مركز دراسات: العراق أمام لحظة مفصلية لمعالجة اقتصاده والنهوض بالقطاع الخاص

مركز دراسات: العراق أمام لحظة مفصلية لمعالجة اقتصاده والنهوض بالقطاع الخاص
2025-12-18T14:01:06+00:00

شفق نيوز- ترجمة خاصة 

أفاد "مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية"، بأن العراق يحتاج إلى "تشخيص واقعي لاختلالاته الاقتصادية" لكي يتمكن من تطبيق وصفات الإصلاح الملائمة، وهي خطوة، لن تحقق النجاح من دون وجود قطاع خاص قوي، بدلاً من الاعتماد على الدولة التي تتصرف كأنها المحرك الوحيد للاقتصاد، ما يعني أن البلد صار أمام "لحظة مفصلية". 

وقال "مركز الروابط" الذي يتخذ من الأردن مقرا له، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، إن الاقتصاد العراقي يعاني منذ سنوات طويلة من مفارقة واضحة تتمثل في امتلاكه موارد مالية كبيرة، مقابل ضعف قدرته على تحويل هذه الموارد إلى تنمية حقيقية ومستدامة.

وأوضح المركز في تقريره، أن حالة الاستقرار المالي النسبي التي يشهدها العراق اليوم، لا تعني بالضرورة سلامة البنية الاقتصادية، بل تخفي وراءها اختلالات هيكلية متراكمة نتجت عن الاعتماد المفرط على النفط، وتضخم دور الدولة، وضعف المؤسسات الاقتصادية والإدارية"، مضيفا أن "أي حديث جاد عن إصلاح الاقتصاد العراقي يجب أن ينطلق من تشخيص واقعي لهذه الاختلالات قبل الانتقال إلى وصفات الإصلاح". 

وبحسب التقرير فإن الحكومات المتعاقبة نجحت في إدارة الاستقرار قصير الأجل عبر التوسع في الإنفاق العام، مستفيدة من عوائد النفط وارتفاع الاحتياطيات النقدية، إلا أن هذا النهج خلق اقتصاداً هشاً يعتمد على الصدمة النفطية أكثر مما يعتمد على الإنتاج.

وتابع قائلا، إن الموازنات العامة تضخمت بشكل كبير منذ العام 2004، ليس نتيجة نمو القاعدة الإنتاجية، بل بسبب توسع النفقات التشغيلية، خصوصاً الرواتب والدعم، ما جعل الدولة أكبر رب عمل ومصدر دخل في البلاد"، وهو ما فرض عبئاً دائماً على المالية العامة، وحدّ من قدرة الحكومة على توجيه الموارد نحو الاستثمار والتنمية طويلة الأجل.

ورأى التقرير أن الاقتصاد لا يمكن أن يتحول إلى اقتصاد منتج طالما بقي التوظيف الحكومي بديلاً عن فرص العمل الحقيقية في القطاع الخاص، مضيفا ان إصلاح سلم الرواتب وربط الأجور بالإنتاجية، إلى جانب إعادة تعريف دور الدولة من مشغل مباشر إلى منظم وداعم، يمثل خطوة أساسية في مسار الإصلاح.

واعتبر التقرير أن نظام الدعم الاجتماعي يمثل صورة أخرى من صور الخلل البنيوي، موضحاً أن شمولية الدعم، رغم أهميتها الاجتماعية، أدت إلى هدر كبير في الموارد وقللت من فاعلية الحماية الاجتماعية.

وأضاف أن الإصلاح لا يعني تقليص الدعم بقدر ما يعني إعادة توجيهه نحو الفئات الأكثر حاجة، وربطه بسياسات تمكين اقتصادي حقيقية، تفتح المجال أمام العمل والإنتاج بدلاً من الاعتماد الدائم على الإعانات.

وذكر التقرير أن قطاع الطاقة يمثل أحد أبرز التحديات الهيكلية التي تستنزف المالية العامة وتعيق النمو، مشيراً إلى أن الإنفاق الضخم على الكهرباء لم ينجح في توفير خدمة مستقرة، بسبب اختلالات في الإدارة والحوكمة والجباية. 

ولفت إلى أن استمرار حرق الغاز المصاحب يمثل مثالاً صارخاً على سوء إدارة الموارد، إذ يخسر العراق مليارات الدولارات سنوياً كان يمكن أن تتحول إلى مصدر للطاقة والدخل وفرص العمل، ولهذا، رأى التقرير أن الإصلاح الحقيقي في هذا القطاع يتطلب إعادة هيكلة شاملة، لا حلولاً جزئية أو مؤقتة.

وتابع التقرير، أن العراق يمتلك نقاط قوة مهمة، أبرزها الاستقرار النقدي وارتفاع الاحتياطيات الأجنبية وانخفاض التضخم، إلا أن هذه المؤشرات ستظل محدودة الأثر ما لم تُترجم إلى نمو حقيقي في الاقتصاد الواقعي، وهو ما يتطلب إصلاحاً جذرياً للقطاع المصرفي، ليكون قادراً على تمويل الاستثمار والإنتاج، وليس مجرد وسيط لتداول السيولة.

وأكمل التقرير بالقول إنه لا يمكن لأي إصلاح اقتصادي في العراق أن ينجح من دون قطاع خاص قوي وفاعل، موضحا أن الدولة لم تعد قادرة على الاستمرار بوصفها المحرك الوحيد للاقتصاد. 

وأضاف أن "المطلوب هو بيئة أعمال مستقرة، تحمي المستثمر، تقلل البيروقراطية، وتوفر قواعد واضحة وعادلة للمنافسة، حيث ان القطاع الخاص الكفوء ليس بديلاً عن الدولة، بل شريكاً أساسياً في تحقيق التنمية".

وخلص تقرير "مركز الروابط" الى القول، إن الاقتصاد العراقي يقف اليوم عند لحظة مفصلية، فإما أن يُستثمر الاستقرار المالي الحالي لإطلاق إصلاحات هيكلية حقيقية تعيد بناء الاقتصاد على أسس الإنتاج والتنوع، أو أن يستمر الاعتماد على النفط والإنفاق العام، مع ما يحمله ذلك من مخاطر مستقبلية"، وختم قائلا إن "الإصلاح ليس خياراً سياسياً فحسب، بل ضرورة اقتصادية لضمان الاستقرار والتنمية للأجيال القادمة".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon