خاص.. كلفة الإنتاج والمنافسة الخليجية تهدد الصناعة السورية
شفق نيوز- دمشق
حذّر مسؤول سوري، الثلاثاء، من أن ارتفاع كلفة الإنتاج مقابل المنتجات المستوردة المدعومة يضع الصناعة المحلية في منافسة غير متكافئة ويحد من توسعها محلياً وخارجياً.
وقال مدير إعلام الإدارة العامة للصناعة السورية رجا العبدالله، لوكالة شفق نيوز إن "قطاع الصناعة في سورية يواجه اليوم جملة من التحديات أبرزها ارتفاع تكاليف الإنتاج مقارنة بالمنتجات المستوردة، ولا سيما القادمة من دول تعتمد سياسات دعم مباشر لمنتجاتها المحلية، مثل دول الخليج التي تقدم حوامل الطاقة بأسعار أقل من الأسعار العالمية، ما يضع المنتج الوطني أمام منافسة غير متكافئة".
وأشار العبدالله إلى أن "من أبرز الصعوبات أيضًا تدفق بعض المنتجات المستوردة منخفضة الجودة وبأسعار متدنية، الأمر الذي يضعف القدرة التنافسية للمنتج المحلي، إضافة إلى تراجع الصادرات نتيجة زيادة القيود المفروضة من بعض الدول على المنتجات السورية".
وبيّن العبدالله أن "تجاوز هذه التحديات يتطلب العمل على إعادة هيكلة كلف الإنتاج وتخفيضها من خلال تنسيق فعّال بين الحكومة وقطاع الأعمال، إلى جانب رفع جودة المنتج الوطني، وتشديد الرقابة على المنتجات المستوردة، واتباع مبدأ المعاملة بالمثل مع الدول التي تفرض قيودًا على الصادرات السورية".
وأكد أن "تعزيز القدرة التنافسية للصناعة السورية لا يمكن أن يتحقق إلا عبر تخفيض التكاليف والالتزام بمعايير الجودة العالمية بما يتيح للمنتجات السورية الدخول إلى الأسواق الخارجية".
وأضاف أن "بناء منظومة وطنية متكاملة للجودة من شأنه رفع تنافسية المنتج السوري والحد من دخول المنتجات الرديئة، لافتًا إلى وجود نماذج تعاون ناجحة مع دول الجوار، سواء على صعيد التبادل التجاري أو تطوير السياسات الصناعية، مثل الدعم الفني وتدريب الكوادر البشرية بالتعاون مع الأردن، أو تحقيق التكامل في السياسات الصناعية كما هو الحال مع المملكة العربية السعودية".
ورأى العبد الله أن "الحكومة تعمل حاليًا على رسم سياسة جمركية متوازنة تهدف إلى تخفيض كلف الإنتاج وتحقيق منافسة عادلة بين المنتج المحلي والمستورد، وتقييد دخول المنتجات التي لها بديل محلي يغطي حاجة السوق وبجودة وأسعار منافسة، إلى جانب تطبيق قوانين مكافحة الإغراق وحماية الصناعة الناشئة، والعمل مع قطاع الأعمال على إعادة هندسة التكاليف ضمن برامج ومشاريع تنموية تعزز التنافسية الصناعية".
وشدد على "أهمية إعادة النظر بالبيئة التشريعية الناظمة للقطاع الصناعي، من خلال إصدار قانون جديد لتنظيم الصناعة وتشجيعها، إلى جانب قوانين تنظم عمل القطاع الخاص الصناعي، مثل قانون الاتحادات النوعية، وإحداث مراكز فنية داعمة كمركز التحديث الصناعي والمراكز الفنية القطاعية".
ونوه إلى "ضرورة التنسيق مع المؤسسات التمويلية لتقديم الدعم المالي للمنشآت المتوسطة والصغيرة عبر التسهيلات الائتمانية وتطبيق قانون التمويل التأجيري، إضافة إلى تبني سياسات تشجيعية تستهدف القطاعات ذات القيمة المضافة العالية".
ولفت العبد الله إلى أن "الشراكة بين القطاع الخاص الصناعي والحكومة في صياغة السياسات والبرامج تمثل حجر الأساس لتطوير الصناعة في سورية، موضحًا أن القطاع الخاص يمتلك المرونة والآليات التنفيذية، في حين تتولى الحكومة إصدار القرارات والتشريعات اللازمة استنادًا إلى معطيات الشريك الصناعي".
وأكمل أنز"الصناعات المتوسطة والصغيرة تشكل العمود الفقري للقطاع الصناعي السوري، لما لها من دور محوري في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير فرص العمل، وربط الأنشطة الاقتصادية المختلفة".
وزاد بالقول إن "السياسات الحكومية الحالية تستهدف تطوير بيئة عمل هذه الصناعات من خلال تحسين البيئة التشريعية والتنظيمية، وتطوير القطاع المالي، والتعليم والتدريب، وآليات التسويق".
وتابع أن "الكوادر البشرية تمثل عنصرًا أساسيا لتحقيق تنمية صناعية مستدامة، مؤكدًا أهمية التدريب المهني وربطه باحتياجات السوق المحلي، وضرورة إعداد برامج تدريبية على المستويات الإدارية والفنية والتنظيمية وربطها بخطط التنمية الإدارية".
وبيّن العبد الله أن "مشاريع إعادة الإعمار تعتمد بشكل جوهري على القطاع الصناعي، حيث إن إعادة بناء أي منطقة تتطلب منتجات ومعدات وقوى عاملة، وكلما توفرت هذه العناصر محليًا كانت عملية الإعمار أسرع وأقل تكلفة"، موضحاً أن "الصناعات الوطنية قادرة على تقليل الاعتماد على الاستيراد في حال تغطية الطلب المحلي بجودة وأسعار منافسة".
وشدد على أن مرحلة إعادة الإعمار تتطلب استدامة في تأمين حوامل الطاقة بأسعار مناسبة، معتبرًا أن الصناعات المرتبطة بالطاقة، إلى جانب الصناعات الكيميائية والهندسية ومواد البناء، تشكل عصب هذه المرحلة"، مؤكداً أن "وجود صناعة وطنية عالية الجودة بتكاليف مناسبة سيساهم في تخفيض كلفة إعادة الإعمار وتسريع تنفيذها".
وختم العبد الله بالتأكيد على أن "الصناعة السورية، التي شكلت لعقود ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، تقف اليوم عند مفترق طرق حاسم، إما استغلال فرصة إعادة البناء على أسس حديثة وتنافسية، أو الاستسلام لضغوط المنافسة الخارجية واعتبر أن النجاح يتطلب تبني سياسات وبرامج تنموية واضحة، تُنفذ ضمن إطار زمني محدد بشراكة حقيقية مع القطاع الخاص".