"متحف سجون سوريا".. أرشيف رقمي يوثق "القمع" في عهد الأسد

"متحف سجون سوريا".. أرشيف رقمي يوثق "القمع" في عهد الأسد
2025-09-17T12:43:36+00:00

شفق نيوز- دمشق  

أطلق فريق من الصحفيين والناشطين السوريين مشروعاً رقمياً يحمل أسم "متحف سجون سوريا"، يهدف إلى تحويل أكثر السجون رعباً في تاريخ البلاد إلى أرشيف حي يوثق الانتهاكات التي ارتُكبت بحق المعتقلين خلال حكم نظام بشار الأسد.

ويقدم الأرشيف، تجربة تفاعلية مؤلمة عبر موقع إلكتروني يتيح للزوار جولات افتراضية بزاوية 360 درجة داخل غرف الإعدام والزنازين، ويعرض شهادات مصورة لناجين من التعذيب، بالإضافة إلى وثائق رسمية وأسماء ضباط أشرفوا على عمليات القمع.

وقال عمر علوان، مدير تصوير متحف سجون سوريا، لوكالة شفق نيوز، إن "المشروع أطلق ليكون متاحاً أمام الجميع حول العالم، بحيث يتمكن الزوار من خوض تجربة تفاعلية داخل المتحف، يتجولون بين جدرانه ويشاهدون الرموز والكتابات التي تركها المعتقلون، كما يتيح المتحف للزوار الاستماع إلى شهادات مصورة لمعتقلين سابقين، يروون فيها تفاصيل حياتهم اليومية داخل السجون، من المعاملة والطعام والحمامات والنظافة وصولاً إلى الزيارات والتفاعل بين السجناء".  

وأضاف أن "اختيار المتحدث على ان يكون رقمياً كونه يضمن وصوله للجميع، ويحافظ على محتواه لفترة أطول، وواجهنا صعوبات في التوثيق، خصوصاً أن سجن صيدنايا تعرض للتخريب بعد سقوط النظام، إلى جانب التحديات اللوجستية في سوريا التي أجبرتنا على استقدام كاميرات وتقنيات التصوير الثلاثي الأبعاد من أوروبا، كما واجهنا عراقيل في الدخول إلى باقي السجون، إذ وثقنا حتى الآن 70 سجناً، فيما نعمل على استكمال توثيق نحو 100 سجن آخر في سوريا".  

وأشار علوان، إلى أن "المحتوى لا يتضمن أي صور حساسة أو مشاهد صادمة، بل يركز على التوثيق البصري والذاكرة الإنسانية، إذ عملنا على توثيق سجون تنظيم داعش في العراق وسوريا والسجون التابعة للنظام العراقي السابق هناك، ونطمح أن تتوسع هذه المنهجية لتشمل سجون أنظمة ديكتاتورية أخرى في المنطقة".

ووفقاً للقائمين عليه فالموقع الإلكتروني للمتحف، أصبح متاحاً في 15 أيلول/ سبتمبر، لعائلات المفقودين، ومحامي حقوق الإنسان، والمؤرخين، في خطوة تهدف إلى دعم العدالة الانتقالية في سوريا.

كما أن المشروع لا يقتصر على التوثيق، بحسب كلام القائمين، بل يشكل أيضاً أرشيفاً جنائياً يمكن استخدامه مستقبلاً في محاكمات دولية ضد مرتكبي الانتهاكات، على أن يُسهم في محاسبة المتورطين في جرائم النظام السابق، وربما يُطلب منهم الإدلاء بشهاداتهم في المستقبل.

ويُركّز المتحف بشكل خاص على سجن صيدنايا، الذي استخدمه نظام الأسد كمحطة نهائية للمعارضين من مختلف التيارات، من الشيوعيين إلى الإسلاميين، ومع تحول الانتفاضة السلمية عام 2011 إلى حرب أهلية، تحوّل السجن إلى مركز للإعدامات الجماعية، حيث كانت تتم عمليات الشنق فجراً، وأحياناً يُجَوّع السجناء قبل الإعدام لتسهيل الموت.

ويتابع القائمون: "في حالات الاكتظاظ، كان الحراس يلجأون إلى الضرب حتى الموت أو الخنق، بحسب شهادات الناجين، وأن هذه التفاصيل تُعرض في المتحف بأسلوب تفاعلي يهدف إلى إحياء ذاكرة الضحايا وتكريمهم".

رغم مرور أكثر من تسعة أشهر على سقوط نظام بشار الأسد، ما يزال مئات الآلاف من السوريين يبحثون عن أقاربهم المفقودين. 

ويُعد "متحف سجون سوريا" محاولة جريئة لإعادة بناء الذاكرة الجمعية، وكشف آليات القمع التي كانت تُمارس في الظل، من دون قواعد واضحة أو تسلسل هرمي معروف.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon