الربيع في كرمانشاه.. رحلة من أساطير الكورد إلى معالم السياحة

شفق نيوز/ في كل عام مع قدوم فصل الربيع، تتزين محافظة كرمانشاه (بالكوردية: كرماشان) بخلفيتها الثقافية العريقة، لتكشف عن مزيج فريد من الطبيعة الخضراء والحياة الاجتماعية النابضة.
تقع هذه المحافظة في قلب زاغروس وتُعتبر واحدة من أجمل الوجهات في إيران خلال هذا الموسم، إذ تتجسد فيها جمال الجبال الشاهقة والينابيع الفوارة والحدائق المزهرة، لكن الربيع في كرمانشاه ليس مجرد مشهد طبيعي؛ إنه احتفال متأصل في الهوية والعادات الكوردية.
مع حلول الربيع، تتحول كرمانشاه إلى لوحة فنية تتزين بالزهور البرية مثل شقائق النعمان الحمراء والأقحوانات الصفراء، وتمتد السهول الخضراء وتتجلى المناظر الطبيعية الخلابة، مما يجعل المحافظة وجهة سياحية فريدة تجمع بين الطبيعة البكر والجمال الطبيعي الذي يخطف الأنفاس.
تقاليد وطقوس نوروز
يُعد عيد نوروز، الذي يحتفل به الكورد كرمز لبداية العام الجديد وولادة الطبيعة، الحدث الربيعي الأبرز في كرمانشاه، حيث تبدأ الاحتفالات في شهر آذار وتستمر حتى نيسان، وتشمل طقوسًا عريقة مثل "خانهتکانی" (تنظيف المنزل)، خبز الحلويات التقليدية، تجهيز الملابس الجديدة وإعداد مائدة "هفتسين" المكونة من سبعة عناصر تبدأ أسماؤها بحرف السين. هذه التقاليد تُعد بمثابة تجديد للروابط الاجتماعية وإحياء للهوية الثقافية.
تشتهر المحافظة بمناطق سياحية مميزة مثل "مصيف طاق بستان" الذي يضم آثاراً تاريخية من العصر الساساني، ومدينة "سراب نيلوفر" التي تضم بحيرة مليئة بزنابق الماء، ومنطقة "أورامانات" ذات المنازل المدرجة والهندسة المعمارية الفريدة. تُقام أيضاً مهرجانات محلية ومعارض حرفية تُبرز الثقافة والعادات الكوردية، مما يجعل الزيارة تجربة ثقافية غنية للسياح المحليين والأجانب.
كما تلعب الموسيقى والشعر دورًا محوريًا في الحياة الثقافية في كرمانشاه، خاصة في أيام الربيع.
خلال احتفالات نوروز، تتعالى أصوات الدف والطنبور، وتُقام عروض الرقصات التقليدية، تُضفي هذه الفنون لمسة عاطفية وروحية على الاحتفالات، كما تُبرز الطقوس الشعبية مثل "كوسه گردی" و"سهر سال"، حيث يجتمع السكان لأداء عروض فكاهية وسرد قصص قديمة تعكس تاريخ المنطقة وتراثها.
يرتبط الربيع في كرمانشاه بعدد من الأساطير القديمة التي تروي بدايات فصل التجديد.
يشير الباحث رضا موزوني إلى أن بداية الربيع تُستدل عليها من خلال أول زهرة تظهر في جبال زاغروس، فيما تُعد شجرة تنگز من أول النباتات التي تزهر وتُعلن عن نهاية الشتاء.
كما تروي الأسطورة قصة "كور سياي" (ابن الصياد) الذي يُعتبر رمزاً لتحويل معاناة الشتاء إلى أمل جديد، فيما تبرز مراسم "سهر سال" وطقوس "ميم برجم" كرموز للولادة والخصوبة والتجديد.
وعلى الرغم من أن العديد من طقوس الربيع في كرمانشاه متجذرة في التاريخ والتقاليد القديمة، إلا أن هذه الاحتفالات اليوم أصبحت مصحوبة أيضا بمظاهر الحياة الحديثة.
وتشمل مهرجانات الربيع التي تقام في مختلف مدن وقرى المحافظة، والمعارض الحرفية والبازارات المحلية والبرامج الثقافية المتنوعة التي تساعد على التعريف بالثقافة والعادات الكوردية لأهالي هذه المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، أدى تطور السياحة في السنوات الأخيرة إلى تركيز سكان كرمانشاه بشكل أكبر على الحفاظ على ثقافتهم الأصلية والتعريف بها. وتوفر مساكن السياحة البيئية في القرى الجميلة والتاريخية في هذه المحافظة فرصة للسياح المحليين والأجانب للتعرف على حياة وثقافة الشعب الكوردي.
الباحث والكاتب الكرمانشاهي رضا موزوني، يقول في هذا الصدد في حديث لوكالة مهر الايرانية، ترجمته وكالة شفق نيوز: عند الكورد، يتم تحديد التقويم الموسمي بناء على التغيرات المناخية الملموسة. فبعد تساقط الثلوج والأمطار الغزيرة، يبحث الناس بعناية عن أصغر علامة واعدة بقدوم الربيع في علامات الطبيعة.
وأضاف: بحسب القصص المروية القديمة، رأى رجل أول زهرة ربيعية في أحد جبال زاغروس فأخذها إلى حاكم المنطقة. واعتبر الحاكم هذه الزهرة علامة على قدوم الربيع وأطلق عليها اسم زهرة نوروز.
ترجمة: وكالة شفق نيوز