"العطش" يضرب الأنبار بسبب التقلبات المناخية والإدارة "المتعثرة" للأزمة

"العطش" يضرب الأنبار بسبب التقلبات المناخية والإدارة "المتعثرة" للأزمة
2025-08-11T15:57:23+00:00

شفق نيوز- الأنبار

تواجه محافظة الأنبار أزمة مائية مستمرة تُهدد حياة آلاف السكان في مناطق عدة مثل العنكور، المجر، الرحالية، والرطبة، هذه الأزمة تأتي في ظل انخفاض مناسيب المياه في بحيرة الحبانية التي تعتمد عليها هذه المناطق كمصدر رئيسي، إضافة إلى التغيرات المناخية وقلة الإيرادات المائية القادمة من دول المنبع.

وفي ظل هذه الظروف، تعمل وزارة الموارد المائية والحكومة المحلية في المحافظة على مشاريع مد أنابيب مباشرة من نهر الفرات لتوفير مياه صالحة للشرب، إلا أن هذه المشاريع تواجه عوائق وتعثّرات غير معلنة.

وعلى الرغم من أن محافظة الأنبار تقع على نهر الفرات، لكنها تعتمد بشكل كبير على بحيرة الحبانية لتزويد محطات مياه الشرب في مناطق العنكور والمجر والرحالية.

ويقول مدير الموارد المائية في الأنبار، جمال عبود، لوكالة شفق نيوز، إن "الأسباب الرئيسة لشح مياه الشرب في منطقة العنكور والمجر والرحالية ترجع إلى اعتماد هذه المناطق بشكل أساسي على بحيرة الحبانية".

ويردف "بسبب التقلبات المناخية وقلة الإيرادات المائية من دول المنبع، اضطرنا إلى استخدام المخزون الإستراتيجي في بحيرة الحبانية، حتى وصلت المناسيب إلى أدنى مستوياتها تحت خزين الناظم الذبان، هذا أدى إلى انحسار المياه من مجمعات الإسالة في العنكور الأول والعنكور الثاني والمجر".

ويكمل عبود "استجابة لهذه الأزمة، شرعت وزارة الموارد المائية بالتعاون مع ديوان محافظة الأنبار بناءً على طلب مباشر من المحافظ وبموافقة وزير الموارد المائية، في استحصال الحصة المائية الرسمية لهذه المناطق، وتم مد أنبوب يأخذ المياه مباشرة من نهر الفرات أمام سد الفلوجة، ما سيغلق هذا الملف نهائياً ويضمن تزويد السكان بمياه شرب صالحة ونظيفة، باستخدام أنابيب ومحطات ذات تصنيع عالية الجودة".

وأوضح مدير الموارد المائية أن "المشروع حصل على تمويل من ديوان محافظة الأنبار، وتم البدء به قبل 6 أشهر، ووصلت نسبة الإنجاز إلى ما بين 50 و60%".

واستدرك عبود "أما المناطق الأخرى مثل طريبيل والنخيب والوليد والرطبة، فهي تخدمها الإدارة المستقلة لماء الصحراء الغربية، ويتم ضخ المياه بمعدل 2.5 متر مكعب في الثانية، وهذا المشروع متكامل ويجري العمل على استحداث طواقم ضخ جديدة له".

ومع ذلك، هناك تقارير تفيد بأن مشروع مد أنابيب المياه من نهر الفرات إلى مناطق العنكور والمجر والرحالية، متعثر لأسباب غير معلنة، حيث رفضت الحكومة المحلية في الأنبار التصريح لوكالة شفق نيوز بشأن تلك المعوقات، مما أثار قلق المواطنين والناشطين المدنيين الذين يرون في ذلك تأخيراً غير مبرر يفاقم معاناة السكان.

من جهته، يقول الخبير في شؤون البيئة والمياه، محمد حافظ، لوكالة شفق نيوز، إن "الأزمة المائية في الأنبار تعكس تحديات بيئية ومناخية كبيرة نواجهها على المستوى الإقليمي، فالانخفاض في مناسيب نهر الفرات وبحيرة الحبانية مرتبط بشكل مباشر بسياسة دولة المنبع تركيا وتغير المناخ".

ويضيف "المشاريع الحكومية التي تسعى لمد أنابيب من نهر الفرات هي حلول مهمة لكنها تحتاج إلى متابعة فنية مستمرة لضمان استدامتها، من الضروري أيضاً تطوير برامج لترشيد استهلاك المياه وحماية الموارد المائية من الهدر، بالإضافة إلى تحسين معالجة المياه لضمان جودة أفضل".

ويوضح حافظ، أن "موضوع تأخير المشاريع فهو من الناحية الفنية مرفوض، لأن هذا يزيد من معاناة السكان ويجب أن يُعالج فوراً من قبل الجهات المسؤولة".

إلى ذلك، يقول المواطن من مدينة الرمادي، أيمن عبد، لوكالة شفق نيوز، إن "معاناة المياه في الرمادي مستمرة منذ سنوات، خصوصاً مع تراجع مياه بحيرة الحبانية، كنا نأمل أن مشاريع مد الأنابيب ستنهي المشكلة، لكن التأخير والإهمال زاد الطين بلة، نعيش معاناة حقيقية في الحصول على ماء الشرب، وغالباً ما نضطر لشراء المياه أو الاعتماد على مصادر غير آمنة، نطالب الجهات الحكومية بتسريع تنفيذ المشاريع، وتوفير مياه نظيفة ومستقرة".

في السياق، يشرح الناشط المدني باسم الفهداوي، لوكالة شفق نيوز، أن "الأزمة المائية في الأنبار ليست فقط أزمة طبيعية أو مناخية، بل هناك عوامل إدارية وسياسية تعرقل الحلول".

ويقول إن "مشاريع ضخ المياه متوقفة أو معطلة لأسباب غير معلنة، والشفافية معدومة في تقديم المعلومات للمواطنين ووسائل الإعلام، نحن نطالب بمراقبة مجتمعية فاعلة، ومحاسبة المسؤولين عن تأخير المشاريع، بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لتثقيف المجتمع بأهمية ترشيد استهلاك المياه، لأن التبذير يزيد من الأزمة، المياه ليست فقط حقاً بل قضية حياة يجب أن تكون في مقدمة الأولويات".

و تُظهر أزمة مياه الشرب في الأنبار أن التحديات تواجه المحافظة من عدة جوانب: بيئية ومناخية من جهة، وإدارية وفنية من جهة أخرى.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon