نزع سلاح "PKK".. هل تصبح نقطة تحول للعراق أم هي "فرصة ضائعة أخرى؟"
شفق نيوز- بغداد/ ترجمة خاصة
تمثل المراسم الرمزية لنزع أسلحة حزب العمال الكوردستاني "بداية عهد جديد للكورد" بعد الصراع الذي استمر أكثر من 4 عقود وشكل الهوية والسياسة الكوردية في أنحاء المنطقة كافة، بحسب قراءة صحيفة "ذا كونفيرزيشن" الأسترالية حيث لفتت إلى تأثير ذلك على العراق أيضاً، وإلى احتمالية "نقطة التحول" أو "الفرصة الضائعة".
ووصف التقرير الأسترالي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، مراسم تسليم السلاح التي جرت في السليمانية، بأنها تمثل يوماً رمزياً ومؤثراً للغاية وقد تشير إلى بداية عهد جديد، مذكّراً بأن حزب العمال الكوردستاني انخرط طوال أكثر من 4 عقود في صراع مسلح مع تركيا، وهو ما ساهم في تشكيل الهوية والسياسة الكوردية في كل أنحاء المنطقة.
واعتبر التقرير أن مراسم نزع السلاح تمثل أيضاً "بداية عهد جديد للكورد"، وهم إحدى أكبر الجماعات عديمة الجنسية في العالم، إذ يعيش أكثر من 30 مليون شخص في تركيا والعراق وإيران وسوريا، مشيراً إلى أن حزب العمال الكوردستاني أعلن أنه سينتقل الآن من المقاومة المسلحة، إلى الحوار السياسي والتعاون الإقليمي.
وبحسب التقرير، فإن الطريق المقبل قد يشمل مرحلة عدالة انتقالية واستخدام أدوات مختلفة من جانب المجتمعات، لمعالجة العنف وانتهاكات حقوق الإنسان الماضية خلال فترة الانتقال من الصراع الى السلام والديمقراطية، وهو ما قد يشمل إجراءات قانونية مثل المحاكمات، بالإضافة إلى جهود أخرى من أجل التعافي وإعادة بناء الثقة في المجتمع.
وذكر التقرير بتصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأخيرة والتي شدد فيها على البعد الإقليمي قائلاً إن، "القضية لا تقتصر على مواطنينا الكورد فحسب، بل تشمل أيضاً اخواننا واخواتنا الكورد في العراق وسوريا، فنحن نناقش هذه العملية معهم، وهم ايضا سعداء للغاية".
ولهذا، قال التقرير إنه بينما يلقي حزب العمال الكوردستاني سلاحه، إلا أنه من غير المتوقع تلاشي الحركة السياسية الكوردية، وإنما على العكس، فإن المرجح هو أن تصبح أكثر نشاطا في المجال الديمقراطي، سواء في تركيا أم في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط حيث يعيش الكورد.
وتابع التقرير أن عملية السلام الحالية هي نتيجة لتغيرات في الوقائع الجيوسياسية، موضحاً أن التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة وإيران، وحرب اسرائيل المستمرة في غزة، وإسقاط نظام الأسد في سوريا، وتحول ديناميكيات القوة في المنطقة، ساهمت كلها في ولادة مشهد جيوسياسي أصبح فيه الصراع المسلح المطول، ليس قابلا للاستدامة بالنسبة لكل من تركيا وحزب العمال الكوردستاني.
وبهذا المعنى، اعتبر التقرير أن عملية السلام الحالية ليست مجرد مبادرة محلية، موضحا أنها تمثل إعادة تقييم استراتيجية في شرق أوسط سريع التغيير.
وفيما يتعلق بتركيا، قال التقرير إن استقرار حدودها الجنوبية الشرقية وتخفيف الضغوط الأمنية الداخلية، تعتبر مسائل ضرورية في ظل التقلبات الإقليمية.
وبالنسبة للعراق وإقليم كوردستان، قال التقرير إن تركيا حافظت دوماً على علاقات قوية مع حكومة الإقليم، وفي المقابل، لفت التقرير إلى أن وضع الكورد في سوريا يعتبر أكثر تعقيداً، حيث أن أنقرة تنظر إلى الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا والتي تتمتع بحكم ذاتي فعلي منذ العام 2012، كتهديد أمني على طول حدودها.
وتابع التقرير أن المفاوضات مستمرة بين الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي تمثل التحالف الذي يقوده الكورد في سوريا، ويتمتع بدعم تاريخي من الولايات المتحدة، حيث تسعى "قسد" إلى الاحتفاظ باستقلاليتها العسكرية ونظامها السياسي المستقل، وهو ما تعارضه دمشق.
ولفت التقرير إلى أن الدول الغربية، وخصوصا الولايات المتحدة، لا تزال تتمتع بدور مؤثر في هذه المحادثات، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن السفير الأمريكي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك، ليس مرتاحا إزاء عدم تحقيق تقدم في المحادثات بين الشرع وقوات "قسد" حيث أعلن مؤخرا أنه يتحتم "على قوات سوريا الديمقراطية، التي لطالما كانت شريكا مهما لأمريكا في الحرب ضد داعش، وتحظى بالاحترام والذكاء، أن تتوصل إلى استنتاج مفاده أن هناك دولة واحدة، وأمة واحدة، وشعباً واحداً، وجيشاً واحداً".
ورأى التقرير أن نشوء تحالف عربي تركي كوردي قوي، لا يتماشى مع المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية، مما قد يؤدي إلى تشتت أكبر للوجود الكوردي في المنطقة.
وأشار التقرير إلى أن تركيا تواجه مهمة معقدة تتمثل في الإشراف على عملية شاملة لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، وهو ما يتطلب ليس فقط نزع الأسلحة وحل المجموعات المسلحة، وإنما يستدعي أيضاً إعادة الاندماج الاجتماعي والسياسي للمقاتلين السابقين، في حين أن نجاح ذلك يتطلب إصلاحات قانونية وثقة مؤسسية والتزاماً حقيقيا بالدمج الاجتماعي.
وانتقد التقرير في هذا الإطار، استمرار الحكومة التركية باستخدام عبارة "مكافحة الإرهاب"، وهو ما يجازف بتقويض عملية السلام بتجريم الحوار السياسي ونزع الشرعية عن المطالب الكوردية على الرغم من بدء عملية نزع السلاح.
وخلص التقرير إلى القول إنه بالنسبة لحزب العمال الكوردستاني، فإن التحالفات المتغيرة والشكوك في سوريا والعراق، ربما تكون قد جعلت من الكفاح المسلح مساراً أقل جدوى، إلا أنه أضاف أن استدامة السلام ستعتمد على أكثر من مجرد نزع السلاح، وهي تتطلب إنهاء تجريم الكورد في المؤسسات السياسية وداخل المجتمع المدني.
وختم التقرير الأسترالي بالقول إن "ما هو آت لاحقا، سوف يحدد ما إذا كانت هذه اللحظة ستكون نقطة تحول تاريخية، أم أنها فرصة ضائعة أخرى".