فرهاد زنگنە: ألم الغربة وذكريات خانقين مصدر إلهامي الشعري

فرهاد زنگنە: ألم الغربة وذكريات خانقين مصدر إلهامي الشعري
2025-04-15T13:18:56+00:00

شفق نيوز/ يتحدث الشاعر فرهاد زنگنە، الذي وُلِد عام 1970 في قرية ملا رحمان – ميخاس، عن ظلال الاغتراب التي تلاحقه وذكريات مدينة خانقين التي تركها قسراً في طفولته، وكيف شكّلت هذه التجارب العمق العاطفي الذي ينعكس في شعره المكتوب باللهجة الكوردية الجنوبية الفيلية.

من خانقين إلى بغداد: نشأة على هامش النسيان

عاش زنگنە تجربته الشخصية منذ نعومة أظفاره حينما اضطرّ للرحيل عن مسقط رأسه خانقين عام 1975، ومنذ ذلك الحين، حملت جراح الاغتراب ذكريات لم تزل تتجدد في فكره وقلمه. فقد استكمل دراسته في بغداد، حيث برزت لديه معالم الشغف بالشعر الذي كان له تأثير بالغ منذ الطفولة.

وفي كلماتٍ أدبية صريحة، يقول زنگنە خلال مقابلة مع وكالة شفق نيوز: "بدأت في كتابة الشعر عندما بلغت العشرين؛ كانت أول قصيدتي أهديتها لوالدتي، وتوالت بعدها الذكريات مع خانقين."

يعتبر زنگنە الشعر وسيلة للبقاء على اتصال مع أصوله وهويته الثقافية في ظل محاولات النسيان والاندثار التي تعصف بالذات الكوردية التقليدية. ورغم مرور الزمن وتغير أساليبه، يصر الشاعر على عدم محو أعماله القديمة؛ إذ يرى أن مراجعتها تمنحه فرصة للتأمل في مسيرة فنه وتطوره.

يقول مبتسمًا: "بعد مضي الوقت أقرأ أشعاري القديمة وينتابني الضحك على ما كتبت في بداياتي، لكنني لا أتخلص منها، بل أحتفظ بها كذكرى للماضي وإلهام للمستقبل."

صوتٌ في فضاء الأدب الكورد: تحديات وإبداعات

يبرز في حديثه التقدير العميق للهجة الكوردية الجنوبية الفيلية، التي يرى أنها قادرة على لمس القلوب وتحقيق الصدى بين أفراد الجمهور المحلي. غير أن التحديات ما زالت قائمة؛ إذ يشكو من ضعف القراءة لدى فئات معينة من المتحدثين باللهجات الكوردية الأخرى، وهو ما يعكس واقعًا أعمق من التخلف في مجالات الأدب غير الشعري.

ويضيف: "إن نقص الرواية والقصة في لهجتنا يعود، ربما، إلى غياب المدارس الأدبية الخاصة التي تحفز الكتّاب على الإبداع بلغتنا الأصيلة، مما يحرمنا من استثمار ثري للتراث الشفهي والقصصي المتوارث."

على الرغم من أن صدى أعماله ينمو عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث شارك في عدة برامج أدبية فنية على الانستغرام مثل "المجلس الثقافي الكوردي" في ألمانيا، يظل حلمه في طبع أول كتاب شعري قائمًا على رأس عجز الموارد وسلاسة النشر الرقمي.

ويوضح زنگنە أن وسائل النشر الحديثة أصبحت في متناول اليد، لكن الطباعة ما زالت تشكل تحديًا في زمن الاقتصاد المتأزم.

يمثل فرهاد زنگنە صوتاً حقيقياً في ساحة الأدب الكورد، حيث يتلاقى الألم والحنين مع قوة الإبداع والرغبة في الحفاظ على الهوية. وبينما ينظر إلى الماضي بابتسامة ملؤها الشجن والتقدير، يصر على تجديد محاولاته لإحياء التراث الكورد الجنوبي. ويبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن الجيل الجديد من استعادة لهجته ومكانتها بين ضفاف الثقافة؟وبرغم الصعوبات، يقول إنه عازم على أن يكون جزءاً من الحركة التي تسعى لإعادة اللغة الكوردية إلى سابق عهدها، جاعلاً من شعره جسرًا يربط بين الماضي والحاضر في رحلة لا تنتهي من البحث عن الذات والهوية.

ففي عالم تتداخل فيه الذكريات مع التحولات الجذرية، يقدم فرهاد زنگنە رؤيته الثاقبة لحالة المهجرين والمهجرين، ليجد في الأدب ملاذًا يخاطب ضمائر أولئك الذين فقدوا جذورهم ولم يستطيعوا نسيان تاريخهم.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon