التصعيد الأمريكي الإيراني... هل يتحول لمواجهة مفتوحة على أراضي العراق؟
شفق نيوز/ تصاعدت حدة التحذيرات والتهديدات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في الأيام الماضية، تزامنا مع الزيارة التي قام بها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني إلى بغداد، التي التقى خلالها الكتل السياسية في الوقت الذي تتخبط فيه العملية السياسية نتيجة الفشل في تمرير رئيس وزراء جديد خلفا لعادل عبد المهدي.
يأتي هذا التصعيد بعد اعلان واشنطن تسليم عدد من القواعد العسكرية التي كانت تتواجد فيها إلى القوات العراقية وتجميد مهامها في التحالف الدولي للحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي، وتركيز تواجدها في عدد من القواعد الحدودية، بجانب نشرها بطاريات صواريخ باتريوت على الحدود وإرسال الفرقة 101 ذات الطابع الخاص إلى العراق، وسوغت الولايات المتحدة تلك الإجراءات خوفا من وباء كورونا، علاوة على أن تنظيم داعش لم يعد يشكل خطراً .
وحذرت إيران، الولايات المتحدة من خطر جرّ الشرق الأوسط إلى "وضع كارثي" في خضمّ أزمة فيروس كورونا المستجدّ، بعد نشر واشنطن منظومة صواريخ باتريوت للدفاع الجوي في العراق.
ويرى مراقبون أن هذا التصعيد قد يمثل إجراءات احترازية استراتيجية من واشنطن بعد أن تنبهت إلى "خطط إيرانية" رامية إلى جر الولايات المتحدة إلى حرب استنزاف طويلة الأمد على الأراضي العراقية، في الوقت ذاته يستبعد آخرون المواجهة المباشرة بين الجانبين في الأمد القصير.. فإلى أي مدى سوف يصل هذا التصعيد؟
يقول جو معكرون الباحث السياسي بالمركز العربي لنزاعات الشرق الأوسط بالولايات المتحدة الأمريكية، ان "القرار باعادة نشر القوات الاميركية ونشر صواريخ باتريوت الدفاعية يعكس محاولة واشنطن تحسين وضعيتها الدفاعية في العراق في ظل مسعى ترامب لموازنة وجهتي نظر داخل إدارته".
ويضيف الباحث السياسي، ان "وجهة النظر الأولى تدعو إلى إجراءات أكثر صرامة لإجبار النظام الإيراني على العودة إلى طاولة المفاوضات والثانية ترى أن مثل هذه الإجراءات قد تزيد المخاطر التي تواجه القوات الأمريكية في العراق". ويردف، ان "المواجهة السياسية محتومة ومستمرة بين واشنطن وطهران في العراق لكن المواجهة العسكرية مستبعدة على الأرجح في المدى المنظور، بحيث يسعى الطرفين الى تفادي هذا السيناريو رغم التهديدات المتبادلة بين الحين والآخر".
ومن جانبه يقول محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية بالقاهرة، انه"بكل تأكيد العراق أصبح ساحة المواجهة الأولى بين أمريكا وإيران، لاعتبارات عدة، أولها الرسالة التي وجهها علي خامنئي في الذكرى الأربعين لانتصار الثورة الإيرانية إلى عادل عبد المهدي رئيس الوزراء العراقي في شباط 2019، قال له فيها ابدأ من الآن في العمل على إخراج القوات الأمريكية من العراق، لأن وجودها أصبح يمثل خطرا على الأمن الإقليمي من وجهة النظر الإيرانية".
ويضيف رئيس المنتدى العربي، انه و"منذ شباط 2019 جرى تدشين مرحلة جديدة من المواجهة بين طهران وواشنطن على الأراضي العراقية، إما بشكل غير مباشر عن طريق المليشيات العراقية المدعومة إيرانيا، ثم تطور الأمر إلى مواجهة مباشرة بعد مقتل قاسم سليماني".
ويتابع أبو النور، ان "إيران تريد إخراج القوات الأمريكية من العراق عن طريق حرب استنزاف طويلة عن طريق المليشيات العراقية، وهو ما فطنت له القوات الأمريكية، وتريد واشنطن أن تكون المواجهة مباشرة مع طهران، وهو ما يعني أن أمريكا سوف تقوم بعمليات مباشرة ضد العمق الإيراني عاجلا أم ٱجلا، أو تقوم بقصف المصالح الإيرانية في العراق كمرحلة أولى، ثم في سوريا كمرحلة ثانية".
