رؤية أميركية للعراق بعد الانتخابات: مرحلة معقدة والديمقراطي الكوردستاني أصبح أقوى "اتحادياً"

رؤية أميركية للعراق بعد الانتخابات: مرحلة معقدة والديمقراطي الكوردستاني أصبح أقوى "اتحادياً"
2025-11-15T14:36:32+00:00

شفق نيوز- ترجمة خاصة 

تتفاوت حسابات الخبراء في قراءة نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة، خصوصا في طبيعة الفرص المتاحة أمام رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني في تحقيق ولاية ثانية، أو فيما يتعلق بحجم وقدرة النفوذ الذي يمكن للولايات المتحدة أن تمارسه في تشكيل الحكومة الجديدة الذي قد يؤدي إلى إطالة المفاوضات، كما يرى معهد "المجلس الأطلسي" الأميركي، الذي أشار إلى أن فوز الحزب الديمقراطي الكوردستاني لم يقتصر على الاقليم، وانما توسع على المستوى الاتحادي. 

وذكر المعهد الأميركي، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن 5 خبراء من المعهد تناولوا ما تعنيه الانتخابات لمستقبل السياسة العراقية، بعد انتهاء التصويت وما تعنيه حاجة كتلة السوداني برغم فوزها بأكبر عدد من المقاعد، إلى دعم الأحزاب الأخرى من أجل تشكيل الحكومة في ظل ضغوط إدارة دونالد ترمب، لكبح الميليشيات المدعومة من إيران، بالإضافة إلى تساؤلات حول طبيعة دور زعيم التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقا) مقتدى الصدر في المرحلة المقبلة. 

ونقل التقرير عن الباحثة فيكتوريا تايلور قولها إن قائمة السوداني لم تحقق النصر الساحق الذي قد يحتاجه لضمان ولاية ثانية، مذكرة بأنه شن حملة علاقات عامة قبل الانتخابات، من خلال الصحافة الغربية، وخصوصا من خلال "نيويورك بوست" و"بلومبرج" و"نيوزويك" وذلك بهدف تأمين الدعم الأميركي والدولي لتولي ولاية ثانية، مستعرضا أجندته المتمثلة بـ"العراق اولا". 

ومع ذلك، قالت تايلور مثلما نقل التقرير، إنه من المرجح أن تكون أيام الانخراط الأميركي الحاسم في عملية تشكيل الحكومة، قد انتهت، مضيفة أنه من أجل أن يؤمّن السوداني ولاية ثانية، سيتحتم عليه القيام بذلك من خلال الطريقة القديمة، أي عبر بناء تحالف. 

ولفت إلى أنه برغم شعبية السوداني، إلا أنه ليس لديه تحالفات جاهزة بين الأحزاب والتحالفات الشيعية الرئيسية الأخرى، موضحة أن أكبر كتلتين شيعيتين بعد السوداني، هما ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي وكتلة صادقون المرتبطة بعصائب أهل الحق التي تصنفها واشنطن كـ"منظمة إرهابية"، مبينا أن الكتلتين تعارضان منح السوداني ولاية ثانية.

ونقل التقرير عن الباحث عمر النداوي اشارته إلى أن الإقبال على التصويت جاء مخالفا للتكهنات السابقة، حيث كان بمثابة قفزة ملحوظة مقارنة بانتخابات 2021، إلا أنه لفت إلى أن هذه الزيادة تتجاهل حقيقة أن هناك 700 ألف ناخب مسجل أقل مما كان عليه في العام 2021، على الرغم من أن ما يقرب من أربعة ملايين عراقي وصلوا إلى سن التصويت منذ ذلك الحين. 

وبحسب النداوي، فقد كان هناك "تطور مذهل" يتمثل في التباين الجغرافي فيما يتعلق بالإقبال، فبينما أن المشاركة في العام 2021 كانت منخفضة بشكل موحد في كل المحافظات، فإن انتخابات الثلاثاء أظهرت وجود أنماطاً جديدة حيث كان الإقبال أعلى بكثير في المناطق ذات الأغلبية الكوردية والسنية مما كانت عليه في المناطق ذات الأغلبية الشيعية. 

وتابع قائلاً إن هذا الانقسام واضح أيضاً داخل بغداد، بين الضفة الغربية لنهر دجلة والتي تقطنها أكثرية سنية، وبين الضفة الشرقية التي تقطنها أغلبية شيعية. 

وتساءل النداوي، بحسب "المجلس الأطلسي"، عما إذا كان الغياب الكبير للمقترحات السياسية الحقيقية في البرامج الحزبية، يعني أن التحولات التي حدثت كانت مدفوعة بشكل أساسي بتعبئة أكثر فعالية من خلال العلاقات العشائرية وشبكات الرعاية؟ أم أن الناخبين كانوا مدفوعين أساسا بإحساس أكثر صدقا بالاستقرار والأمل المتجدد؟. 

كما نقل "المجلس الأطلسي" عن الباحث صفوان الأمين قوله إنه بغض النظر عن كيفية احتساب نسبة المشاركة في الانتخابات، إلا أنها لا تزال أعلى مما توقعه كثيرون، بالنظر إلى أن وجود حملة مقاطعة قوية بقيادة الصدر وكذلك حركات سياسية أصغر أخرى. 

وتابع الأمين قوله إن النتائج الأولية تظهر أن الأحزاب القائمة حافظت على معظم مقاعدها، مع كون ائتلاف السوداني هو الوافد الكبير الجديد، مضيفا أن الأحزاب الليبرالية الأصغر قد فقدت زخمها. وأوضح قائلاً إن هذه النتائج سببها بالغالب النظام الانتخابي الذي عادت إليه الأحزاب الرئيسية عندما عدلت قانون الانتخابات في العام 2023. 

الحزب الديمقراطي الكوردستاني

وبحسب الباحث يريفان سعيد، فان الحزب الديمقراطي الكوردستاني لا يزال هو الحزب المهيمن في إقليم كوردستان الذي حصل على أكثر من مليون صوت و27 مقعدا، بينما حصل الاتحاد الوطني الكردستاني على ما يقرب من نصف عدد الأصوات، لكنه قد يزيد مقاعده من 17 إلى 18. 

وتابع سعيد فإنه بالمقارنة مع انتخابات إقليم كوردستان في العام الماضي، تراجعت أصوات الاتحاد الوطني الكوردستاني في مناطق الإقليم، في حين زادت أصوات الحزب الديمقراطي الكوردستاني. 

أما فيما يتعلق بالأراضي خارج الإقليم، فإن سعيد يرى أن الاتحاد الوطني الكوردستاني فاز بـ4 مقاعد في كركوك بينما برز الحزب الديمقراطي الكوردستاني كحزب رائد في الأصوات والمقاعد في محافظة نينوى. 

وبحسب قراءة سعيد، فإن هذا سيشكل تحديا لنفوذ الاتحاد الوطني الكوردستاني في المناطق الواقعة خارج أراضي الإقليم. 

ويتابع سعيد مشيراً أيضا إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، فقد فاز 5 مرشحين من حصص الأقلية بدعم من الحزب الديمقراطي الكوردستاني في كل أنحاء العراق بمقاعد، وهو ما من شأنه أن يعزز نفوذ الحزب على المستوى الاتحادي.

واعتبر سعيد أن الخريطة الانتخابية الأوسع نطاقا في إقليم كوردستان، ظلت على ما هي بدرجة كبيرة، مشيرا إلى أن معظم التغييرات حدثت في توزيع المقاعد بين الأحزاب الأصغر التي تعتبر معارضة للمؤسسة داخل مناطق النفوذ التقليدية للاتحاد الوطني الكوردستاني. 

وذكر التقرير بأن الاتحاد الوطني الكردستاني كان يسعى إلى استعادة الناخبين والمقاعد في هذه المعاقل، التي خسر منها تدريجيا على مدى السنوات الـ15 الماضية لصالح الأحزاب ناشئة. لكن التقرير لفت الى استمرار النمط المتمثل في أن الناخبين في المناطق التي يهيمن عليها الاتحاد الوطني الكردستاني، لا يزالون أكثر ميلا من غيرهم، لخوض تجربة التصويت لقوى سياسية جديدة والتحول إليها.

ونقل التقرير عن سعيد قوله إنه "من المرجح أن تشجع هذه النتائج الحزب الديمقراطي الكوردستاني على التمسك بشروطه لتشكيل الحكومة الجديدة في الإقليم، وهو بدوره يمكن أن يؤثر على تشكيل الحكومة في بغداد، بالنظر إلى أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني هو الآن من بين الكتل الثلاث الأولى من حيث المقاعد على المستوى الاتحادي والذي يمكن أن يكون له تأثير أيضا على موقع الرئاسة العراقية، وهو المنصب الذي يشغله تقليديا الاتحاد الوطني الكوردستاني بعد العام 2003. 

ويقول سعيد، كما نقل التقرير عنه، إن المفاوضات حول الحكومة الاتحادية الجديدة في بغداد، يمكن أن تجعل الكعكة أكبر بالنسبة للحزب الديمقراطي الكوردستاني وأيضا للاتحاد الوطني الكوردستاني، مما قد يمكنهمها من التوصل إلى تسويات فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية والمناصب الوزارية التي قد تسهل تشكيل حكومة في حكومة الإقليم.

واعتبر سعيد، أن السؤال الرئيسي يتعلق بما إذا كان الاتحاد الوطني الكوردستاني سيقبل بتشكيل حكومة في أربيل تعكس أصواته ومقاعده الفعلية، أم أنه سيستمر في التمسك بترتيب تقاسم السلطة وفق معادلة 50-50 %. 

الأحزاب التقليدية 

أما الباحثة رند رحيم، فقد قالت في قراءتها أن الانتخابات لم تفرز فائزا واضحا حيث ان المقاعد الـ45 التي يعتقد أن قائمة السوداني حصلت عليها، لم تشكل الاكتساح الذي كان مؤيدوه ياْملون فيه. ولفتت إلى المكاسب التي حققها الحزب الديمقراطي الكوردستاني وتحالف تقدم بزعامة محمد الحلبوسي، بالإضافة إلى تحالف صادقون، الذراع السياسية لعصاب اهل الحق. 

وبحسب رحيم، فإن أكبر الخاسرين هم من أحزاب أصغر ومستقلين ومرشحين ليبراليين، وعلمانيين، لم تكن لديهم فرصة بموجب تغييرات قانون العام 2023، وأمام الأموال الضخمة التي أنفقتها الأحزاب والمرشحون الكبار. 

وباعتقاد رحيم، فإن الخاسر الآخر هو مقتدى الصدر، الذي من الواضح أن دعوته إلى المقاطعة لم تتم الاستجابة لها، وقد تم تهميشه بسبب الانتخابات ويحتاج إلى العثور على أهمية جديدة لنفسه. 

ونقل التقرير عن رحيم قولها إنه برغم "الدعوات الشعبية للتغيير، فإن الانتخابات لم تجلب أي دماء جديدة، إلا أنها عززت قبضة الأحزاب التقليدية". 

واعتبرت رحيم أنه من غير المؤكد أن السوداني سيتولى ولاية ثانية كرئيس للوزراء، مشيرة إلى أن المفاوضات لتشكيل أكبر كتلة برلمانية، ستكون مثيرة للجدل. 

ولفتت إلى أن استبعاد فكرة التحالف الكبير لكتلة السوداني مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني وتقدم، والتي ستكون شبيهة بما حاول مقتدى الصدر القيام به في العام 2021، مرجحة بدلاً من ذلك أن يعلن الإطار التنسيقي الشيعي نفسه كأكبر كتلة برلمانية ويطالب بالحق في ترشيح رئيس الوزراء الجديد، مذكرة بأن العديد من أعضاء الإطار التنسيقي يعارضون السوداني.  

وختمت رحيم بالإشارة إلى أن بإمكان الإطار التنسيقي أن يطرح مرشحه، إلا أن العدد الكبير من المقاعد التي فاز بها الحزب الديمقراطي الكوردستاني وتقدم سيمنحهما صوتاً مقابلاً قوياً على الترشيح.  

وخلصت إلى القول كما قال "المجلس الأطلسي"، بأن التأثير الإيراني والأميركي سيكون أيضا من بين العناصر المؤثرة في عملية الترشيح، موضحة أنه في مراحل تشكيل الحكومات العراقية السابقة، كان يتم الاتفاق ضمنيا بين واشنطن وطهران، إلا أن إدارة ترمب من خلال موقف المواجهة الذي تتخذه ضد إيران، فإن ذلك سيصعب التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، وبالتالي فإن عملية تشكيل الحكومة، ستطول.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon