إلغاء “ذكرى الإبادة الجماعية للفيليين”!

علي حسين فيلي/ في ظل الأزمات المالية والإدارية المتفاقمة، وانتشار الفساد داخل المؤسسات المعنية، يبرز تساؤل: هل لا يزال هناك أمل في تحسين أوضاع الكورد الفيليين رغم محدودية مطالبهم؟
إن دعم هذه القضية يتطلب حضوراً فاعلاً من الأطراف السياسية والحكومية، التي وإن لم تولِ الموضوع الاهتمام الكافي في الماضي، لا تزال تملك القدرة على المشاركة الفاعلة في وضع حلول عملية.
تُعد أنشطة شهر نيسان من المناقشات والاحتفالات الرسمية الوحيدة رغم محدوديتها حيث واجهت العديد من التقلبات خلال السنوات الأخيرة؛ فقد أسفرت هذه العملية تارةً عن قرارات وأحداث إيجابية، وأحياناً أخرى عن ظواهر متفاوتة، ما يؤكد تعقيد هذا المسار الذي يتطلب التعامل مع السلطات والحركات السياسية والمؤسسات القانونية والهيئات التنفيذية، في محاولة للتخفيف من آلام هذه الكارثة ومخلفاتها.
وقد شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في إحياء ذكرى المأساة بفضل دور الأطراف القومية والمذهبية، إلى جانب جهود المخلصين، سواء ممن يمتلكون نفوذاً داخل دوائر السلطة أو من المتطوعين الذين سعوا بحسب إمكاناتهم. ولا ينبغي إغفال أسماء هؤلاء عند استذكار هذه المناسبة.
مرت عملية إحياء الذكرى بمحطات متعددة منذ عام 2004، مع مشاركة جماهيرية ورسمية تفاوتت بين الحضور الواسع والخجول.
اليوم، يضم المشهد السياسي والبرلماني والحكومي عدداً لا بأس به من الشخصيات الفيلية، الذين بإمكانهم، استناداً إلى درجة اهتمامهم وإحساسهم بالمسؤولية، الإسهام في تعزيز هذه الذكرى وترسيخها كإحدى المناسبات الوطنية الكبرى، وأكثرها تأثيراً في التعريف بجرائم الإبادة الجماعية المرتكبة في العراق. ولا شك أن بذلنا للجهود الفردية والجماعية، إلى جانب الدعم الحكومي الجاد، من شأنه أن يساهم في فضح هذه الجرائم التي استهدفت شعباً كاملاً ومحو آثارها، وتعويض الأضرار التي خلفها النظام البعثي البائد.
ورغم تأسيس عشرات المنظمات الاجتماعية والسياسية الفيلية، إلا أنها، لأسباب شتى، لم تتمكن حتى الآن من توحيد جهودها في أنشطة جماعية فاعلة. ومع ذلك، يمكن القول بتقييم عادل إن الالتزام القومي ما يزال يمثل نقطة ضوء تبرر شرعية اعتراضات الفيليين، في وقت تعترف فيه القوى السياسية الشيعية وبل تحرّمها وفق أدبياتها بأن تهجير الفيليين وإبادتهم يمثلان جريمة لا تسقط بالتقادم. ومن هنا، فإن الحديث عن إلغاء هذه المذبحة أو سمها ما شئت أمر غير وارد إطلاقاً.
استناداً إلى هذا الوعي، تبرز ضرورة مضاعفة الجهود لحماية الحقوق المادية والمعنوية للناجين من الإبادة، الذين تجاوز عدد ضحاياهم المسجلين في مؤسسة الشهداء 16 ألفاً.