ويلفت رئيس المنتدى العربي إلى أن "كل الأمور تذهب إلى أن العراق هو ساحة الصراع الرئيسة الٱن، والزيارات الأمريكية التي قام بها وزير الخارجية الأمريكية بومبيو المتتالية إلى العراق وكذلك زيارات المسؤولين الإيرانيين تؤكد أن إيران تريد نقل ساحة الصراع من الداخل إلى الخارج بعيدا عن أراضيها".
ويوضح أبو النور أن الأمر الأكثر أهمية، هو أن "إيران تدرك أنها في تلك المرحلة لن تترك الثأر لمقتل قاسم سليماني عن طريق حرب الاستنزاف الطويلة ضد القواعد التي تتواجد بها القوات الأمريكية بالعراق، وهو ما أدركته واشنطن وقامت على إثره بتسليم عدد من القواعد التي كانت تتواجد فيها إلى السلطات العراقية، وتكثيف تواجدها العسكري في أماكن بعينها، للتقليل من الخسائر التي قد تنتج عن أي هجوم إيراني على مصالحه في العراق، وقيام واشنطن بنصب صواريخ باتريوت على الحدود العراقية يؤكد أن واشنطن لن تترك العراق بسهولة".
ويقول الدكتور معتز محي، مدير المركز الجمهوري للبحوث الأمنية والاستراتيجية بالعراق في تصريحات لراديو سبوتنيك الروسي، انه قد يكون هناك تصعيد بين أمريكا وإيران بعد التصريحات المتشنجة بين الطرفين، عقب نشر منظومة الباتريوت في قاعدة عين الأسد وقاعدة حرير، وقد تقوم واشنطن بضرب قواعد الفصائل المسلحة أو اغتيال القيادات، مستبعدا الانسحاب الأمريكي في الوقت الراهن، ومشيرا إلى أن ما تقوم به القوات الأمريكية هو مجرد اعادة انتشار بحجة فيروس كورونا وهي في حقيقة الأمر تقوم بالابتعاد عن المناطق الساخنة.
ويقول المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، إن تحركات الجيش الأمريكية في العراق تدفع بالمنطقة إلى كارثة. وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، يوضح موسوي أن "التحركات العسكرية الأمريكية في العراق، تأتي خلافا للمطالب الرسمية المعلنة للحكومة العراقية كما تتعارض مع موقف البرلمان والشعب العراقي، ومن هنا يمكن أن تجر المنطقة إلى التوتر وتسوقها إلى ظروف كارثية".
ويضيف "في الوقت الذي يؤكد فيه الأمين العام للأمم المتحدة والمجتمع الدولي على توقف الإجراءات المستفزة والمثيرة للحروب في ظل انتشار فيروس كورونا، تأتي التحركات الأمريكية، الأمر الذي يثير التوتر ويقود المنطقة لحالة من عدم الاستقرار".
كما طالب موسوي القوات الأمريكية بأن تحترم إرادة الحكومة العراقية والشعب العراقي الداعية إلى انسحاب هذه القوات من البلاد وأن تمتنع عن تأجيج التوتر في المنطقة.
وتزايدت في الآونة الأخيرة احتمالات توجيه الإدارة الأمريكية ضربات إلى "الحشد الشعبي" العراقي، بعد إخلاء التحالف الدولي قواعد له في العراق، وإخراج واشنطن موظفيها "غير الأساسيين" من سفارتها في بغداد، وقنصليتها في أربيل. كما قامت الولايات المتحدة الأمريكية نهاية ٱذار الماضي، بنشر منظومة صواريخ باتريوت للدفاع الجوي في قاعدة "عين الأسد"، التي ينتشر فيها جنود أمريكيون، وقاعدة "حرير" في أربيل عاصمة إقليم كوردستان العراق.
ويقلل الحرس الثوري الإيراني، من أهمية التهديدات الأمريكية بشن هجمات على قوات "الحشد الشعبي" في العراق، معتبراً أنها "عملية نفسية".
وأكد مساعد قائد الحرس الثوري الإيراني في الشؤون السياسية، العميد يد الله جواني، أن "أي عملية عسكرية أمريكية في العراق ستبوء بفشل كبير"، قائلا "لو أراد الأمريكان تنفيذ خطوة عسكرية في العراق فسيضيفون هزيمة استراتيجية أكبر من الماضي إلى سجلهم"، حسب وكالة "تسنيم" الإيرانية.
ويردف جواني إن "الأمريكان ومن خلال التركيز على حرب نفسية يريدون نوعا ما التقدم بأعمالهم، وفي هذا المجال يطلقون تهديدات ضد فصائل المقاومة في العراق وأحيانا بعض التهديدات لإيران".