بغداد تراهن على "الشفل الأصفر" لإعادة النظام والباعة ينتظرون البدائل

بغداد تراهن على "الشفل الأصفر" لإعادة النظام والباعة ينتظرون البدائل
2025-08-28T10:12:14+00:00

شفق نيوز- بغداد

يواصل "الشفل الأصفر" التابعة لأمانة بغداد حملات رفع التجاوزات وفتح الشوارع والمناطق المغلقة في جانبي الكرخ والرصافة من العاصمة، ضمن محاولة لإزالة والتشوهات وإعادة تأهيل وتطوير المدينة في المرحلة الثانية من مبادرة "بغداد أجمل".

"الشفل الأصفر" وصل يوم أمس الأربعاء إلى واحد من أشهر الأسواق في بغداد، بل أنه الأشهر على مستوى العراق ككل، وهو سوق "مريدي" في مدينة الصدر شرقي العاصمة.

قبل أن تصل الحملة إلى هذا السوق الشهير كانت أمانة بغداد قد وجهت إنذارات لأصحاب البسطات والمتجاوزين طالبتهم فيها برفع تجاوزاتهم، إلا أنهم لم يستجيبوا ما أدى إلى صدامات بينهم وبين القوات الأمنية المرافقة للحملة.

ويوضح المتحدث باسم أمانة بغداد، عدي الجنديل، أن "انطلاق حملة (بغداد أجمل) الثانية شملت جميع دوائر البلدية داخل العاصمة بغداد وهدفها إعمار تطوير وتأهيل وتوسعة الطرق، ومنها مدينة الصدر التي سيتم تطوير عدداً من شوارعها".

ويضيف في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "أعمال التطوير تعارضت مع أصحاب البسطات والمتجاوزين على الأرصفة وعلى نهر الشارع لذلك قمنا برفع التجاوزات وإكمال أعمال التطوير، فهناك تخسفات في الشوارع تم إصلاحها، وكان لابد من ذلك".

وبحسب الجنديل فإن هذه التجاوزات لم تقتصر على المظهر الحضاري فقط بل هناك مشاكل خدمية تحول هذه التجاوزات دون إصلاحها، حيث هناك "تخسفات يجب معالجتها لفتح الخطوط الناقلة لشبكة الصرف الصحي استعداداً لفصل الشتاء".

تجدر الإشارة إلى أن شهرة سوق "مريدي" لم تأت لمجرد كونه سوقاً شعبياً للفواكه والخضروات أو المواد الغذائية الأخرى، بل أنه سوقاً للمتاجرة بمختلف أنواع البضائع والسلع القانونية وغير القانونية، فإلى جانب المواد المنزلية والملابس وغيرها التي يعرضها أصحاب المحال والبسطات، يشتهر السوق بأنه من أبزر أماكن المتاجرة بالأسلحة والأعتدة بمختلف أنواعها، وكان خلال العهد السابق (قبل عام 2003) أبرز وأهم مركز لمزوريّ الوثائق والكتب والمستمكات الرسمية.

ولم يقتصر الأمر على أمانة بغداد فقط، بل أن مديرية الدفاع المدني هي الأخرى تطالب بإزالة التجاوزات لكونها تحول دون وصول فرق الإطفاء لأداء عملها في حال اندلاع حريق بالسوق.

وسبق وأن شهد سوق مريدي وأسواقاً أخرى اندلاع حرائق ولم تتمكن عجلات الدفاع المدني من الوصول إليها في الوقت المناسب، واضطرت في بعض الأحيان إلى البحث عن بدائل لإيصال معداتها لمكان الحريق.

ووفقاً للجنديل "هناك مخاطبات من الدفاع المدني بضرورة فتح الشوارع المغلقة حتى تتمكن فرق الإطفاء من الدخول إلى الأسواق والمناطق في حال حصول حريق، وتم بذلك فتح سوق سهام العبيدي في منطقة المنصور، والسوق المحاذي لشارع النهر في الرصافة، وكل الأسواق المغلقة الأخرى".

وينفي المتحدث باسم أمانة بغداد استهداف أصحاب البسطات إذ سبق وأن طلبت منهم الأمانة أن يستخدموا عربات متحركة لعرض بضاعتهم وبعد انتهاء ساعات عملهم يسحبونها من الشارع أو الرصيف "لكن لم يستجيبوا"، بحسب قوله.

ويختم حديثه بالقول "الحملات مستمرة في جميع الدوائر البلدية من دون استثناء، وقد انطلقت في الأول من شهر حزيران/ يونيو الماضي وتستمر حتى نهاية العام الحالي".

يشار إلى أن المرحلة الأولى من مبادرة "بغداد أجمل" ركزت على تطوير الكورنيشات في مناطق الرصافة، من بينها أبو نؤاس، والكاظمية، إضافة إلى تأهيل وتطوير الشوارع والمواقع الأثرية في شارع الرشيد، وسوق المتنبي، وساحة الرصافي.

فيما تتضمن المرحلة الثانية استكمال المتبقي من كورنيش الكاظمية بطول 3.5كم وإنشاء كورنيش جديد في منطقة الدورة.

بدورها تؤكد مديرية بلدية الكرادة استمرار حملاتها في إزالة التجاوزات والتشوهات بمنطقة كرادة مريم.

مدير بلدية الكرادة، جاسم محمد الركابي، هو الآخر يؤكد ما قاله الجنديل بأن الحملة لا تستهدف أحداً، موضحاً في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "مبادرة (بغداد أجمل الثانية) لا تهدف إلى إزالة التجاوزات فقط، وأنما رفع كل ما يتعارض مع أعمال التطوير في الشوارع والمحلات السكنية".

ويبين أن "حملة مديرية بلدية الكرادة تتضمن إزالة التجاوزات من 13 موقعاً في الكرادة والزعفرانية، وهدفها إلى إعمار مدينة بغداد وإزالة جميع التشوهات والتجاوزات الموجودة في الطرقات والجزرات الوسطية والأرصفة".

وتضمنت الأعمال تأهيل عدداً من الشوارع ومن بينها الشارع الممتد من نفق معسكر الرشيد باتجاه جسر ديالى القديم والذي يتقاطع مع سوق مريم على شارع 99، وبالتزامن مع ذلك باشرت وزارة الإعمار والإسكان بتأهيل مقتربات جسر سوق مريم، بحسب الركابي.

وبشأن ما تمت إزالته من التجاوزات فهو يؤكد أن الحملة شملت "إزالة التجاوزات التي قام بها أصحاب المحال لتجاوزهم على الأرصفة أما محالهم القانونية فما زالت كما هي".

ويؤكد أن "دائرة البلدية سبق لها أن وجهت إنذارات للمواطنين برفع التجاوزات الحاصلة من قبلهم لكن الاستجابة كانت ضعيفة".

وهو بذلك يشير إلى أنه لا حاجة إلى بدائل لأن ما تم رفعه هو تجاوزت لم تضر بالمحال التجارية "أما البسطات فهناك توجيه بتنظيمها لحين إيجاد البدائل".

وتوزعت مواقف المواطنين إزاء حملات رفع التجاوز التي تقوم بها الدوائر البلدية في أمانة بغداد بين مؤيد ومعارض.

وفي الوقت الذي يؤكد مواطنون ضرورة فتح الشوارع وتوفير شروط السلامة والأمان، يرى أصحاب البسطات والمحال المتجاوزة أنها قطع لأرزاقهم، فيما يؤكد طرف أخر على أهمية توفير بدائل لأصحاب البسطات.

وتقول المواطنة وسناء محسن القيسي (46 عاماً)، لوكالة شفق نيوز، إن "البسطات والتجاوزات تخنق الأسواق ولا تدع مجالاً أمام المتبضعين والمتسوقين بسبب التجاوزات".

وتضيف "لا يمكن الاستمرار بمثل هذه العشوائية التي تشوه شوارع وأسواق العاصمة وتعيق حركة المواطنين"، مؤكدة أن "من الضرورة بمكان إزالة التجاوزات وفتح الشوارع وتأهيلها لإظهار بغداد بشكل جميل يليق بماضيها وحضارتها".

في حين يرى الموطن علي فرهود (33 عاماً)، صاحب إحدى البسطات، أن عدم توفر فرص العمل يدفعهم لهذا العمل لتوفر نفقات العائلة.

ويقول في حديثه لوكالة شفق نيوز "أمانة بغداد قادرة على إزالة بسطاتنا لكنها غير قادرة على توفير أكشاك أو محال صغيرة يمكن لنا استثمارها بإيجار رمزي بدل البسطات"، لافتاً إلى أن "عمل البسطات لا يدر أرباحاً كبيرة ولكنها تساعدنا على سد بعض الأساسيات التي تحتاجها الأسرة".

وينوه إلى أنه "حتى في حال وفرت بدائل لنا، فهي غير ذات جدوى، فهي غالباً ما تكون بعيدة عن الأسواق ولا يأتي لها أحد للتبضع والشراء".

فيما يطالب آخرون بضررة توفير بدائل لأصحاب البسطات تعكس الوضع الحضاري لبغداد بعيداً عن  تشويه الشوارع ومضايقة الآخرين.

غير أن المدرس باسم الخزعلي (40 عاماً)، يؤكد في حديثه لوكالة شفق نيوز، أنه تخصيص أراضي وتشييد محال وأكشاك لأصحاب البسطات التي تتم إزالتها ليس بالأمر الصعب على أمانة بغداد.

ويضيف "أصحاب البسطات يسعون للحصول على الرزق الحلال بعملهم ومنهم فتية صغار ومنهم كبار السن دفعتهم الظروف لممارسة هذا العمل، فلا داعي للقسوة عليهم وحرمانهم من عملهم".

ويتابع "من الضروري تطوير البنى التحتية للبلاد ولكن لا يجب أن يتم ذلك على البناء الفوقي للإنسان وهدر كرامته".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon