مؤسسة أميركية: إنضاج الديمقراطية العراقية أهم من التركيز على الدور الإيراني بالانتخابات
شفق
نيوز- ترجمة خاصة
رأى
معهد "مؤسسة القرن" الأميركي أن النتيجة الأكثر أهمية للانتخابات النيابية
التي ستجري يوم الثلاثاء المقبل، تتعلق بما إذا كانت الديمقراطية العراقية يمكن أن
تتطور وتتغير من التركيز على النخب، إلى إقامة حكم قادر على المحاسبة والاستجابة،
ولهذا فأنه يتحتم على صناع السياسة الأميركية الاهتمام بـ"نضوج الديمقراطية
العراقية"، أكثر من اهتمامهم بما إذا كان العراقيون سيختارون ممثلين لهم من
المؤيدين لإيران أم لا.
وتحت
عنوان "اللامبالاة والتشكك يخيمان على الانتخابات العراقية"، قال المعهد
الامريكي في تقريره الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إن "من المستحيل تجاهل تجربة
المشي في حي الكرادة في بغداد فيما تحدق بك مئات الوجوه من ملصقات الحملات
الانتخابية، بينما يزور المرشحون المقاهي ويتخلى الوزراء عن حاشيتهم الكبيرة
للاختلاط مع الناس العاديين لمغازلتهم من اجل الحصول على أصواتهم".
وأشار
إلى عشرات البرامج الحوارية ونشاطات الحملات الانتخابية ووعود المكافآت والسلع
التي يتم توزيعها في مكان ما، بينما ارتفع سعر التصويت إلى 400 دولار، وهي الاموال
التي يتقاضاها الناخب من مسؤولي الحزب الذين يشترون بطاقات التصويت البيومترية
ويصوتون نيابة عنه.
واعتبر
التقرير أن معظم الناخبين ما يزالون يشعرون بالتهميش، مشيراً إلى أن كثيرين يقولون
إنهم لن يصوتوا، باستثناء الأشخاص الذين يستفيدون بشكل مباشر من النظام السياسي،
من ضباط الشرطة وموظفي الخدمة المدنية والأنصار الحزبيين.
وبعدما
لفت التقرير إلى أن الاهتمام الدولي بالانتخابات يركز في غالب الأحيان، على
تداعياتها على النظام المتغير في الشرق الأوسط، أوضح أن صناع السياسة الأميركية
يفكرون في نتائج الانتخابات فقط من منظور مهمتهم الجيوسياسية لتهميش إيران، وتعزيز
دور الحكومة العراقية في مناهضة إيران.
إلا
أن التقرير رأى أنه من الخطأ النظر إلى الانتخابات على أنها استفتاء على الأحزاب
الشيعية أو الجماعات الموالية لإيران، موضحاً أن المواطنين العراقيين العاديين أل
اهتماماً بالمناورات الجيوسياسية أو تراجع نفوذ إيران الإقليمي، وهم قلقون أكثر
فيما يتعلق بتأمين فرص العمل وضمان حصول عائلاتهم على الخدمات الأساسية.
واعتبر
التقرير أنه عوضاً عن القلق إزاء ما إذا كان العراقيون سيختارون ممثلين لهم من
المؤيدين لإيران، فأنه يتحتم على صناع السياسات الأميركيين الاهتمام "بالنضج
الديمقراطي للعراق"، موضحاً أن العراق بلد مهم جيوسياسياً، إلا أن تنميته، أكثر
من إيديولوجية حكومته، هي المفتاح الحقيقي لجعل تأثيره أكثر إيجابية في منطقة
مضطربة.
ولفت
التقرير إلى استمرار استياء العديد من المواطنين من النخبة السياسية بسبب الخدمات
العامة الرديئة برغم الثروة النفطية الكبيرة، بما في ذلك الكهرباء، وأزمة المياه.
وتحدث
التقرير عن أن السياق الذي تجري فيه الانتخابات في ظل اللامبالاة والحرمان من
الحقوق وخيبة الأمل المنتشرة عبر الفئات الديموغرافية، بما في ذلك الشباب الأقل إقبالاً
على التصويت وهم لديهم شكوك عميقة تجاه السياسة الانتخابية، وينظرون إليها على أنها
بمثابة "إعادة تدوير لمقاعد السلطة" بدلاً من إحداث تغيير حقيقي.
وتابع
التقرير أن تراجع نسبة إقبال الناخبين بشكل مطرد منذ العام 2005، تعكس لامبالاة
الناخبين، وهو ما ساهم في أزمة الشرعية الديمقراطية في العراق.
وأضاف
أن هناك اعتقاد بأن النخبة السياسية تريد بالفعل هذه اللامبالاة المنتشرة، لأنها
تسمح لهم بالتركيز على تحفيز مؤيديهم، وفي الوقت نفسه إحباط الجمهور غير الملتزم
عن التصويت، موضحاً أن انخفاض الإقبال يصب في صالح الأحزاب السياسية الراسخة التي
لديها قواعد قابلة للتعبئة.
واعتبر
التقرير أن الرأي العام العراقي يشعر بشكوك عميقة حول قدرة الانتخابات على إدخال
تغيير جدي، مبيناً أنهم ينظرون إلى الانتخابات كمنتديات للنخب للعمل على ترتيبات
لتقاسم السلطة، وهم ما يعكس خيبة الأمل من استمرار نظام المحاصصة.
وتابع
التقرير قائلاً إن النتيجة الأكثر أهمية للانتخابات لا تتعلق بالأحزاب التي ستفوز
بالمقاعد، وإنما ما إذا كانت الديمقراطية العراقية يمكن أن تتطور إلى ما هو أبعد
من نموذجها الحالي الذي يركز على النخبة ويتجه نحو حكم أكثر محاسبة واستجابة.
وفي
حين قال التقرير إن التجربة الديمقراطية في العراق متواصلة، إلا أنه لفت إلى أنه
يجب معالجة الانفصال الأساسي بين النخب السياسية وتطلعات المواطنين من أجل الحكم
الخاضع للمحاسبة وتحسين سبل عيشه، وأنه من أجل أن تصبح الديمقراطية حقيقية، يتحتم
على الحكومة العراقية الجديدة، أن تلبي الاحتياجات الأساسية التي تحدد الحياة
اليومية للمواطنين.
ولهذا،
رأى التقرير أن التحدي الذي يواجه السياسيين العراقيين لا يتعلق فقط بالفوز بالأصوات،
وإنما اكتساب الشرعية من خلال الوفاء بالوعود الأساسية للمواطنين وازدهارهم.
وختمت
"مؤسسة القرن" بالقول إن انتخابات العراق ستحدد ما إذا كان بإمكان البلد
البناء على استقراره الأخير لمواجهة تحديات "الحكم الأعمق"، معربة عن الأسف
لأن التوقع المحزن بالنسبة لغالبية العراقيين هو أن هذه الانتخابات ستكون إعادة
توزيع للسلطة بين النخب الراسخة، وهو واقع دفع العديد من العراقيين إلى استنتاج أن
التغيير الهادف لا يمكن أن يأتي من صندوق الاقتراع وحده.