لجعل العراق جاذبا للاستثمار ومشابهاً للسعودية.. شراكات بالطاقة والأمن مع أمريكا
شفق نيوز - بغداد/ ترجمة خاصة
ربط "معهد واشنطن" الأمريكي بين نجاح تطلعات العراق في مجال الطاقة واستقلاليته، وبين تعزيز وإعادة هيكلة العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة، محذراً من أن العراق، برغم أنه أصبح أكثر استقراراً مما كان عليه منذ عقود، إلا أنه لا يزال يواجه تحديات بما في ذلك خطر توسع العداء بين إيران وإسرائيل.
وقال المعهد الأمريكي في تقرير له، ترجمته وكالة شفق نيوز، إن العراق لا يزال يواجه تحديات أمنية واقتصادية هائلة بما في ذلك العداء بين إيران وإسرائيل والاعتماد على الغاز الإيراني غير الموثوق به في ظل الفرص المحلية التي لم يتم استغلالها، ونظام الحكم الجديد في سوريا، والتهديد المتواصل من جانب تنظيم داعش.
وفي حين لفت التقرير إلى أنه بينما تسعى بغداد إلى فك ارتباطها بمهمة التحالف الدولي ضد داعش وإعادة هيكلة علاقتها مع الولايات المتحدة، اعتبر أن الشراكة مع الولايات المتحدة في ميادين الطاقة والأمن لن تعزز الأهداف العراقية فقط، وإنما ستَخدمُ أيضاً أهداف سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وستواجه النفوذ الإيراني والصيني في العراق، وتؤمن فرصا اقتصادية إضافية، وتساهم في تسهيل جهود تحقيق استقرار أوسع في الشرق الأوسط.
وأوضح التقرير أن تعزيز التعاون في مجال الطاقة بين الولايات المتحدة والعراق، لا يتطلب بيئة استثمارية ايجابية فقط، وإنما أيضاً الأمن المستدام، ولهذا فانه يتحتم على العراق إذا أراد جذب المستثمرين، أن يبرهن على استقراره من خلال تسوية المشاكل المزمنة المتمثلة في التدخلات الخارجية والصراعات الداخلية، وهو ما يعنيه بالنسبة الى رؤية واشنطن ان على بغداد الاستمرار في التركيز على مواجهة داعش، وثانيا على الحد من خطر الميليشيات المدعومة من إيران والذي قد يتسع نطاقه في حال استؤنفت المواجهات بين إيران وإسرائيل.
التوصيات في الطاقة والأمن
وقال التقرير الأمريكي أن الضربات الإسرائيلية على إنتاج الغاز المحلي في إيران يعزز من ضرورة قيام العراق بتوسيع تعاونه في مجال الطاقة مع الولايات المتحدة واستكشاف الفرص الاقتصادية التي لم يتم استغلالها في قطاع الغاز.
ودعا التقرير إلى التركيز على الجهود الثنائية من أجل الحد من حرق الغاز وتطوير حقول الغاز، مثلما هو الحال في حقل عكاز، وهو اكبر حقل غاز غير مصاحب في العراق حيث تشير التقارير إلى أن شركة خدمات النفط الأمريكية "SLB" تشارك فيه في الوقت الحالي.
واقترح التقرير أن تتعلم بغداد من نجاحات المملكة السعودية في معالجة حرق الغاز والذي ساهم في دفع عجلة التصنيع في السعودية، وهو نظام بدأ تشغيله منذ الثمانينيات ويستخدم تقنيات من شركات رائدة مقرها الولايات المتحدة، الى جانب دول أخرى.
ولفت التقرير إلى أن الغاز المصاحب للنفط العراقي غني بالميثان، وهو سائل غاز يمكن استخدامه لإنتاج الإيثيلين الذي يعتبر مادة أساسية لأي صناعة بتروكيماوية في المستقبل، وهو مجال بإمكان بغداد استكشافه بجدية مع الشركات الأمريكية.
كما اقترح التقرير أن يشمل التعاون العراقي مع القطاع الخاص الأمريكي على المدى القريب، استئجار وحدات تخزين واعادة تحويل عائمة في البحر لاستيراد الغاز الطبيعي، حيث يسارع العراق لاقامة البنية التحتية اللازمة له في الجنوب، مشيرا الى ان الولايات المتحدة تعتبر رائدة عالميا في مجال الغاز الطبيعي.
وتابع التقرير ان الزيارة الأخيرة لوفد تجاري أمريكي إلى بغداد أظهرت امكانية توسيع التعاون الثنائي في ميدان الطاقة، إلا أنه من أجل انجاح هذا التعاون، فإن أمن العراق واستقراره يعتبر امرا بالغ الاهمية في إطار ذلك، خصوصا في ظل المخاطر الجيوسياسية التي يمثلها الصراع الايراني الإسرائيلي.
ولهذا، فانه على الصعيد الأمني، يتحتم على واشنطن وبغداد مواصلة مواجهة التهديد المتعدد الذي يمثله داعش، ومواجهة تهديدات الميليشيات المدعومة من إيران، وضمان عدم قدرة أي جهة حكومية أو غير حكومية، على زعزعة استقرار الوضع الأمني داخليا.
وبالإضافة إلى ذلك، دعا التقرير المسؤولين الأمريكيين والعراقيين إلى مواصلة تخطيط وتنفيذ عملية الانتقال إلى مرحلة ما بعد التحالف بما في ذلك من خلال توقيع اتفاقية وضع القوات أو أي تفاهمات ثنائية اخرى لرسم الوضع القانوني لاستمرارية القوات الأمريكية في العراق.
واعتبر التقرير الأمريكي أن اتفاقا كهذا، بإمكانه أن يمكن واشنطن من مواصلة دعم العراق في حربه ضد داعش، وهو ايضا سيظهر لإيران وحلفائها من الفصائل أن بغداد تعطي الأولوية لعلاقتها بواشنطن، إلى جانب أنه سيظهر للمستثمرين في القطاع الخاص، أن الحكومتين تمنحان الأولوية لأمن العراق، بما يجعل هذا البلد جاذبا للاستثمار".
وختم التقرير بالقول إنه في الوقت الذي تسعى بغداد الى إعادة تعريف علاقتها مع واشنطن، فإن التأكيد على التعاون في مجالات الطاقة والأمن، بإمكانه أن يخدم بشكل مباشر اهداف الولايات المتحدة في مواجهة النفوذ الإيراني والصيني، وتوفير فرص اقتصادية جديدة، وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط الواسع، وتقليص المساحات غير الخاضعة للحكم والتي تستغلها جهات معادية.