"استغلال وكوتا".. لماذا تميل النساء في العراق لانتخاب الرجال؟

"استغلال وكوتا".. لماذا تميل النساء في العراق لانتخاب الرجال؟
2025-05-29T15:58:21+00:00

شفق نيوز/ مع استعداد العراق لإجراء الانتخابات التشريعية، في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، تلاحظ أوساط نسوية، أن الفجوة بين النساء والمرشحات من بنات جنسهن في تزايد مستمر، ويظهر هذا جلياً خلال فترة الانتخابات، حيث تميل نسبة كبيرة من النساء إلى انتخاب الرجال بدلاً من دعم النساء المرشحات.

وتشير تلك الأوساط النسوية، إلى أن هذه الحالة هي انعكاس لتجارب سابقة سلبية، وتشويه مستمر لصورة النساء في مواقع القرار، إضافة إلى غياب نماذج نسوية تمكينية تمثل واقع وهموم النساء بصورة حقيقية.

وبالإضافة إلى ذلك، ترى الأوساط أن هناك محاولة لاستغلال المرأة واستخدامها لإكمال العدد في القوائم الانتخابية، لاسيما في التحالفات الكبيرة، وهذا الاستغلال لا يقتصر على النساء فقط، وإنما يشمل كل طامح للدخول إلى البرلمان، في سبيل الحصول على أصواتهم.

توزيع كوتا نساء

وينقسم البرلمان العراقي إلى 329 مقعداً تُوزع على المحافظات بناءً على عدد سكانها، وبحسب قانون الانتخابات رقم 12 لسنة 2018 المعدل النافذ، فقد حفظ نسبة مشاركة المرأة 25 بالمئة من المقاعد، وفق ما أبلغت به الناطقة الإعلامية لمفوضية الانتخابات العراقية، جمانة الغلاي وكالة شفق نيوز.

وتوزعت كوتا المرأة على المحافظات بحسب قانون الانتخابات، على النحو الآتي: عدد المقاعد في بغداد 69 مقعداً منها 17 مقعداً كوتا نساء، وفي نينوى 31 مقعداً منها 8 مقاعد كوتا نساء، وفي البصرة 25 مقعداً منها 6 مقاعد كوتا نساء.

أما في ذي قار 19 مقعداً منها 5 مقاعد كوتا نساء، وبابل 17 مقعداً منها 4 مقاعد كوتا نساء، والسليمانية 18 مقعداً منها 5 مقاعد كوتا نساء، والأنبار 15 مقعداً منها 4 مقاعد كوتا نساء، وفي أربيل 15 مقعداً منها 4 مقاعد كوتا نساء، وديالى 14 مقعداً منها 4 مقاعد كوتا نساء، وكركوك 12 مقعداً منها 3 مقاعد كوتا نساء.

وفي صلاح الدين 12 مقعداً منها 3 مقاعد كوتا نساء، والنجف 12 مقعداً منها 3 مقاعد كوتا نساء، وفي واسط 11 مقعداً منها 3 مقاعد كوتا نساء، والديوانية 11 مقعداً منها 3 مقاعد كوتا نساء، وميسان 10 مقاعد منها 3 مقاعد كوتا نساء، ودهوك 11 مقعداً منها 3 مقاعد كوتا نساء، وكربلاء 11 مقعداً منها 3 مقاعد كوتا نساء، والمثنى 7 مقاعد منها مقعدين كوتا نساء.

فجوة متزايدة

ورغم وجود الكوتا، تواجه النساء الراغبات بالعمل السياسي والدخول إلى مجلس النواب عراقيل عديدة، تبدأ من بنات جنسهن، حيث تلاحظ الناشطة بمجال حقوق الإنسان، سارة جاسم، أن "هناك فجوة متزايدة بين النساء والمرشحات من بنات جنسهن، تتجلى بشكل واضح خلال فترات الانتخابات، حيث تميل نسبة كبيرة من النساء إلى انتخاب الرجال بدلاً من دعم النساء المرشحات".

وتوضح جاسم لوكالة شفق نيوز، أن "هذا التوجه لا يمكن قراءته كرفض لقدرات المرأة السياسية، بل هو انعكاس لتجارب سلبية، وتشويه مستمر لصورة النساء في مواقع القرار، إضافة إلى غياب نماذج نسوية تمكينية تمثل واقع وهموم النساء بصورة حقيقية". 

وتضيف، "لذا، من المهم أن نسأل: هل فعلاً فقدت المرأة الثقة بالمرأة؟ أم أن ما فقدته هو الأمل في التغيير من خلال الأطر السياسية الحالية التي غالباً ما تُقصي الأصوات النسوية الجادة؟، اعتقد أن هذه الفرضية، وإن بدت قاسية، إلا أنها تفتح باباً مهماً لمراجعة بنية الخطاب السياسي، وتعزيز حضور نساء يُمثلن صوت الشارع النسوي بصدق وكفاءة".

استغلال المرأة

من جهتها، تشير رئيس مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية، الإعلامية زينب ربيع، إلى أن "هناك محاولة لاستغلال ضعف المرأة واستخدامها لإكمال العدد في القوائم الانتخابية، لاسيما في التحالفات والقوائم الكبيرة، لذلك ربما يستغلون عدم ثقة المرأة أحياناً في نفسها".

وتنوّه ربيع خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، "لكن لا ننكر وجود الكثير من السيدات القياديات، لكن في المرحلة الماضية وكذلك الحالية، لم نشاهد بروز شخصيات سياسية نسوية اثبتت حضورها لتكون صوتاً قيادياً سواء داخل القائمة أو الائتلاف أو الكتلة".

وبينما تعرب ربيع عن أملها أن "يتغير هذا الحال من خلال مخرجات الانتخابات المقبلة"، تبين أن "الواقع على الأرض يشير إلى استخدام ليس النساء فقط وإنما كل طامح وراغب بأن يكون له دور سواء كان نيابي أو أي منصب آخر، في سبيل الحصول على أصواتهم أو لإكمال عدد القوائم الانتخابية".

عملية مركبة

لكن الأمين العامة للحركة المدنية الوطنية، شروق العبايجي، ترى عدم جواز تعميم فكرة أن المرأة فقدت ثقتها بالمرأة التي تعمل في المجال السياسي، مؤكدة أن "هذه الظاهرة بدأت تخف في السنوات الأخيرة، لكنها تبقى مرتبطة بظاهرة عامة وهي عدم الثقة بالنخب السياسية عموماً رجالاً ونساءً".

وتوضح العبايجي لوكالة شفق نيوز، أن "هناك دعم نسائي ونوع من الإعجاب للنساء اللواتي يملكن حضوراً سياسياً بأشكال مختلفة، لكن العوامل السياسية هي التي تطغى، خاصة في ظل وجود الرجال على رأس الأحزاب والمواقع القيادية فيها، وبالتالي تتجه الأنظار والتأييد الجماهيري إليهم".

وتختم العبايجي حديثها بأن "أسباب عدم بروز النساء تعود لعملية مركبة، حيث هناك تقاليد وأعراف في المناطق خصوصاً ذات الطابع الريفي أو العشائري بأن الرجل يوجه النساء لعملية الاختيار، وهذا مرتبط بالثقافة والوعي ومستوى التعليم، وغير ذلك من الأسباب الفاعلة في الثقة بالمرأة بالمجال السياسي".

وكان تقرير سابق لوكالة شفق نيوز سلط الضوء على ما تعانيه النساء الراغبات بالعمل السياسي والدخول إلى مجلس النواب، منها حملات تسقيط وتشويه سمعة بنسب متفاوتة، مجرد ما تُعلن المرأة ترشيحها، في ظاهرة تكرر مع كل انتخابات، بحسب مراقبين.

ويعزو المراقبون في التقرير، هذا التعصب الذكوري إلى أن أغلب المجتمع لا يتقبل وجود النساء داخل أروقة البرلمان، أو نيلها مناصب عليا، إذ يعتبرون أن هذه استحقاقات ذكورية بحتة، ووجود النساء كمنافس للرجال أمر غير مقبول.

ما يتطلب وفق المراقبين، وضع حلول جذرية وتغيير السلوك المجتمعي بتشريع قوانين تعاقب كل من يحاول الإساءة للنساء بشكل أو بآخر، لتمكينهن بالوصول إلى البرلمان وتشريع قوانين تدعم حقوقهن وتمنع محاولات سلبها بقوانين مثيرة للجدل.

 

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon