"الإطار السني".. سبيل المكون نحو انتزاع دور قيادي في التفاوض

"الإطار السني".. سبيل المكون نحو انتزاع دور قيادي في التفاوض
2025-11-23T07:19:42+00:00

شفق نيوز- بغداد

وسط مشهد سياسي يغلي على وقع الانتخابات، تتجه الأنظار نحو "البيت السني"، الذي يشهد أوسع حركة إعادة تموضع منذ سنوات، وسط صراع إرادات ورغبة متصاعدة في كسر حالة التشظي التي رافقته طويلا.

فبين محاولات لتأسيس "إطار سني"، يشبه نظيره الشيعي من حيث التأثير والقدرة على صناعة القرار، وبين تحركات مكثفة يقودها رئيس مجلس النواب العراقي السابق محمد الحلبوسي لإعادة تثبيت موقعه في صدارة المشهد، تبدو الساحة السنية أمام مرحلة مفصلية ستحدد شكل تمثيلها وموقعها في مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة.

هذه التحركات المتسارعة لا تجري بمعزل عن بقية المكونات، إذ تتقاطع مع تباينات واضحة داخل "البيت الشيعي"، وخلافات ملحوظة بين القوى الكوردية، ما يجعل أي اصطفاف سني جديد جزءا من لوحة سياسية معقدة تتداخل فيها الحسابات الانتخابية مع محاولات إعادة بناء التحالفات.

وفي ظل حراك غير مسبوق لقوى سنية تتقارب تارة وتتنافر تارة أخرى، تطفو إلى السطح احتمالات إعادة تشكيل خريطة التحالفات، سواء عبر تفاهمات واسعة تشمل معظم القوى أو عبر مسارات تفاوضية ضيقة يقودها الحلبوسي منفردا سعيا لتثبيت نفوذ حزبه.

"الإطار السني"

وعلمت وكالة شفق نيوز، من مصدر رفيع في حزب تقدم، تفاصيل هذه المساعي، حيث يقول المصدر إن "القوى السنية بدأت فعليا منذ أيام بالحراك السياسي الهادف إلى بلورة تفاهمات واسعة"، مشيرا إلى "وجود توجه واضح لتأسيس الإطار السني على غرار الإطار التنسيقي الشيعي بما يضمن جمع القوى السنية ضمن كتلة أكثر تأثيرا في مرحلة ما بعد الانتخابات".

ووفقا للمصدر، فإن العملية الانتخابية تمر بمرحلتين أساسيتين مثل ما جرت العادة في كل الانتخابات، الأولى تتعلق بالإعداد وإجراء الانتخابات، فيما تبدأ المرحلة الثانية فور انتهائها وتشمل سلسلة من التفاهمات والتكتلات والتحالفات التي ستسهم في تشكيل الحكومة المقبلة.

وبحسب كلامه، فإن المشهد السياسي الحالي يشهد تباينات داخلية في مختلف المكونات، سواء داخل البيت الشيعي أو بين القوى الكوردية، وحتى داخل المكون السني، حيث توجد حالة من تباين الآراء وتعدد التوجهات، مشيرا إلى أن التحركات داخل المكون السني انطلقت قبل أيام، وأن معظم القوى السنية باتت قريبة من تقدم، بما في ذلك تحالف السيادة رغم الخلافات التي كانت قد ظهرت سابقا بين زعيمه خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي.

ويضيف المصدر أن "الطرف الأكثر صعوبة في الحوار تحالف العزم بسبب تراكم الخلافات بينه وبين بقية القوى السنية وبين تقدم بشكل خاص، إلا أن إعادة بناء التحالفات تبقى خيارا واردا بقوة شريطة ضمان حقوق جميع الأطراف، وهو ما يجري بحثه حاليا على طاولة مفاوضات تقدم".

وفقا للبيانات النهائية الصادرة عن مفوضية الانتخابات العراقية، فإن تحالف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني حل في الصدارة، بعد أن تمكن من إحراز 46 مقعدا في مجلس النواب البالغ عدد مقاعده 329.

أما حزب تقدم، الذي يعتمد في قوته الانتخابية على المحافظات ذات الأغلبية السنية في شمال البلاد وغربها، فقد سجل 27 مقعدا وفقا للأرقام الرسمية.

وفي السياق ذاته، حصل ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي على 29 مقعدا، في حين تمكن الحزب الديمقراطي الكوردستاني من الفوز بـ26 مقعدا في الدورة البرلمانية الجديدة.

وتشير الأرقام التقديرية إلى أن القوى ذات الغالبية الشيعية حققت مجموعا قدره 187 مقعدا، بينما جمعت الكتل السنية 77 مقعدا، وحازت الأحزاب الكوردية على 56 مقعدا، في حين بلغت مقاعد "الكوتا" المخصصة للأقليات 9 مقاعد.

خريطة طريق

في غضون ذلك، يقول القيادي في حزب تقدم أحمد الجبوري لوكالة شفق نيوز، إن "الحلبوسي يسعى بشكل مستمر إلى تثبيت استحقاقات المكون السني وضمان تمثيله السياسي"، مؤكدا أن "الدخول في مفاوضات مع بعض القوى السنية يبقى خيارا مطروحا وفق ما تقتضيه مصلحة المكون".

ويضيف أن "المؤشرات تشير إلى أن تحالفي الحسم والسيادة هما الأقرب للتحالف مع الحلبوسي خلال المرحلة المقبلة نظرا لتقارب المواقف وإمكانية إعادة ترتيب العلاقة السياسية بين الطرفين".

وبشأن احتمال التحالف مع العزم، يوضح الجبوري، أنه "غير مرجح في الوقت الحالي"، مبينا أن "قرار التفاوض من عدمه يعود في النهاية إلى رئيس الحزب، الذي قد يلجأ إلى هذا الخيار إذا رأى أنه يخدم مصلحة المكون".

ويختم الجبوري حديثه بالإشارة إلى أن "الموقف النهائي سيعرف لاحقا مع تقدم المشاورات".

يذكر أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق أعلنت يوم الاثنين 17 تشرين الثاني 2025 النتائج النهائية للانتخابات التشريعية التي أجريت الثلاثاء من الأسبوع الماضي، مؤكدة أن نسبة المشاركة تجاوزت 56 في المئة.

مؤشرات ضعيفة

إلى ذلك، يرى المحلل السياسي ياسين عزيز أن فرص رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي في توحيد القوى السنية خلال المرحلة الراهنة تبدو ضعيفة، مرجعا ذلك إلى نزعة التفرد في اتخاذ القرار وعدم إشراك بقية الشركاء السياسيين في الملفات المرتبطة بالمكون السني.

ويقول عزيز في حديث لوكالة شفق نيوز، إن إمكانية جمع الصف السني قد تتحقق فقط إذا تعامل الحلبوسي باعتباره جزءا من المنظومة السياسية للمكون بعيدا عن الحسابات المرتبطة بعدد المقاعد والنفوذ أسوة بما جرى داخل الإطار التنسيقي، مستبعدا في الوقت نفسه حدوث ذلك في الظرف الحالي.

ويتوقع أن يتجه الحلبوسي إلى خوض مفاوضات تقاسم المناصب مع الإطار التنسيقي بصورة منفردة أو بمساندة أطراف سنية محدودة التأثير.

وفي ما يخص منصب رئيس الجمهورية، يتابع عزيز حديثه بالقول إن "المنصب سيبقى من حصة المكون الكوردي وفق العرف السياسي المعمول به منذ عام 2005"، مرجحا "استمرار هذا التقليد في الدورة الحالية أيضا".

وفي ضوء استمرار المباحثات حول تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، أعلن مارك سافايا مبعوث الرئيس الأميركي إلى العراق مساء أمس الجمعة قرب قدومه إلى بغداد للاجتماع بالقوى السياسية ومتابعة تشكيل الحكومة الجديدة.

حيث كتب سافايا في تدوينة له على منصة إكس أنه يتطلع إلى زيارة العراق قريبا والاجتماع بقادة القوى السياسية، مؤكدا أن العراق قد أحرز تقدما ملحوظا خلال السنوات الثلاث الماضية ونأمل أن يستمر هذا التقدم في الأشهر المقبلة".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon