ضريبة "التوازنات".. علاقات بغداد - واشنطن توشك الانهيار

ضريبة "التوازنات".. علاقات بغداد - واشنطن توشك الانهيار
2025-07-01T12:46:00+00:00

شفق نيوز - واشنطن/ ترجمة خاصة

يصعب تصور مسار العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق في المرحلة المقبلة، ما عدا خيارين لا ثالث لهما وهو إما الإنهاء أو الإبقاء على الوضع الراهن الذي لا يخدم مصالح أي من الطرفين.

ووفقاً لتقرير صادر عن معهد المجلس الأطلسي الأمريكي، وترجمته وكالة شفق نيوز، فتتعرض العلاقات لضغوط مستمرة من طهران، بهدف تقويضها، خاصة بعد اندلاع الحرب "الإسرائيلية – الإيرانية"، وانخراط واشنطن فيها لصالح إسرائيل.

عراق ما بعد التصعيد

وأشار التقرير، إلى أن "العلاقات الأمريكية - العراقية كانت تعاني من التوتر حتى قبل تفجّر الصراع الأخير بين إسرائيل وإيران، وأن المعارضة الشعبية للوجود العسكري الأمريكي دفعت بغداد وواشنطن إلى الاتفاق على تقليص دور القوات الأمريكية في محاربة تنظيم داعش، والانتقال نحو نموذج جديد من التعاون الأمني".

لكن، وبحسب التقرير، فإن "الميليشيات" المدعومة من إيران شنت هجمات متكررة على القوات الأمريكية كرد فعل على دعم واشنطن للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، كما استهدفت شركات أمريكية أو مرتبطة بالولايات المتحدة، ما أدى إلى تقلّص الاهتمام الضعيف أصلاً بتوسيع العلاقات الاقتصادية.

ووفق تقرير المعهد الأمريكي، ففي ظل هذا الواقع ومع تضاؤل التعاون الأمني، وغياب فرص التوسع في مجالات أخرى، فإن خيارات العلاقة باتت محصورة بين استمرار الوضع الحالي غير المُجدي أو الانفصال الكامل والذي لا يخدم مصالح أي الطرفين بشكل كامل".

إلا أن التقرير، أوضح أن "المظاهر قد تكون خادعة، حيث سُجّل في الفترة الماضية تقدم ملحوظ على الصعيدين الأمني والاقتصادي، خصوصاً بعد زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إلى واشنطن في نيسان/أبريل 2024، رغم تصاعد الحرب في غزة حينها".

وفي ضوء ذلك، أشار التقرير، إلى أن "العلاقات بين واشنطن وبغداد تقف الآن على مفترق طرق"، مبيناً أن "بغداد قد تنحاز لطهران وتطلب مغادرة ما تبقى من المستشارين الأمريكيين، بما يؤدي إلى تقليص أو حتى إنهاء العلاقات مع الولايات المتحدة".

فرصة مشروطة

وبحسب التقرير، فإن هناك فرصة يمكن أن تستغلها واشنطن لدعم جهود بغداد في تقليل اعتمادها على إيران في مجالي الاقتصاد والطاقة، وبناء قدرة العراق على مقاومة محاولات طهران المستمرة لتعطيل استقلاله وسيادته.

ولقد كان على كل من الولايات المتحدة والعراق، دائما، والحديث لنفس التقرير، موازنة علاقاتهما مع بعضهما ومع إيران في آن واحد، مشيراً إلى أن واشنطن سعت لبناء علاقة أقوى مع بغداد مع الحفاظ على سياسة الردع تجاه طهران، في حين كان على العراق التوفيق بين شريكين متنازعين، بطريقة تتيح له التعامل مع كل طرف دون تعريض نفسه لضغوط الآخر.

ونبه التقرير، إلى أن إيران لم تكتفِ بلعب دور غير مباشر، بل استخدمت وكلاءها العراقيين للضغط على الحكومة العراقية، وتقليص مساحة التعاون مع الولايات المتحدة، في محاولة لإخراج القوات الأمريكية، ما أعاق تعافي العراق وأبطأ المصالحة السياسية والنمو الاقتصادي.

وأضاف أن "المعضلة الثلاثية، المتمثلة في التوازن بين واشنطن، بغداد، وطهران، خلقت مشكلات مزمنة، فالهجمات على القوات الأمريكية تضع واشنطن أمام خيارين كلاهما مكلف إما الرد وبالتالي تأجيج المعارضة الشعبية، أو عدم الرد، ما يشجع على المزيد من الاستهداف، وفي كلا الحالتين، تُجبر الحكومة العراقية على اتخاذ قرارات صعبة بين دعم واشنطن أو إرضاء الداخل".

ومع ذلك، رأى التقرير أن "إيران تجد نفسها اليوم في موقف صعب نتيجة عوامل عدة، العجز عن حماية مجالها الجوي، الخسائر بين قياداتها العسكرية والعلمية، وتصاعد الغضب الشعبي الداخلي، وهو ما يدفعها لمزيد من الضغط على بغداد بهدف إنهاء تعاونها مع واشنطن".

السيادة والمصالح

وحذر التقرير، من أن استمرار الضغط الإيراني قد يدفع العراق إلى رد عسكري على الانتهاكات الإسرائيلية لمجاله الجوي، الأمر الذي يمكن أن يستخدمه وكلاء إيران ذريعة لضرب أهداف إسرائيلية وأمريكية، هذه المرة تحت شعار "الدفاع عن السيادة العراقية"، وهو شعار قد يحظى بدعم سياسي أكبر من مجرد "الدفاع عن إيران".

لكن مثل هذا السيناريو قد يدفع بالعلاقات إلى نقطة الانهيار، حيث سيكون أمام واشنطن خيار وحيد وهو تعليق معظم برامج التعاون الأمني مع العراق، وفقاً لما تحدث به التقرير.

في المقابل، يعتقد التقرير، أنه "من غير المرجح أن يختار العراق الاصطفاف الكامل مع إيران، خاصة وأن الميليشيات، رغم خطاباتها، لديها الكثير لتخسره في حال تصاعد الصراع مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، فخسائرهم لن تكون فقط مادية أو بشرية، بل ستمتد لتعطيل شبكة تهريب النفط التي تمثّل مصدر نفوذ وتمويل رئيسي، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن إيران ووكلاءها يحققون ما يفوق مليار دولار سنوياً من هذه العمليات".

وخلص التقرير، إلى أن أفضل ما يمكن للولايات المتحدة أن تأمل به هو ما عرضه السوداني خلال زيارته لواشنطن وهو استمرار العلاقة الأمنية وتوسيع التعاون في مجال الطاقة،  فمستقبل العلاقات بين العراق والولايات المتحدة، كما يراه التقرير، ليس قاتماً كما يبدو، لكنه أيضاً ليس واعداً كما يُؤمل.

وتابع التقرير، حديثه قائلاً: "ففي ظل ديناميكيات إقليمية سريعة التقلب، تظل العلاقة هشّة غير مؤكدة، شديدة الحساسية لأي تطور، لكن، وبينما ترفض بغداد التحالف العلني مع واشنطن على حساب طهران، فإنها في الوقت نفسه تُظهر قدراً من ضبط النفس تجاه الضغوط الإيرانية واستفزازات الميليشيات، ما يدل على حرصها المستمر على الإبقاء على العلاقة مع واشنطن.

وختم التقرير، حديثه بالقول إن "النفوذ الأمريكي في العراق لن يعتمد مستقبلاً على القوة الصلبة، بل على قدرة واشنطن في دعم سيادة العراق، ومرونته الاقتصادية، ويدعو إلى تبني مقاربة تقوم على (الانتهازية البنّاءة)، تقوم على تواصل كافٍ يسمح برصد الفرص وتوسيع مجالات التعاون بسرعة وفعالية".

 

ترجمة وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon