"الحصبة" يداهم مدارس العراق.. حملة صحية لمواجهة الوباء العالمي

"الحصبة" يداهم مدارس العراق.. حملة صحية لمواجهة الوباء العالمي
2024-03-21T16:50:44+00:00

شفق نيوز/ يقول مثل عراقي قديم "من لا يموت بالحصبة يموت بالجدري"، في دلالة على مدى انتشار هذا المرض سابقاً وخاصة بين الأطفال، ورغم انخفاض هذا المرض في السنوات الماضية لكنه عاود الارتفاع هذا العام 2024 في العراق وكذلك في دول العالم.

وبدأ يلاحظ انتشار هذا المرض بين طلاب المدارس في عموم المحافظات العراقية، فيما تستعد السلطات الصحية لإطلاق حملات تلقيحية كبرى تستهدف من 7 إلى 8 ملايين طالب في المدارس الابتدائية لوحدها، في سبيل مواجهة هذا الوباء العالمي السريع الانتشار.

ويقول المتحدث باسم وزارة التربية، كريم السيد، إنه "تم إطلاق أسبوع الصحة المدرسية مؤخراً، وهناك تعاون مع وزارة الصحة للتلقيح وإجراءات الفحص، كما هناك حملة كبيرة برعاية مستشارية رئاسة الوزراء لشؤون التربية"، مؤكداً أن "وزارة التربية لديها تواصل وتعاون مع وزارة الصحة وتجري مسوحات بشكل عام وتقوم بالإجراءات التلقيحية".

وعن إجراءات وزارة التربية، يوضح السيد لوكالة شفق نيوز، أن "وزارة الصحة هي الجهة المعنية فنياً بالتقييم والتلقيح والمراجعة، وهي من تحدد طبيعة الإجراءات التي على الطالب اتخاذها وإعطاء الإجازة له".

ولم يجب المتحدث باسم وزارة التربية عن سؤال وكالة شفق نيوز، عن الأعداد المصابة بالحصبة حتى الآن والمسجلة في مديريات التربية في عموم البلاد. والحصبة هو مرض فيروسي حاد ومعدٍ ينتقل عن طريق الرذاذ، ويصيب الأطفال بشكل رئيسي، مسبباً لهم مضاعفات خطيرة قد تنتهي بالموت، ويعتبر التطعيم ضد هذا المرض فعالاً، حيث 97% من الذين يتلقون اللقاحات ضده لا يصابون بالعدوى، وبدون التطعيم هناك احتمال أن تتسبب العدوى بوفاة المصاب.

مخاوف عالمية من "خطر" سرعة الانتشار

وكانت منظمة الصحة العالمية، أعربت في 20 شباط 2024، عن قلقها من الانتشار السريع لمرض الحصبة، بعد الإبلاغ عن أكثر من 306 آلاف حالة في جميع أنحاء العالم العام الماضي، بزيادة بنسبة 79 في المائة عن عام 2022.

وقالت المستشارة المعنية بالحصبة والحصبة الألمانية لدى المنظمة، ناتاشا كروكروفت: "نشعر بقلق بالغ حيال ما يحدث"، مشيرة إلى أن "حالات الحصبة المبلغ عنها هي أقل بكثير من العدد الحقيقي".

وذكرت المستشارة أن "أكثر من نصف دول العالم معرضة حالياً وفق التقديرات لخطر تفشي مرض الحصبة بمعدل كبير بحلول نهاية العام، وتشير التقديرات إلى أن نحو 142 مليون طفل معرضون للإصابة بالمرض".

وأشارت إلى أن "السبب الرئيسي لتضخم الأعداد هو تراجع حملات التطعيم". ويحتاج ما لا يقل عن 95 في المائة من الأطفال إلى التطعيم الكامل ضد المرض في منطقة ما لمنع تفشي الحصبة فيها، لكن معدلات التطعيم العالمية انخفضت إلى 83 في المائة، وهناك قدر كبير من عدم المساواة في توزيع الإصابات، وتزداد الفروقات عندما يتعلق الأمر بالوفيات.

متابعة دقيقة وحملة كبرى قريباً

وحاولت وكالة شفق نيوز، الاستفسار من وزارة الصحة العراقية عن مدى انتشار هذا المرض وإجراءاتها والأعداد المسجلة لديها دون أي استجابة من الوزارة.

لكن رئيس لجنة الصحة والبيئة النيابية، ماجد شنكالي، أكد أن "لجنة الصحة والبيئة في تواصل مستمر مع وزارة الصحة وتتابع انتشار مرض الحصبة بشكل دقيق، وخلال الأسبوعين الأخيرين تراجعت نسبة المصابين الذين يراجعون المستشفيات والمراكز الصحية بحدود 20 إلى 25 بالمائة بعد الدعوات الحاثة إلى أخذ اللقاح ومتابعة المتسربين".

ويضيف شنكالي لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومة العراقية بعد أن وفرت مبلغ 10 إلى 12 مليار دينار للقيام بحملة تلقيحية كبرى، شرعت وزارة الصحة بالاستعدادات لتنفيذها بعد انتهاء شهر رمضان وتحديداً في شهر نيسان المقبل، عبر 8 آلاف فرقة تلقيحية ستشمل جميع محافظات العراق، بما فيها محافظات الإقليم".

ويوضح، أن "عدد المستهدفين في هذه الحملة الكبرى سيكون من 7 إلى 8 ملايين طالب في المدارس الابتدائية، وستستمر لمدة 10 أيام، ومن المتوقع بعد هذه الحملة انخفاض كبير بأعداد الإصابات، لكن لا توجد أعداد دقيقة لأعداد الملقحين حتى الآن".

ويؤكد، أن "اللقاحات متوفرة وكافية للأعداد وهي من مناشئ رصينة"، عازياً انتشار المرض حالياً إلى "توقف حملات متابعة المتسربين منذ عام 2014 لعدم قدرة اليونيسف ووزارة الصحة على توفير الأموال اللازمة لهذه الحملات، وربما بسبب سوء خزن بعض اللقاحات أدى إلى تراجع فعاليتها".

كركوك وديالى تكافحان الحصبة وكان المتحدث باسم مديرية صحة ديالى، فارس العزاوي، أكد أمس الأربعاء، لوكالة شفق نيوز، أن "الحملة الوطنية للقاح الحصبة ستنطلق في ديالى ومحافظات العراق كافة يوم الأحد المقبل".

وأضاف العزاوي، أن "الحملة ستشمل أكثر من 1000 مدرسة لتلقيح أكثر من ربع مليون طالب في عموم المحافظة للحد من الإصابات بعدما شهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترات الأخيرة".

وفي 16 آذار الجاري، أعلنت دائرة صحة محافظة كركوك، عن ارتفاع كبير في أعداد المصابين بمرض الحصبة.

وقال مدير عام صحة كركوك، زياد خلف مديد، لوكالة شفق نيوز، إن دائرته أطلقت حملة واسعة للتلقيح ضد مرض الحصبة الذي سجل زيادة كبيرة في أعداد المصابين فيها.

فيما قال أولياء أمور طلبة المدارس في كركوك، لوكالة شفق نيوز إن هناك إصابات بين صفوف الطلبة، حيث ظهرت عليهم أعراض الإصابة بالحصبة.

مرض الحصبة.. أعراضه وعلاجه

الحصبة، مرض قديم وخطير وسريع الانتشار، إذ يعد من أكثر الأمراض انتشاراً في العالم، وتراجعت نسبة الإصابة به في السنوات الأخيرة لكنه عاود الارتفاع العام الحالي في عموم العالم، وفق إستشاري طب الأسرة، الدكتور علي أبو طحين.

وعن أعراض الحصبة يوضح أبو طحين لوكالة شفق نيوز، أن "أكثر أعراضها شيوعاً هي (حمى شديدة، ارتفاع بدرجة الحرارة، السعال، رشح، طفح جلدي، ظهور بعض البقع في الفم، التهاب في العين واحمرارها)، لكن هناك حالات شديدة كأن يحدث التهاب رئوي (التهاب ذات الرئة) أو أغشية الدماغ وتسمى بـ(السحايا) وقد تؤدي أحياناً إلى الوفاة، لذلك المرض لا يستهان به".

ويبيّن، أن "المرض تنفسي لا يقتصر وجوده على مناطق معينة، إذ يمكن أن يظهر بالحضر والريف، لكنه يكثر في المناطق المكتظة نتيجة انتقاله عبر الرذاذ والتنفس والسعال، وجميع الأعمار معرضة للإصابة بالحصبة، إذ لا يوجد عمر محصن ضد الحصبة ما لم يكن مصاب سابقاً، لكن نادراً ما يصابون به من هم تحت سِن الستة أشهر، أما المصاب سابقاً فهذا تحصل له مناعة ولا يصاب مرة ثانية".

ويتابع، أن "إصابة الأطفال ربما تكون أشد من الكبار واللقاحات في الطفولة تكون فعّالة، لذلك توجه الدعوات عموماً لتلقيح الأطفال، كما أن الكبار غالباً ما يكونوا متلقين للقاحات في طفولتهم".

ويؤكد، أن "هناك مناعة مجتمعية عالية في العراق، وأغلب الشباب والأطفال ملقحين، لكن هناك نسبة لم تأخذ اللقاح وهؤلاء هم الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، أما الملقح فحتى وإن حدثت له الإصابة فهي تكون خفيفة".

ويوضح، أن "لقاح الحصبة على نوعين، الحصبة المنفردة، وهذه تعطى بعمر 9 أشهر، والحصبة المختلطة التي يكون معها لقاح النكاف والحصبة الألمانية، ومن يأخذ جرعتين من اللقاح تكون لديه مناعة بنسبة أكثر من 95 بالمائة".

وعن علاج الحصبة، يشير أبو طحين إلى أن "العلاجات هي تخفيفة للأعراض، من خافض حرارة ومضادات حيوية إذا كان المصاب يعاني من التهابات، وممكن أخذ بعض الفيتامينات على سبيل المثال فيتامين (أي) الذي يعزز المناعة وما شابه، وفي حال إصابة الطفل بالحصبة فيجب عزله وإبقاءه في البيت، وإعطاءه العلاج بعد مراجعة المؤسسات الصحية"، مبيناً أن "التشخيص السريري يتم عن طريق الأعراض، ومن ثم أخذ عينات من الدم والإدرار ومسحة لتأكيد الإصابة".

النجف وذي قار تسجلان "أدنى" معدل إصابات

وكان مدير قسم الصحة العامة في النجف، قيس زوين، ذكر في 15 آذار الحالي لوكالة شفق نيوز، أن "مرض الحصبة المتفشي بالوقت الحالي هو نتيجة موجة عالمية لا تقتصر على العراق فقط، وإنما دول العالم جميعاً تعاني منه، حيث أن طبيعة هذا الفيروس تنتشر كل 4 سنوات وتأتي بطور جديد".

وتابع زوين، أن "النجف لم تسجل لغاية الآن أي وفيات بهذا المرض بعكس المحافظات الأخرى، ولا حتى أعراضاً قوية لدى المصابين، لكن هناك مؤشرات على ارتفاع كبير بالإصابات بين صفوف مواطني المحافظة".

من جانبه، أكد مدير قسم الصحة العامة بذي قار، محمد كشاش، لوكالة شفق نيوز، أن "الموقف في ذي قار قياساً بالمحافظات الأخرى أقل من حيث الإصابات، حيث أن المرض في الوقت الحالي هو وباء عالمي".

وبين كشاش، أن "تفشي الوباء في طريقه نحو النزول بعدما كان يسير بطريقة تصاعدية في المحافظة، حيث سجلت ذي قار الأسبوع الماضي فقط 18 إصابة بالمرض وهي صاحبة الرقم الأقل بعدد المصابين بين المحافظات الأخرى". وكشفت مصادر مطلعة في المحافظتين لوكالة شفق نيوز، عن "عدد المصابين بمرض الحصبة، حيث تشير الإحصائيات إلى تسجيل أكثر من 500 إصابة خلال الفترة الماضية في المحافظتين".

ارتفاع الوفيات بنسبة 40% حول العالم

وكان تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية والمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) كشف في تشرين الثاني 2023، عن ارتفاع عدد الحالات المصابة بمرض الحصبة من حوالي 7.8 إلى 9.2 ملايين حالة في العالم، بين عامي 2021 و2022، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 18 في المائة.

وارتفعت الوفيات الناجمة عن مرض الحصبة من 95 ألفاً في عام 2021 إلى 136 ألفاً في 2022، بنسبة زيادة 43 في المئة على مستوى العالم.

وأشار التقرير إلى أن عدد البلدان التي أبلغت عن "تفش كبير أو مدمر" للحصبة ارتفع أيضاً من 22 في عام 2021، إلى 37 في عام 2022، مما يمثل زيادة بنسبة 68 في المائة.

ويمكن الوقاية من المرض بجرعتين من لقاح الحصبة، لكن التقرير عزا انتشاره في الفترة من 2020 وحتى 2022، إلى جائحة فيروس كورونا والاهتمام بالتطعيم ضدها.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon