورقة مساومة لانتزاع تنازلات بشأن التعاون النفطي والأمني من اربيل وبغداد، في ظل تقارير تتحدث عن وجود شروط تركية من بينها تخفيض مبلغ التعويضات التي يجب أن تدفعها (التي حددتها المحكمة الجنائية الدولية بمبلغ 1.5 مليار دولار)، وتخفيضات كبيرة باسعار النفط، واسقاط جميع المطالبات ضدها، وزيادة رسوم نقل النفط الى 7 دولارات لكل برميل (مقارنة بحد اقصى قدره 1.18 دولار أمريكي وفق معاهدة خطوط الأنابيب الحالية التي تم تجديدها في العام 2010)، الى جانب تعويض تكاليف صيانة خطوط الانابيب".

نفوذ العراق غير المستخدم

وبرغم كل ذلك، أكد التقرير انه من "المفارقات أن قرار تركيا بإطالة أمد وقف صادرات النفط العراقية، قد ادى الى اعادة ترتيب مصالح بغداد واربيل بحيث تريد بغداد، لاول مرة منذ فترة طويلة، ان يصل نفط أربيل الى الأسواق الدولية بنفس الرغبة التي لدى اربيل نفسها".

وأوضح التقرير الامريكي انه "في ظل تعرض مصالح بغداد واربيل المتبادلة للخطر، وفي ضوء التقارب الاخير في مواقفهما بشأن ادارة الموارد النفطية، والذي انعكس في موافقة اربيل في نيسان/ابريل على السماح لشركة تسويق النفط الحكومية (سومو) بالتعامل مع صادراتها النفطية، فان بامكان الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان ان يقلبا الطاولات لمصلحتهما".

وتابع قائلا ان "بامكان بغداد واربيل أن تصبحا في موقف أقوى بكثير فيما يتعلق بالنفط مما تتصور أنه حاليا، خصوصا في ظل اتخاذ خطوات فنية اضافية وفق الاتفاق السياسي الذي تم التوصل اليه في نيسان/ابريل"، مضيفا ان "المفتاح قد يكون من خلال تعزيز الاستفادة من النفط المنتج في كركوك واقليم كوردستان داخل العراق نفسه، من خلال المصافي المتوفرة المصافي، ومن خلال محطات الطاقة وان بدرجة اقل".

ورأى التقرير ان "اي استراتيجية شاملة يتحتم عليها ان تنظر الى النفط الخام باعتباره سلعة قابلة للاستبدال، حيث تتدفق البراميل الى اي مكان يولد العائد الاقتصادي الأكبر، وهي استراتيجية قد تتضمن عدة تكتيكات، من بينها ضمان استخدام الطاقة القصوى لمصافٍ نفطية من بينها بازيان ونينوى ودوكان في اقليم كوردستان، والتي بمقدورها معالجة نحو 230 الف برميل يوميا من النفط، وذلك بهدف استيعاب أكبر قدر ممكن من الإنتاج بما يلبي احتياجات السوق المحلية، وربما أيضا تصدير فائض المنتجات المكررة".

اما التكتيك الثاني، فيتمثل بـ"استخدام الشاحنات لنقل النفط المنتج من اقليم كوردستان الى المصافي و/او محطات الطاقة في وسط وجنوب العراق، وهوما يمكن ان يحل مكان المواد الخام القادمة من الحقول الجنوبية، ويوفر المزيد من هذا النفط بهدف التصدير".

وبحسب التقرير فإن "تكلفة النقل، على سبيل المثال من خلال رحلات بالشاحنات على 240 ميلا من كركوك الى مصفاة كربلاء التي تم بناؤها حديثا والتي تبلغ طاقتها 140 الف برميل يوميا، ستكون اقل من مبلغ 7 دولارات للبرميل والذي تطلبه تركيا".

ومن باب المقارنة، قال التقرير أن "تكلفة نقل النفط الخام العراقي عبر الشاحنات الناقلة لمسافة 600 ميل من كركوك الى مصافيها في الزرقاء، تبلغ 6.80 دولارا للبرميل".

اما التكتيك الثالث، فقد ذكر التقرير انه "يتحتم على المسؤولين في بغداد واربيل النظر في التخطيط للمستقبل من أجل ضمان توفر البنية التحتية الملائمة للسماح بتدفق 150 ألف برميل اضافية من النفط المنتج في كوردستان نحو مجمع مصفاة بيجي التي قد يعاد تشغيلها قبل نهاية العام 2024".

وخلص التقرير الى القول ان "لدى حكومتي بغداد واربيل القدرة على التكيف التي ستظهر مع عملية التحول هذه، في ظل استمرار انقرة في منع الصادرات، مضيفا ان بامكان بغداد واربيل تحويل النفط من قضية تتطلب تعاون انقرة، الى ورقة مساومة خاصة بهما".

وايضا، اعتبر التقرير ان "بامكان بغداد واربيل ان تقدما النفط بسعر مخفض الى تركيا اذا قامت تركيا بالمثل بشروط معقولة لاستخدام خط الأنابيب على المدى الطويل، وأظهرت المزيد من التعاون في معالجة أزمة المياه في العراق".

وفي المقابل، قال التقرير إن "هناك مكاسب بإمكان تركيا أن تجنيها"، مضيفاً بالقول إنه "في ظل تحول اربيل وبغداد بشكل أكبر نحو أن تكونا على الصفحة نفسها فيما يتعلق بادارة صادرات الطاقة، فإن تراجع حالة عدم اليقين يمكن أن يساعد العراق على الاستثمار في زيادة الإنتاج من كركوك للحصول على المزيد من تدفق النفط عبر تركيا لجعل مشروع خط أنابيب العراق أكثر ربحية".

والى جانب ذلك، قال التقرير إن "تلبية ما يحتاجه العراق من المياه، من شأنها أن تخلق ظروفا أكثر ملاءمة لاشراك الشركات التركية في تطوير انظمة الري في العراق، بما يصب في مصلحة الدولتين المتشاطئتين، مضيفا أن "بغداد قد تدرس ايضا امكانية اعطاء الضوء الاخضر لاحياء مخططات سابقة تتعلق ببيع غاز كوردستان إلى تركيا".

وختم التقرير بالقول إن "قضية حزب العمال الكوردستاني، قد تكون في المستقبل المنظور، مستعصية على الحل، غير ان ذلك يجب ألا يمنع الجارتين من تحقيق تقدم في قضايا أخرى، ويتحتم على العراق وتركيا أن يتطلعا إلى وفرة النفط والمياه، على أنها بمثابة فرصة للتكامل والاعتماد المتبادل بدلا من الصراع والاستغلال".

ترجمة: وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon