"الكارون".. أطول أنهار إيران يواجه خطر الانهيار البيئي

"الكارون".. أطول أنهار إيران يواجه خطر الانهيار البيئي
2025-08-21T19:34:23+00:00

شفق نيوز – طهران

يواجه نهر الكارون، أطول أنهار إيران بطول يتجاوز 950 كيلومتراً والشريان الحيوي لمحافظة خوزستان، خطراً متزايداً بالجفاف والانهيار البيئي. 

الانخفاض الحاد في منسوب المياه، وجفاف أجزاء من مجراه، والرائحة الكريهة المنبعثة من مياهه الراكدة، كلها مؤشرات على أزمة لفتت أنظار الخبراء والناشطين البيئيين، وفق تقرير لموقع "عصر إيران" الذي ترجمته وكالة شفق نيوز.

جذور الأزمة

وأكد خبير إدارة النظم البيئية للأراضي الرطبة علي أرواحي، أن "أزمة المياه في نهر الكارون ناتجة عن مجموعة من العوامل، أبرزها بناء السدود مثل كارون 3 وكارون 4 وكتوند، ونقل المياه إلى محافظات كأصفهان ويزد، إلى جانب المحاصيل عالية الاستهلاك مثل قصب السكر والأرز في خوزستان".

وبحسب أرواحي، فإن "تغير المناخ وتراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، وإنشاء الصناعات كثيفة الاستهلاك للمياه مثل الصلب والبتروكيماويات، كلها عوامل تُفاقم الأزمة، لكن السبب الأعمق يكمن في سوء الإدارة وضعف الحوكمة، كما ان تخزين الملح في خزان سد كتوند زاد من ملوحة المياه".

وهذه المشاريع غيّرت نظام تدفق النهر بشكل خطير وخفضت منسوب المياه بشكل كبير، إذ كان معدل التدفق يتراوح بين 500 و600 متر مكعب في الثانية، لكنه انخفض في بعض الأشهر إلى أقل من 100 متر مكعب، كما أن سياسة الاكتفاء الذاتي الزراعي ونقل المياه بين الأحواض فاقمت الوضع، حيث استُخدمت كميات كبيرة من المياه للزراعة في الهضبة الوسطى بدلاً من التركيز على إدارة الطلب، يقول أرواحي.

ومن بين أبرز العوامل المؤثرة أيضاً زراعة قصب السكر في مناخ شبه جاف، حيث توسعت المساحات المزروعة لأكثر من 80 ألف هكتار. 

ورأى أرواحي أن "هذه الزراعة، رغم تبريرها اقتصادياً بخلق فرص عمل وتوفير السكر محلياً، إلا أنها غير مستدامة بيئياً ولا مبررة على المدى الطويل".

وأوضح أن "الصناعة تعتمد على دعم حكومي ضخم، وأنها ساهمت بزيادة ملوحة المياه وتلوثها بالمواد الكيميائية والمالحة، ما ألحق ضرراً فادحاً بالنهر والأراضي الرطبة".

وحذر الخبير الايراني من أن "انخفاض تدفق المياه يؤدي إلى تراجع الأكسجين المذاب وزيادة نفوق الحيوانات المائية واللافقاريات، كما تنمو الطحالب والبكتيريا اللاهوائية، فتنبعث روائح كريهة وتتغير الموائل الطبيعية"، لافتا إلى ان "سوء جودة المياه يفاقم الأمراض المعدية وأمراض الجهاز الهضمي، ويزيد من احتمالية انتشار البعوض وأمراض مثل الملاريا وحمى الضنك، كما أن المستنقعات في هور العظيم وشادكان، وهي موطن للطيور المهاجرة، مهددة بالانقراض بفعل الجفاف والتلوث".

حالات نزوح

وعلى الصعيد الاجتماعي، تسبب نقص المياه وملوحة الأراضي في دفع قرويين إلى مغادرة أراضيهم، ما يعني الهجرة القسرية وفقدان الهوية الثقافية وتزايد التهميش في مدن مثل الأهواز. 

كما أن انخفاض الإنتاج الزراعي وتراجع فرص العمل يهددان الأمن الاجتماعي والاقتصادي للمنطقة، ويزيدان من احتمالات تغيّر التركيبة السكانية.

والحل يبدأ، وفق أرواحي، بالانتقال من الإدارة القائمة على العرض إلى إدارة الطلب، عبر تأمين حقوق المياه البيئية لنهر الكارون والأراضي الرطبة الواقعة أسفله"، مقترحا "تقليل زراعة قصب السكر والأرز، واستبدالهما بمحاصيل أقل استهلاكاً للمياه مثل الشعير والحمص".

ودعا الخبير إلى "زيادة إنتاجية المياه، وإعادة تدويرها في الزراعة، وتقليل الهدر، والإفراج عن حصص بيئية أكبر من السدود، ومنع مشاريع نقل المياه الجديدة، ومعالجة مياه الصرف قبل وصولها للنهر"، مؤكدا أن "توعية المزارعين، والتعاون بين المنظمات غير الحكومية والحكومة، خطوات أساسية لضمان استدامة موارد المياه ومنع جفاف الكارون بشكل كامل".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon