حي "القنوات".. ذاكرة دمشق ورابط المدينة بتاريخها العمراني القديم (صور)

حي "القنوات".. ذاكرة دمشق ورابط المدينة بتاريخها العمراني القديم (صور)
2025-12-25T19:29:05+00:00

شفق نيوز- دمشق  

حي "القنوات"، وهو من أقدم أحياء مدينة دمشق وأكثرها ارتباطاً بتاريخها العمراني والاجتماعي، حيث يقع جنوب ساحة المرجة والى الشرق من سوق الحميدية، ويُشكّل جسراً حيوياً تجارياً وسكنياً بين دمشق القديمة ومحيطها الحديث.

وسُمّي الحي بهذا الاسم نسبةً إلى شبكة القنوات المائية الرومانية القديمة، حيث بُني فوق شبكة معقدة من القنوات المائية الرومانية الأثرية التي كانت تُغذي مدينة دمشق القديمة بالمياه، وما زال بعض بقايا هذه القنوات والأنفاق الحجرية موجوداً تحت أبنية الحي وأزقته حتى اليوم. 

وتشير العمليات المسحية إلى أن هذه القنوات قد تفرعت عن أحد فروع نهر بردى السبعة، إذ يدخل من منطقة "الشادروان" ويسير في قناة رومانية عميقة محمولة على قناطر حجرية متجهاً نحو سور المدينة القديمة.

ويقول الباحث والمؤرخ خير الدين الأسدي، في حديثه عن دمشق، لوكالة شفق نيوز، إن "أسماء الحارات ليست تسميات عابرة، إنما جرت العادة قديماً من خلال هذه التسميات لفهم مفاتيح وظائفها ودورها في حياة المدينة"، في إشارة إلى أن حي القنوات يحفظ في اسمه وظيفة اندثرت شكلاً، لكنها بقيت حاضرة في الذاكرة والمكان.

ورغم اختفاء القنوات المائية من المشهد العمراني الحالي، غير أن الحيّ لم يزل شاهداً على مرحلة كانت فيها دمشق تُبنى حول الماء، لا فوقه، ما يمنحه قيمة تراثية تتجاوز الحجر إلى المعنى.

ويتميّز حي القنوات بطابعه العمراني الدمشقي التقليدي، حيث تنتشر البيوت العربية ذات الأفنية الداخلية، إلى جانب الأبنية الحكومية التي تعود لبدايات القرن التاسع عشر، ما يمنحه خصوصية تجمع بين الأصالة والتغيّر التدريجي والتوسع العمراني.

وعلى الصعيد الاجتماعي، حافظ الحي على نسيجه الشعبي المتماسك، إذ يضم خليطاً من العائلات الدمشقية القديمة إلى جانب سكان وفدوا إليه عبر العقود، كما يشتهر بأسواقه الصغيرة ومحاله التقليدية التي ما زالت تلعب دوراً في الحياة اليومية لسكان المنطقة وسكان مناطق دمشق الحديثة المختلفة.

ورغم التحديات الخدمية والاقتصادية التي شهدها خلال السنوات الماضية، لا يزال حي القنوات يحتفظ بحضوره كأحد أحياء دمشق الحيوية، ومكانٍ تختزل شوارعه الضيقة المرصوفة بالاحجار البازلتية وبيوته الحجرية القديمة جزءاً من ذاكرة المدينة وتحوّلاتها.

وبحسب التاريخ الدمشقي فأن الحي سكن أبان العهد المملوكي، وازدهر في العصر العثماني، بعد اعتماد عدد من الابنية فيه كمؤسسات حكومية، وفي بداية القرن العشرين، ومع إنشاء "محطة الحجاز" (التي كان يطلق عليها سابقاً محطة القنوات)، أصبح الحي مركزاً حيوياً يربط دمشق بالعالم عبر الخط الحديدي الحجازي.

يحتوي حي القنوات على العديد من المعالم التاريخية التي تعود لعصور مختلفة، منها: المدرسة السيبائية، وجامع العجلوني، كما يحوي على قصر الزعيم الوطني السوري فخري البارودي الذي استضاف في ما بعد سيدة الغناء العربي أم كلثوم خلال زيارتها دمشق. 

ويشكل الحي الآن إرثاً حضارياً وانسانياً، ومنفذاً تجارياً لمختلف البضائع، ومقصداً للباحثين عن أحياء دمشق القديمة على اختلاف عصورها.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon