من بريق الملاعب إلى ظلام تهجير الفيليين.. حكاية النجم الكروي علي حسين

شفق نيوز/ عندما تتم الإشارة إلى نجوم الكرة العراقية، أو ما يعرف بالجيل الذهبي، يبرز اسم النجم الدولي علي حسين محمود (أبو رامي) كأحد أبرز هدافي المستطيل الأخضر وأصحاب البصمة الواضحة في تاريخ الكرة العراقية.
بزغ نجمه منذ مرحلة الفرق الشعبية، ثم واصل تألقه ليخطف الأضواء في المنتخبات الوطنية، متزاحماً مع رموز بارزة أمثال فلاح حسن وعلي كاظم وثامر يوسف وغيرهم من كبار نجوم الكرة العراقية آنذاك
لقد عُرف علي حسين بمهارات استثنائية قلّ نظيرها، فهو هداف من الطراز الأول يجمع بين البنية القوية والمهارة العالية والحس التهديفي المميز، فضلاً عن سرعته النادرة وقوته الانفجارية. ورغم هذا البريق في الملاعب، إلا أنه عانى معاناةً قاسية كادت تُنهي مسيرته الكروية، وذلك بسبب انتمائه إلى عائلة من الكورد الفيلية؛ إذ كانت والدته فيلية، الأمر الذي عرّضه لخطر التهجير القسري.
يروي علي حسين، الذي استقر لاحقاً في هولندا مهاجراً، المعاناة التي واجهها مع عائلته والتي كادت تودي بمشواره الرياضي.
فقد كان منتسباً برتبة مفوض في وزارة الداخلية ومفرغاً لنادي الشرطة، قبل أن يتفاجأ بصدور قرار يقضي بنقله من مفوض في سلك الشرطة إلى موظف بسيط في وزارة الشباب والرياضة؛ والسبب كما اتضح يعود إلى كون والدته كوردية فيلية. كانت تلك الفترة تشهد تهجيراً وظلماً ممنهجاً للكورد الفيلية، وصدر قرار بترحيل عائلته بأكملها إلى إيران، غير أنه تمكّن بفضل نجوميته وعلاقاته من إنقاذ والدته والإبقاء عليها في العراق بعد معاناةٍ طويلة.
ورغم نجاحه بإنقاذ والدته، فقد رُحّل 95 فرداً من أقاربه، قضى بعضهم جرّاء ظروف الرحلة القاسية، ومنهم خالته التي تُوفيت في طريق التهجير. وبعد رحيل غالبية أفراد عائلة والدته، انتابها الحزن الشديد الذي أودى بحياتها لاحقاً، الأمر الذي ترك جرحاً بالغاً في نفسه.
يتحدث علي حسين لوكالة شفق نيوز، بأسى عن هذا الفصل المؤلم، ويؤكد أن ما تعرّض له الكورد الفيليون من تهجير وظلم يُمثّل جرحاً لا يندمل لدى كل من عانوا من هذه الإجراءات القاسية، ويقول إنه رغم التضحيات التي قدّمها لأجل المنتخب العراقي وتمثيله الوطن في الملاعب، إلا أنه لم يسلم من الاضطهاد على أساس انتمائه لأم كوردية فيلية.
وفي خضم هذه الأحداث، واصل علي حسين كفاحه للحفاظ على مشواره الكروي، ويقول: "لقد عانينا كما عانى بقية الكورد الفيليين جراء التهجير والظلم ولنا مع كل عائلة قصة مؤلمة لانستطيع نسيانها لاسيما بعد التضحيات التي قدمها أبناء هذه الشريحة رغم انهم عوائل عراقية تجذرت عروقهم في العراق".
ويسرد علي حسين إحدى محطاتها التي لم يفارقها، ولكنها تركت أثراً: "من خلال مساعي مدير شرطة بغداد عبد الخالق عبد العزيز الذي حصل على موافقة قرار اللعب ضمن صفوف فريق الشرطة حتى عام 1983، اذ تم تنسيبي كجندي احتياط في قيادة قوات الحدود، ومثلت فريق نادي الحدود المتواضع آنذاك في بطولة كأس وزير الداخلية، وقد اشترطت علي القيادة اما اللعب مع فريق الحدود او نقلي الى جبهات القتال خلال الحرب العراقية الايرانية فوافقت لتمثيل الحدود بعدها طلبت مني إدارة نادي الجيش تمثيل فريقها الكروي فوافقت كون نادي الجيش معروف ومن فرق المقدمة ويلعب في دوري الكبار آنذاك، لكن مدير نادي الحدود المقدم عدنان عبد الحمزة رفض رفضاً قاطعاً نقلي، لولا وقفة العميد الركن آنذاك احمد عباس ابراهيم والذي لا انسى فضله على مشواري الكروي حيث حصل على موافقة وزارة الدفاع وموافقة عدنان خير الله وزير الدفاع شخصيا بالنقل إلى مديرية ألعاب الجيش لتمثيل كرة نادي الجيش، وتمكنت مع زملائي احراز اول لقب للجيش وهو الوحيد بتاريخه عام 1983-1984 وان احصل على لقب هداف الدوري وهو اللقب الثاني في مشواري الكروي في الاندية العراقية".
ويضيف: "لكنني في عام 1985 عدت لتمثيل الشرطة ومثلته في بطولة الشرطة العربية الثالثة لكرة القدم التي استضافتها العاصمة بغداد عام 1985 وذلك بعد ان تمت دعوتي من خلال مديرية ألعاب فريق الشرطة لتمثيل النادي في تلك البطولة على سبيل الإعارة وتوجنا في وقتها باللقب، كما عدت مجددا لتمثيل نادي الشرطة في الدوري العراقي للموسم الكروي 1985 - 1986، وبعد ترك عمو بابا تدريب الجيش قررت الالتحاق بفريق نادي الجيش ومثلته مرة أخرى في موسم 1986 - 1987 لأقرر بعد ذلك اعتزال الكرة بشكل نهائي.
وفي عام 1998 هاجر إلى هولندا بعد أن باع كل مقتنياته التي تربطه بالعراق.
عبر هذه المحطات المتقلبة، يجسد مشوار علي حسين محمود حكاية نجم عراقي جمع بين التألق والاضطهاد، وتحمّل معاناة بسبب جذوره الكوردية الفيلية، ليبقى اسمه من رموز الكرة العراقية التي واجهت التحديات بموهبته.