اللقاء الثالث بين الشطري والشرع.. تغييرات استراتيجية والأمن في الصدارة

اللقاء الثالث بين الشطري والشرع.. تغييرات استراتيجية والأمن في الصدارة
2025-08-30T18:22:36+00:00

شفق نيوز- بغداد/ دمشق  

يؤكد مراقبين من العراق وسوريا، أن اللقاء الثالث لرئيس جهاز المخابرات العراقي حميد الشطري بالرئيس السوري أحمد الشرع، يكتسب أهمية استراتيجية كبيرة وتأثيرات متعددة الأبعاد، على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية وحتى الإنسانية، رغم أن الملف الأمني كان هو المتصدر كما في الزيارتين السابقتين. 

وسبق للشطري، الذي زار دمشق أول أمس الخميس، أن زارها مرتين قبلها منذ سقوط نظام بشار الأسد، حيث كانت الأولى له في كانون الأول/ ديسمبر 2024، بعد أيام فقط من تسلم الشرع للحكم في سوريا، وقد أثارت الجدل في حينها، لكون الشرع استقبل الشطري، وهو يحمل سلاحاً تحت ملابسه. 

وجاءت الزيارة الثانية في نيسان/ أبريل الماضي، حيث تم إيفاد الشطري إلى دمشق، لغرض دعوة الشرع لحضور القمة العربية، التي عقدت في بغداد، إلا أن الشرع لم يحضرها، رغم أنه التقى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني "سراً" في قطر. 

وعن دلائل الزيارة الأخيرة، يقول الخبير الأمني سرمد البياتي من العاصمة بغداد، إن حميد الشطري يبدو قد أصبح هو "حلقة الوصل" بين رئيس الوزراء العراقي ورئيس الجمهورية السورية لبحث الملفات المشتركة، أبرزها ملف الحدود "خصوصاً في ظل تسريبات عن وجود داعش في داخل صحراء تدمر"، مما يتطلب تنسيقاً استخبارياً وتبادل معلومات بين الطرفين. 

وتُشكل الحدود السورية – العراقية الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر تحدياً أمنياً مشتركاً، إذ كانت في السنوات الماضية ممراً رئيسياً لتحركات تنظيم "داعش" وشبكات التهريب. 

وإلى جانب أمن الحدود يضيف البياتي لوكالة شفق نيوز، أن اللقاء بحث "مكافحة المخدرات وتنظيم المعابر الحدودية والقضايا الاقتصادية وما يتعلق بإعادة تأهيل خط النفط الذي يربط كركوك بميناء بانياس، الذي جرى الحديث عنه مؤخراً".

ويتفق رئيس المجموعة المستقلة للأبحاث، منقذ داغر، مع ما طرحه البياتي إلى حد كبير، بأن زيارة الشطري إلى دمشق "لا تقرأ إلا ضمن إطارها الأمني"، خصوصاً مع بدء انسحاب القوات الأمريكية وإعادة تموضعها "مما ترك بعض النهايات السائبة وبالتالي تحتاج إلى غلقها لمنع الإرهاب".

أما الدلائل غير المباشرة للزيارة، فهي وفق ما يقول الباحث العراقي لوكالة شفق نيوز، تشير إلى أن "العراق ليس لديه مشكلة مع الجانب السوري، خصوصاً وأن كلا الطرفين يدركان أن لا مناص من التعاون الأمني بينهما، ومن ثم تنشيط التعاون الاقتصادي وصولاً لاحقاً إلى الانفتاح السياسي".

وكانت الحكومة العراقية اتفقت مع دول التحالف الدولي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، على جدول زمني لسحب القوات وإنهاء مهام التحالف بحلول أيلول/سبتمبر 2026.

وكشف مصدر أمني عراقي لوكالة شفق نيوز في 20 آب/أغسطس الجاري، أن آخر جندي أمريكي سيغادر قاعدة "عين الأسد" بمحافظة الأنبار في 15 أيلول/ سبتمبر المقبل، لتُغلق بعدها مقرات التحالف الدولي هناك بشكل نهائي.

ويشمل الجدول انسحاب قوات التحالف الدولي من قاعدة "عين الأسد" وبغداد بنهاية أيلول/سبتمبر 2025، مع نقل جزء منها إلى أربيل عاصمة إقليم كوردستان والكويت، فيما سينخفض عدد القوات تدريجياً من نحو 2000 إلى أقل من 500 جندي في أربيل.

وأمس الجمعة، أكد مسؤول في "البنتاغون"، لوكالة شفق نيوز، استمرار مراجعة وضع القوات الأمريكية في العراق، مع الالتزام بإنهاء مهمة التحالف بحلول أيلول/ سبتمبر 2025، ودعم عمليات هزيمة "داعش" في سوريا حتى أيلول/ سبتمبر 2026.

وتتفق اللآراء من بغداد مع وجهات النظر في دمشق، حيث يؤكد الباحث السياسي السوري في مركز جسور للدراسات، بسام سليمان، أن زيارة الشطري تشير إلى أن المحدد الأمني "لا يزال هو الملف الأهم في العلاقة بين العراق وسوريا"، بدلالة حضور الشرع في الاجتماع إلى جانب رئيس جهاز المخابرات السورية حسين سلامة، "مما يعكس اهتمام الشرع بهذا الملف أيضاً".

ويشدد سليمان خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، على أن التعاون بين سوريا والعراق ضروري "لأن البلدين معرضان لأخطار مشتركة أبرزها داعش والسياسات الإسرائيلية التوسعية"، لذلك لابد من التعاون بين الطرفين.

ومن دمشق، يرى الباحث السياسي السوري، رضوان الأطرش، أن زيارة الشطري لها "أهمية استراتيجية كبيرة وتأثيرات متعددة الأبعاد، سواء على صعيد الأمن الإقليمي أو العلاقات الثنائية".

وعن أهم دوافع الزيارة وأبعادها الإستراتيجية، يقول الأطرش لوكالة شفق نيوز، إن الزيارة تأتي ضمن جهود عراقية لـ"تعزيز أمن الحدود، ومنع تسلل بقايا داعش، وضبط الأمن في الأقاليم المتاخمة لسوريا".

بالإضافة إلى ذلك، كان تعزيز التنسيق الاستخباراتي والأمني جزءاً مهماً من الاجتماع، بحسب الأطرش، "حيث تم الاتفاق على توسيع آلية التعاون الاستخباراتي، وتبادل المعلومات الأمنية، والتنسيق المباشر بين الأجهزة المعنية لتأمين الحدود والاستجابة الفعالة لأي تهديد".

وبعيداً عن الأمن، يبدو أن للزيارة "أبعاداً سياسية ملحوظة، مع إشارات إلى تخفيف التوترات التاريخية، ودفع نحو مرحلة جديدة من التعاون بين بغداد ودمشق"، يقول الباحث السوري.

ووفقاً للأطرش، فإن الجانبين بحثا "تفعيل التبادل التجاري، وفتح المنافذ الحدوديّة (مثل معبر التنف – الوليد)، ودراسة مشاريع كأنبوب النفط العراقي إلى المتوسط".

وأخيراً بحسب الباحث السوري، هو ملف "الاهتمام بالجالية العراقية وسبل دعمها، حيث شدد الشطري على ضرورة مراعاة مصالح ومشكلات الجالية العراقية في سوريا".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon