"الگيُوج".. فاكهة برية بطبيعة دوائية وإرث إيلام الفيلية

"الگيُوج".. فاكهة برية بطبيعة دوائية وإرث إيلام الفيلية
2025-10-16T20:11:34+00:00

شفق نيوز- إيلام

في فصل الخريف، تستضيف الجبال وغابات محافظة إيلام الفيلية فاكهة صغيرة وحمراء تُعرف محلياً باسم "گيُوج" أو الزعرور، وهي فاكهة لا تتميز بمذاقها اللذيذ فحسب، بل تُعد أيضاً كنزاً من الفوائد الصحية والطبية، خصوصاً للقلب والجهاز الهضمي والصحة العامة، بحسب ما يؤكده المتخصصون.

الگيُوج – فاكهة جبلية في الخريف الإيلامي

وبحسب تقرير لوكالة فارس الإيرانية ترجمته وكالة شفق نيوز، فأن الگيُوج، أو "زالزالك" وهو الاسم الشائع محلياً لفاكهة الزعرور في لهجة سكان إيلام، تُعد من ثمار الجبال التي تظهر بكثرة في الخريف، لا سيّما خلال شهري مهر وآبان (ما يعادل تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر)، وتنتشر على سفوح الجبال وبين الأشجار في غابات هذه المحافظة.

وتُعد الغابات الإيلامية في موسم الخريف موطناً لمجموعة متنوعة من النباتات الجبلية، ويُعد الزعرور من أبرزها.

ووفقا للتقرير ذاته، فإن نحو 12 ألف هكتار من غابات المحافظة تحتوي على أشجار الزعرور.

ويتم قطف ثمار الگيُوج سنوياً وتعرض في الأسواق المحلية، حيث يبيعها بعض السكان كمصدر دخل موسمي.

علمياً، ينتمي الزعرور Hawthorn إلى فصيلة الورديات Rosacea وله أنواع وفصائل متعددة.

وقد أُجريت دراسات تصنيفية في شمال شرق وشرق إيران لتحديد أنواعه وفقا لخصائصه المورفولوجية والكيميائية.

وتوجد ثمرة الگيُوج في إيلام عادة بلونين: الأحمر والأصفر، ويتراوح مذاقها بين الحامض والحلو.

وتكون أشجار الگيُوج في بعض المناطق، قصيرة وتنتشر فيها الأشواك، ويُجمع الثمر تقليدياً باستخدام العصي أو الحجارة.

الخصائص الغذائية والعلاجية للگيُوج

يشير التقرير إلى أن فاكهة الگيُوج تُعد مصدراً غنياً بالمركبات الحيوية النشطة، مثل: مضادات الأكسدة والفلافونويدات والتانينات والفيتامينات، لا سيما فيتامين C، والأحماض العضوية كحمض الماليك والتارتاريك.

ويذكر أن من أبرز فوائد هذه الفاكهة الصحية، "تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية: حيث يقال إن استهلاك الگيُوج أو مستخلصه في الوقت المناسب يساعد في تحسين أداء الشرايين، والحد من تكوّن الجلطات، والوقاية من النوبات القلبية".

كما أن من فوائدها، وفقاً للتقرير ذاته، "تنظيم ضغط الدم والكوليسترول: حيث يمكن أن يساعد في خفض ضغط الدم وتحسين توازن الكوليسترول الضار LDL، والنافع HDL، فضلاً عن دعم الجهاز الهضمي، حيث ثبتت فاعلية الگيُوج في علاج مشاكل المعدة، تقليل الالتهابات، وتسهيل عملية الهضم".

ويوضح التقرير، أن للفاكهة "تأثيراً مهدئاً ومضاداً للقلق، إذ يُستخدم مشروب الگيُوج كمهدئ خفيف، وقد يكون فعالاً في الحد من الأرق، وتقلصات العضلات، والتوتر".

وتتميز الفاكهة بكونها مضادة للالتهاب والأكسدة، حيث تساعد مضادات الأكسدة الموجودة في هذه الفاكهة على محاربة الجذور الحرة وتقليل تلف الخلايا.

كما تساعد في التحكم بالوزن والتمثيل الغذائي، إذ تفيد بعض المصادر بأن الگيُوج قد تعزز الأيض وتساعد في ضبط مستويات السكر في الدم.

تحذيرات وملاحظات

وعلى الرغم من فوائده العديدة، فإن الاستهلاك المفرط للگيُوج قد يسبب آثاراً جانبية مثل: الصداع والدوار والغثيان وتداخل محتمل مع أدوية القلب أو الضغط؛ كما يُوصى بتوخي الحذر أثناء الحمل والرضاعة.

الاستخدامات المحلية والثقافية والاقتصادية

يستخدم سكان المناطق الجبلية في إيلام الگيُوج بعدة طرق، منها، الاستهلاك الطازج عن طريق تناول الثمرة الناضجة مباشرة، أو تحضير المشروبات الساخنة، من خلال تجفيف الثمرة أو أوراقها أو أزهارها واستخدامها كمنقوع أو شاي، فضلاً عن إنتاج المربى والشراب والمارملاد، للحصول على منتجات غذائية مغذية ولذيذة".

ويُستخدم الگيُوج في صناعة الخل والمخللات، حيث يدخل أحياناً كمكوّن في صنع الخل أو المخللات، وصناعة المكملات العشبية: حيث يُستخلص عصيره أو يُحول إلى مسحوق كمكمل غذائي أو علاجي (مع الحذر الطبي)".

ويعكس هذا التنوع في الاستخدام معرفة السكان المحليين العميقة بخصائص هذه الفاكهة وحرصهم على الحفاظ على طرق التحضير التقليدية.

القيمة الثقافية والتراث المحلي

للگيُوج مكانة خاصة في الثقافة الشعبية الإيلامية الفيلية، فمثلاً، توجد أمثال محلية باللغة الكوردية منها: "أنا كأشجار الزعرور البري – رغم أنني أُعطي ثمرة لذيذة، إلا أنني أُقابل بالحجارة"، ويعبّر هذا المثل عن سوء معاملة الطبيعة على الرغم من عطائها.

كما أن بعض المناطق الجبلية تُعرف باسم «مله‌ گيُج» بسبب كثافة أشجار الگيُوج فيها.

ويعتقد بعض السكان المحليين أن رؤية حجارة موضوعة على فروع أشجار الزعرور تُعد رمزاً لعدم وفاء الإنسان تجاه الطبيعة.

وعلى الرغم من أن الگيُوج يعد من التراث الطبيعي والمعيشي للسكان، إلا أنه لم يُقدَّم بعد بشكل بارز على المستويين الوطني أو العالمي.

الأبعاد الاقتصادية والتحديات

يُشكّل قطف الگيُوج مصدر دخل موسمي لبعض سكان القرى، لا سيّما في المناطق التي تصعب فيها الزراعة التقليدية.

غير أن هذا النشاط يواجه تحديات كبيرة، أبرزها: القطف الجائر والعشوائي، حيث يتم القطف غالباً بشكل يدوي غير منضبط، ما يؤدي أحياناً إلى كسر الأغصان أو إيذاء النبات، فضلاً عن قلة البحوث العلمية والتقنين، فرغم وجود دراسات على الزعرور في مناطق أخرى، إلا أن البحوث المتعلقة بفاكهة الگيُوج في إيلام – من حيث الزراعة والخصائص الحيوية – لا تزال محدودة.

كما يعاني من ضعف التسويق والترويج، فالفاكهة لا تزال غير معروفة خارج محيطها المحلي، ولا توجد منتجات صناعية كافية (كالمكملات أو المواد الغذائية المعلبة) تُستخدم للترويج لها في الأسواق العالمية.

تعاني بيئة الگيُوج من تهديدات عدّة، منها: الجفاف وتغيرات درجات الحرارة وتدهور الغابات، كما أن نسبة كبيرة من السكان المحليين والمستهلكين المحتملين لا يعرفون فوائد هذه الفاكهة ولا قيمتها الاقتصادية.

آراء الخبراء

يركز التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، على آراء الخبراء حول هذه الفاكهة.

حيث تقول سارا موسوي، وهي أخصائية تغذية، إن "الگيُوج غني بمضادات الأكسدة والمركبات المضادة للالتهاب، ومن الممكن أن يلعب دوراً مساعداً في تعزيز صحة القلب وضبط ضغط الدم، ومع ذلك، يجب عدم تناوله عشوائياً، خاصة مع أدوية القلب، خشية حدوث تفاعلات دوائية".

بدوره يقول رضا أكبري، الخبير في التراث الثقافي في محافظة إيلام، إن "الگيُوج جزء من الروح الثقافية والطبيعية للمنطقة؛ وإذا ما تم التعريف به كمنتج محلي أصيل، من الممكن أن يساهم في تعزيز الهوية المحلية".

ويضيف، "من الضروري أن يحظى تراثنا الطبيعي بمزيد من التعريف العلمي والثقافي، بحيث لا يستثمر اقتصادياً فحسب، بل يحافظ عليه أيضاً."

وينقل التقرير عن المهندسة إلهام رستمي، الخبيرة في الموارد الطبيعية والزراعة الجبلية، توصيتها بإعداد برامج لإدارة الغابات وزراعة الگيُوج بشكل تكاثري؛ وإنشاء محطات زراعية نموذجية على سفوح الجبال؛ والحفاظ على الكائنات الدقيقة في التربة؛ وتدريب السكان المحليين على أساليب القطف الصحيحة؛ وإنتاج شتلات من بذور الگيُوج لزيادة المساحات المزروعة".

وعلى الرغم من أن الگيُوج أو الزعرور في إيلام لا يزال منتجاً محلياً، إلا أن له إمكانات كبيرة للنمو على الأصعدة العلمية والاقتصادية والثقافية.

ولتحقيق الاستفادة المثلى والمستدامة منه، يُوصى بتعزيز الأبحاث العلمية في مجالات الجينات، الكيمياء الحيوية، وزراعة الزعرور، وإعداد برامج لإدارة الحصاد والحفاظ على الموارد الطبيعية، فضلاً عن تطوير منتجات غذائية وصحية مشتقة من الگيُوج بمعايير جودة مناسبة.

كما يُوصى وفقاً للتقريربرفع الوعي العام بفوائده وأهميته البيئية والصحية، والترويج له في الأسواق المحلية والعالمية باعتباره منتجاً أصيلاً وقيّماً من تراث جبال زاغروس.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon