التزوير وسوء الاستشارة سيفشلان مشروع مترو بغداد

التزوير وسوء الاستشارة سيفشلان مشروع مترو بغداد

عبدالزهرة مطر الكعبي

2025-02-02T21:34:33+00:00

نشرنا قبل شهرين تقريبا مقالا عن تزوير كفالة بنكية صادرة من Deutsche Bank الالماني بقيمة 25 مليار دولار مقدمة من قبل تحالف فاسخود الفائز بفرصة تنفيذ مشروع مترو بغداد كفرصة استثمارية بصيغة DBOMFT. ولكوني مطلع على حيثيات الموضوع بشكل تفصيلي عبر المشاركة الفعلية والمتابعة اود تسجيل بعض الملاحظات التالية :-

1- المشروع بشكله المعلن الحالي فيه الكثير من السطحية واحيانا الجهل الفني مما ادى الى ارتباك في وضع الشروط والمواصفات وكنا لا نتمنى ان يكون التعامل مع هكذا مشروع يعتبر من المشاريع العملاقة حول العالم . وقد كتبنا الكثير من المقالات عن الموضوع وقبلها كتبنا تقرير فني عام 2009 الى رئيس مجلس الوزراء لكن تم التعامل معه وفق المحسوبية والعلاقات ، وبعد اعلان المشروع عام 2024 كتبنا ملاحظات لتقييم ملف بناءا على ما اعلنه المستشار وامانة بغداد ونحن على استعداد لمناقشة هذا الامر اعلاميا لبيان مواضع الخلل والتصويب لها بناءا على خبرات تمتد لاكثر من اربعين عاما مضت من اجل ان نحقق حلمنا الذي امتد عقودا طويلة حيث كانت بغداد اول مدينة في المنطقة باشرت فعليا باجراءات تصميم وتنفيذ المشروع بالتوازي مع محاولة ايرانية لاحقة في اواخر عهد الشاه.

2- نعرج على موضوع التزوير، من المعروف ان المانيا هي من المؤسسين الرئيسيين لعملة اليورو وان التعاملات البنكية الأوروبية تتم باليورو حصرا، في حين ان كتاب الكفالة المنوه عنه اعلاه كان بالدولار ، وصيغة اعداد الكتاب كانت من المتداولة عراقيا بعيدة عن النمط الاوربي ، ولا اعرف كيف لم ينتبه احدا من المؤسسات الحكومية التي مر عليها الكتاب والتي تعني بين طياتها اما ضعفا في الادارة او لأغراض اخرى لا يعلم بها الا الله والقائمون على العمل. لذلك هذه الجهات الحكومية هي من تتحمل نتائج هذا التزوير لآن من صلب واجباتها تدقيق مرفقات العرض الاستثماري المقدم من قبل فاسخود وضرورة التاكد من صحة التمويل والشركات المكونة للتحالف قبل الاعلان عن الاحالة، لأن قبولها وثائق مزورة وتحالفات غير مؤكدة تحمل الكثير من التأويلات منها الضعف الاداري والفني وامور اخرى، وألأهم تضليل السيد رئيس الوزراء الذي وضع ثقته في هذه الجهات وليس فاسخود الذي ربما كان ضحية طرف ما.

3- عند الاعلان عن فوز تحالف فاسخود بالفرصة الاستثمارية قيل ان التحالف هو مجموعة من الشركات الاجنبية منها سيسترا الفرنسية التي تواصلت معها شخصيا لوجود علاقة عمل سابقة في نفس الموضوع ، من خلال احد مدرائها الذي اكد عدم وجود مثل الفرصة (نسخة الجواب موجودة). وهذا الامر ايضا يلقي بظلاله على صحة وجود بقية الشركات المكونة للتحالف.

4- تأخر الاعلان عن الجهة المرشحة للفوزبفرصة الاستثمار للمشروع بسبب الرغبة في اشراك الاستشاري الماليزي في تدقيق عروض المشاركين في المنافسة الاستثمارية وكان ذلك لقاء مبلغ مالي خارج قيمة العقد الموقع وهذا ما يفهم من نص فقرة وردت ضمن قرارات اجتماع مجلس الوزراء في 10 حزيران 2024 والتي تنص على زيادة الكلفة الكلية للمشروع – الخدمات الاستشارية لمشروع اعمال تقويم المستثمرين ، في حين ان العقد المبرم مع الاستشاري يجب ان يتكفل تقييم عروض المستثمرين وعروض وتصاميم المشروع المقدمة لاحقا من قبل المستنثمر الفائز ولنا تجربة في عقد مترو بغداد عام 1982 حيث مثل الاستشاري العام الجانب العراقي تحليل جميع العروض الوارده ووضع معيار التصميم (Design Manual) ليكون دليل عمل للشركات التصاميم التفصيلية وللأمانة شتان بين نسخة ثمانينيات القرن الماضي التي كانت موضع تقييم عالي الكفاءة لأنها استندت الى دراسات سابقة استغرقت سنوات وبين نسخة فوضوية لا تستند الى دراسات ،

5- ومع ذلك فشل الاستشاري الماليزي في تقييم العروض رغم سطحية شروط المناقصة حيث مر التزوير وعدم التاكد من المقدرة الفنية للمستثمر وكان الاولى قيام فريق عمل فني عراقي للمفاضلة بين العروض لحفظ المال العام.

6- وعدنا السيد المستشار ان الخط الاول سينجز بعد 18 شهرا وخلال فترة وجود السيد السوداني على سدة الحكم ، مرت سنة دون اية فعل مما يؤكد ان الارتجال وعدم المهنية هي ديدن المشروع .

7- اذا كان التزوير قد مر مرور الكرام دون رادع، هنالك ما هو الادهى يتمثل بمنح الاستشاري الماليزي مجانا تصاميم مشروع مترو بغداد التي انجزت من قبل اشهر الشركات العالمية والأكثر كفاءة من الشركة الماليزية بكثير فقد كلفت هذه الوثائق عشرات الملايين من الدولارات على مرحلتين مع عدم وجود مبرر تعاقدي او قانوني يفرض ذلك سيما ان الخطوط الجديدة المعلنة لم تتضمن ايا من الخطوط السابقة وهذا يمثل خيانة وتفريط بالملكية الفكرية للحكومة.

8- من خلال حادثة التزوير نقرأ ان شروط الحقيبة الاستثمارية لم تكن احترافية لتمنع من هم خارج تصنيف الاقتدار المالي والفني والتخصص في هذا المجال من الاشتراك ، حيث تبين ان المستثمر كان يعول كليا على قرض بهكذا مبلغ اضافة الى عدم امتلاكه الخبرة الفنية في هذا المجال، فكما يعلم الجميع ان البنوك تطلب ضمانات مقابل قروض صغيرة فكيف لمبلغ بهذا الحجم ولمشروع ضخم سوف يستغرق تنفيذه في اقل تقدير سبع سنوات اضف الحاجة الى كلف للتشغيل مع وجوب البدء باسترداد مبلغ القرض وفوائده ، ووفقا للتجارب العالمية فان السنتين الاولى والثانية وربما الثالثة قد تصل نسبة الاستخدام ثلث الطاقة التصميمية لتفاصيل لا مجال لذكرها هنا واية مشكلة في التمويل تنعكس سلبا على الانجاز. واخشى ما اخشاه وفي ظل الفساد والفوضى ان يُضمٍن المستثمر فقرة ان يكون القرض سيادي مما يدفع الى القول كان من الاولى ان تتبنى الدولة المشروع. حيث ان انظمة النقل العام وخصوصا المترو نُفذت وتُنفَذ من قبل الحكومات في كل لنحاء العالم لانها مشاريع خدمية تقدمها الحكومات لشعوبها لاهميتها صحيا واجتماعيا واقتصاديا ، ولم نسمع او نقرأ ان يكون مشروعا مماثلا وبهذه الضخامة من الفه الى يائه يُمنح بطريقة الاستثمار وياريت السيد المستشار ان يقدم لنا نموذج مشابه حول العالم تم تنفيذه بهذه الطريقة.

9- اشرنا ان مشاريع المترو هي الاطول في مدة التنفيذ والسؤال هل سيبقى سكان بغداد يعانون من الازدحامات ومن التنفيذ ولنا تجربة معاناة خلال تنفيذ جسور لفك الاختناقات رغم عددها المحدود واطوالها القصيرة مقارنة بخطوط مترو معلقة بعشرات الكيلومترات.

10- اقترحنا ستراتيجيات ضمن دراسة بنيت على حلول عالمية اعتمدت للألفية الثالثة وهذه الحلول حظيت بدعم الامم المتحدة والبنك الدولي واصبحت جزءا من اهداف الامم المتحدة السبعة عشر لها نفس كفاءة المترو ان لم تتفوق عليه سريعة التنفيذ وبمبالغ متدنية جدا بعضها قد تكون مُنح وتصنف على انها صديقة للبيئة ولها مردود صحي على المجتمع وتخفف من الازدحام وهذه الستراتيجيات ستنقل بغداد الى مصاف المدن الحضرية المستدامة، (نسخة من هذه الدراسة موجودة لدى مجلس الوزراء ) وبذات الوقت يمكن تنفيذ مشروع مترو بغداد بصيغته السابقة التي اقرتها دراسات رصينة سابقة وليست هذه الفوضوية.

11- ختاما نحن بحاجة الى جهد وطني حقيقي وليس استعراض ونترك التلوث يفتك بنا وبأهلنا.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon